رأي قلمي

شهر الحب...!

1 يناير 1970 01:49 ص
الحب فن يلزمنا إتقانه والتعرف على خباياه وأسراره، وإن كنا لا نستطيع أن ننكر بأنه يأتي أحياناً دون أن نسعى إليه، أو نبذل جهداً للحصول عليه، وللحب عناصر ومكونات، تؤهلنا لممارسته بشكله الصحيح، ولا يخفى على أحد منا أن الحب هو أرقى مشاعر الإنسانية على الإطلاق، لذا لابد أن نصفيه ونجعله نقياً خالياً من كل ما يشينه أو يقلل من قيمته أو يجعلنا نخجل منه.

وفي الحقيقة الحب يسمو بالنفس ويرتقي بها ويزكيها، فالمحب إذا كان حبه حقيقياً صادقاً فإنه لا يأتي بأفعال هوجاء تتنافى مع الحب الصادق الصافي الراقي، فالحب هو خليط من العلوم العلمية.

إن مشاعر الحب تصاحبها بعض الأعراض والتفاعلات في جسم الإنسان، وهذا ما يجعلنا نجزم بأن الحب كيمياء ولا خلاف عليه، لأنه حين تقوم خلايا المخ المختصة بالمشاعر بإصدار إشارات معينة تقوم الجزيئات الكيميائية بنقل هذه الإشارات لباقي الخلايا ومن ثَمَّ تصدر الأفعال والتفاعلات المصاحبة للحب تجاه من نحب وما نحب، ولطالما كان وما زال الفيزياء هو علم يدرس الظواهر الطبيعية، فالحب هو أهم ظاهرة طبيعية تعصف بحياة الإنسان، أشد من الرياح وأقوى من الأمواج المتلاطمة، وفيزياء الحب تعني تأثيره على المحبين وكيفية السيطرة عليه وكيف نتبادل الحب؟! وكيف يكون الحب مصدر سعادتنا؟! ونثبت أحياء الحب بتغيرات حيوية وبيولوجية تحدث في حياة الإنسان، وخصوصا عندما نلتقي مع من نحب،كالاضطراب، وزيادة عدد ضربات القلب، وخفقانه، والشعور بمشاعر غير عادية، وهذه الاستدلالات تبرهن على أن الحب مجموعة من العلوم العلمية، فهناك كيمياء الحب، وفيزياء الحب، وأحياء الحب.

وبعد أن تعرفنا على ماهية الحب وحقيقته العلمية، لقد أصبح من المسلمات العلمية أن حب الله ثم حب النفس والآخرين، عملية كيميائية محلها الدماغ الإنساني، بل وصار الحب موضوعاً علمياً يمكن ملاحظته وتحليله وتفسيره، ومن ثم التحكم فيه وتوجيهه، لذا عندما لجمنا أنفسنا في شعر الصيام وابتعدنا عن الشهوات، والتزمنا بضوابط الصيام، كانت مشاعر حب الله يرافقها طمعاً بما عند الله من نفحات وعطيات في شهر العتق من النيران والفوز بالجنان، مظاهر تصاحبنا الليل مع النهار، وكانت خلايا المخ المسؤولة عن المشاعر تصدر إشارات كالسهام لنقل بقية الخلايا اتجاه حب الشهر الفضيل واستغلاله بالطاعات وتجميع الحسنات...

إلى أن شارف الشهر الكريم على الانتهاء، فبدأت الظاهرة الطبيعية توجهنا نحو الاستعداد لعيد المسلمين نستشعر فيه الرحمات والفوز بالجنات بعد تزكية النفس بالصيام، وما إن تم الإعلان بانتهاء شهر الصيام، إلا وبدأت ضربات القلب بالازدياد، وتملكنا الاضطراب، والقلب يخفق خفقان العاشق الولهان لطقوس شعيرة العيد، عيد الفرح كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا؛ إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بفطره، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ».

فلنفرح فهذا يوم الفرح والسرور، بضوابط ربانية محمدية، فرح نجني من وراءه ثمرات الحسنات، التي ترتقي بنا لأعلى الدرجات.

[email protected]

twitter: @mona_alwohaib