عائلة الغربللي ... وجهٌ آخر لكرة اليد الكويتية

1 يناير 1970 04:37 ص
محمد الغربللي واحد من ثلاثة أشقاء (خالد وعبدالله) من أبناء هاشم الغربللي، اللاعب الدولي السابق في نادي الكويت ومنتخب كرة اليد.

ثلاث مواهب زجّ بها والدهم منذ نعومة أظافرهم في عالم «اليد»، اللعبة التي تستلزم قوى استثنائية، وكأنه يقول: «هذا إرثكم الحقيقي».

ثلاثة أشقاء أدخلهم والدهم معاً الى نادي الكويت في كيفان ليمارسوا اللعبة الشعبية الثانية جماهيرياً بعد كرة القدم في الكويت.

وعلى خطوات الوالد الذي يمثل قدوتهم اذ كانت له صولات وجولات مع «الابيض» و«الازرق»، لم تتأخر نجومية الثلاثي طويلاً لفرض ذاتها في «صالة العميد»، من خلال ما يملك كل منهم من إمكانات فنية عالية مطلوبة في هذه اللعبة.

تدرجهم في المراحل السنية كان قياسياً نظرا الى موهبتهم حتى أصبح وجودهم في الفريق الاول حتمياً على الرغم من عدم تجاوزهم الـ17 عاماً.

نادي الكويت غاب طويلاً عن المنافسات الحقيقية لبطولات اليد، وكان حضوره ينحصر في تحقيق المفاجآت، خصوصاً في السبعينيات ومنتصف الثمانينيات.

وقد يكون وليد الحجرف العلامة الفارقة في الفريق منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي حتى أوائل الالفية، لكن كما يقول المثل «اليد الواحدة لا تصفق»، اذ لم تكن موهبة الحجرف وحدها كافية لتحصيل الالقاب لـ «العميد».

«الكويت» وجد أخيراً ضالته بعد سنين طويلة: ثلاثة أشقاء موهوبين دفعة واحدة، عقلهم وتفكيرهم كرة يد، كل منهم يقول: أنا الافضل.

لكن محمد كان مختلفا في بعض الجوانب الفنية التي ميزته. كان الاكثر موهبة وروحاً وعشقاً للعبة على الرغم من أن أشقاءه خالد وعبدالله لا يقلون عنه، والثلاثي هو الافضل فنيا ومهاريا حالياً في «مستطيلات اليد».

تغير شكل «العميد» بعد صعود الاشقاء الثلاثة الى الفريق الاول اذ بدأ يحصد ما زرعه وقطف ثمار صبره الطويل، ويُحسب له إعداد تلك المواهب بأفضل صورة، واليوم أصبح «الكويت» ملكاً للعبة بفضل تلك السواعد من أبناء الغربللي.

محمد وخالد موهبتان تنافسا بشدة على المركز الخلفي بساعدهما الايمن، بعد تطابق موهبتهما في الاداء.

ولأن المركب الذي يحمل ربّانين يغرق، فضل «الكويت» زرع محمد في المركز الاساسي، وفتح المجال امام خالد للرحيل بموجب نظام الاعارة الى ناد آخر، فيما لم يجد شقيقهما الثالث عبدالله مشكلة في حجز مقعده نظرا لامتلاكه ساعدا أيسر في المركز نفسه لكن من الجهة الاخرى.

انطلق الثلاثي معاً وفي آن واحد. تألق خالد مع العربي وكان القوة الضاربة معه، لكن محمد وعبدالله كانا قوتين ضاربتين معاً، فأصبح «الكويت» من خلالهما الاقوى في البطولات.

وصلت ذروة تألق محمد في الموسمين الماضيين، فكان الساعد الايمن الاقوى في قيادة «العميد» الى حصد الثنائية (الدوري والكأس) لموسمين متتاليين، ومن دون أي خسارة، وهو إنجاز غير مسبوق.

