عون يصعّد بوجه العماد قهوجي ويُبقي شارعه على حِراكه

قناة اتصال بين بري والسنيورة لتبريد المناخ السياسي في لبنان

1 يناير 1970 03:37 م
مع أن صخب ردود الفعل الخارجية والداخلية على الاتفاق النووي لا يزال يطغى على الأجواء الإعلامية والسياسية في لبنان مع حلول عطلة عيد الفطر، فان الأزمة الحكومية والسياسية تبدو مرشّحة لتلقّي جرعات واسعة من المحاولات المتقدّمة، ولو غير المضمونة النتائج من الآن، لإحداث ثغرة فيها.

ذلك ان ثمة مجموعة مساعٍ ومشاورات على خطوط مختلفة بدأت في الأيام الأخيرة بهدف الوصول الى جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل بحد أدنى من التوافق الكافي للعودة الى انتظام آلية عمل مجلس الوزراء بما يشكل منطلقاً لمعالجةٍ غير متوترة لمشكلة مطالب «التيار الوطني الحر» الذي يقوده العماد ميشال عون وداعميه ولا سيما في مسألة التعيينات العسكرية.

وتكشف مصادر واسعة الاطلاع لـ «الراي» في هذا السياق ان هذه المساعي توزّعت على محاور عدة أبرزها الوساطة التي يتولاها «حزب الله» لتبريد الخلاف بين حليفيْه رئيس البرلمان نبيه بري وعون من جهة، والوساطة الاخرى التي بدأها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بين رئيس الحكومة تمام سلام والعماد عون من جهة مقابلة، فيما يبدو ان مشاورات بعيدة عن الأضواء تجري بين بري والرئيس فؤاد السنيورة عن تيار«المستقبل».

وتشير هذه المصادر الى ان الخط الثالث من المشاورات انطلق غداة الجولة الأخيرة من الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» في عين التينة والتي امتدت من العاشرة ليلاً الى الاولى فجراً والتي أفضت على ما يبدو الى تَوافُق لم يتمّ تعريضه للتسريبات الاعلامية من اجل الدفع نحو حلحلة الأزمة الحكومية بتوافق الأفرقاء الثلاثة اي الحزب و«المستقبل» وبري.

وتلفت المصادر نفسها الى ان خطوط الوساطات هذه تشير في شكل واضح الى ان كلمة التقاطُع التي تَجمعها ترتكز على إعادة الاعتبار الى الآلية الحكومية التي اعتُمدت غداة نشوء أزمة الفراغ الرئاسي قبل نحو عام وشهرين، اي اعتبار مجلس الوزراء مجتمعاً صاحب الصلاحيات الانتقالية مكان رئيس الجمهورية في القضايا الأساسية التي تستلزم إجماع أعضاء الحكومة ولكن مع تجنّب التعطيل بما يوجب العودة الى اعتماد التصويت بالأكثرية التي يمليها الدستور وفق طبيعة البنود التي ينشأ خلاف حولها متى تَعذّر الاجماع.

وتوقّعت المصادر ان تُحصر المناقشات في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء بموضوع الآلية فقط بعدما كان سلام تعهّد في الجلسة الأخيرة بإدراجها بنداً اول في جدول الأعمال الى جانب البنود الأخرى العادية، وهي الجلسة التي انتهت الى تسوية مرحلية موقتة وافق خلالها وزراء «التيار الوطني الحر» على تمرير بند يتعلق بصرف أموال المستشفيات الحكومية مقابل تعهد سلام بإدراج آلية عمل مجلس الوزراء كأولوية للجلسة المقبلة.

ومع ان المعلومات المتوافرة لدى هذه المصادر تؤكد ان اي تَواصُل مباشر لم يحصل بعد بين «الفريق العوني» وتيار «المستقبل» كما تردد في الأيام الأخيرة، فإنها لا تستبعد إعادة إحياء قناة التواصل بين الفريقين في وقت وشيك، اذ ثمة معطيات تشير الى ان هذا الاحتمال طُرح في اللقاءات التي عُقدت بين الرئيس سعد الحريري وقادة سياسيين زاروا جدة على هامش التعازي بالأمير الراحل سعود الفيصل، ومن ابرزهم سلام والرئيس السابق ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط.

وتقول المصادر ان الايام التي ستلي عطلة الفطر ستكون كافية لبلورة الاتجاهات التي يجري العمل عليها لإعادة انطلاق العمل الحكومي. علماً انها لا تقلل صعوبة عقدة أساسية لا تزال تعترض هذه الوساطات وهي تصلُّب العماد عون أكثر فأكثر تجاه مسألة التعيينات العسكرية وارتفاع نبرته التصعيدية ضد التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي يبدو ان إزاحته صارت المطلب الأشد إلحاحاً لعون أكثر من ذي قبل، ذلك ان إعادة تحريك الأنصار العونيين في مواكب السيارات اول من امس وامس بدت بمثابة إبقاءٍ لوتيرة النزاع والخلاف حول موضوع التعيينات حيّة بقوة وخصوصاً ان «التيار العوني» يضرب بقوة الآن على وتر تحميل العماد قهوجي تبعة التعرض بالضرب للمتظاهرين العونيين الاسبوع الماضي امام السرايا الحكومية ويسعى الى تحويل هذا الحادث وسيلة اضافية في حملته على قائد الجيش ومحاولة اسقاط الاحتمال المتعاظم للتمديد له لمصلحة تعيين صهره العميد شامل روكز على رأس المؤسسة العسكرية. ولن يكون ممكناً اتضاح خط الاتجاهات المقبلة في هذا السياق قبل بتّ موضوع آلية عمل مجلس الوزراء مجدداً، علما ان غالبية المعطيات التي سبقت انطلاق الوساطات الجارية كانت تؤكد تقريباً ان التمديد للعماد قهوجي هو امر شبه محسوم.