محمد ليس مجرد لاعب يمتلك موهبة في كرة اليد، بل يمثل روح وقلب ورئة فريقه التي يتنفس بها الجميع داخل الصالة. يعود الفريق اذا عاد محمد، يتألق إذا تألق محمد، يتأثر بما يتأثر به محمد.

محمد الغربللي جاء في الوقت المناسب، اي في الوقت الذي غُيِّبت فيه اللعبة الشعبية الثانية منذ معكسر «الازرق» الذي كان يستعد لاولمبياد أتلانتا 1996 واحتج فيه لاعبو المنتخب على إدارة الاتحاد بسبب سوء الاقامة وعدم صرف المكافآت المادية بعد تحقيق لقب كأس آسيا للمرة الاولى على حساب «المارد الكوري الجنوبي» في البطولة المشهودة التي استضافتها الكويت.

«اليد الكويتية» بُترت بعد أحداث ذاك المعسكر المشؤوم اذ أصدر الاتحاد قراره التاريخي الظالم بشطب عشرة لاعبين، كل منهم يزن ذهباً مثل صالح مهنا وعبدالله جاسم ووليد الحجرف وماجد سلطان وعبدالهادي مراد وسعد العازمي ورائد الزعابي وعادل نايف وعبدالخالق عبدالقدوس وعبدالرضا البلوشي.

كرة اليد الكويتية عبرت مراحل عدة، بدأت خجولة على الساحات الترابية، وبرز منها عدد من العناصر مثل حسن جابر وناصر بومرزوق (رئيس الاتحاد الحالي)، ومساعد الرندي، ثم نمت وتطورت بسبب التفاعل الجماهيري الكبير معها، وأصبحت تمارس فى الصالات المغطاة، وبات «الازرق» اسماً راسخاً في البطولات العربية والخليجية من خلال جيل جاسم ذياب وجاسم القصار ومساعد الرندي وصالح ضايف وماجد سلطان ومطلق بديح وهاشم الغربللي وفوزي إبراهيم لكنه لم يكن قادراً على قهر «المارد الكوري الجنوبي» وإيران والعراق على المستوى القاري.

هذا الجيل بما قدمه للعبة أعطى حافزا كبيرا فى تطورها بشكل لافت نافست شعبيتها بقوة كرة القدم، خصوصاً في مطلع التسعينيات حين وصلت الى قمة الهرم وظهر جيل مميز جعل من الدوري الكويتي الاول عربياً من خلال تنافس 8 فرق بقوة على اللقب. وظهر نجوم لم ولن تنجب ملاعب «اليد الكويتية» من أمثالهم وأبرزهم على الاطلاق صالح مهنا الذي قال عنه زميله عبدالله جاسم «إن مخّه عبارة عن كرة يد»، كما لا يمكن أن تنسى اللعبة «الماكر» إسماعيل عبدالقدوس.

الاتحاد قتل الجيل البلاتيني حتى باتت مدرجات اللعبة شبه خاوية من الجماهير.

حاول الاتحاد بعدها وبالطرق كافة اعادة اللعبة الى بريقها عبر عناصر جديدة كانت تملك الموهبة لكن لا يمكن مقارنتها بالنجوم السابقين الذين أسقطوا كوريا الجنوبية من عرشها.

لن نبالغ لو قلنا إن محمد وشقيقيه خالد وعبدالله أعادونا الى زمن مواهب المهنا وصلاح أنس وعبدالله جاسم وعادل نايف وخالد ماجد، لكن اليد الواحدة لا تصفق ولا تكفي لإعادة المنتخب الى المقام الأول في آسيا.

كنا نتمنى لو تواجد الى جوار محمد وعبدالله الغربللي في المنتخب الحالي كل من إسماعيل عبدالقدوس ووليد الحجرف ورائد الزعابي وطارق بشير وعبدالخالق عبدالقدوس، والحارس العملاق عبدالرزاق البلوشي الذي لا يزال مصرا على اللعب على الرغم من تقدمه في السن واعتزال كل زملائه منذ سنين.

كرة اليد الكويتية حالياً هي عبارة عن أبناء هاشم الغربللي ... محمد وخالد وعبدالله.