كثيرة هي المشاريع العقارية التي تطرح عبر العديد من المعارض والملتقيات المختلفة. مشاريع تسوق على أنها الوجهة الأمثل للراحة والاستجمام، أو أنها المكان الأفضل للسياحة والتمتع، أو ربما تكون الملاذ الآمن للاستثمار مع وعود بعوائد مضمونة وعالية تفوق الخيال! وعود براقة ومغرية، غريبة ومثيرة، تلازمها علامات استفهام عديدة! ولكن حتى نكون أكثر واقعاً، فإن ذلك يجب ألا يعمم على جميع المشاريع المطروحة في السوق.
بعد قراءة متأنية لتقرير نشر في جريدة «الجريدة» الأسبوع الماضي بعنوان «شبهات نصب واحتيال عبر دعوات لاستثمارات جماعية في العقار»، ومن خلال حديثي مع عدد من المختصين في سوق العقار، فإن العوائد التي تحاول بعض الشركات جذب المستثمرين لها تزيد على 25 في المئة من خلال المشاركة في مشاريع عقارية خارج دولة الكويت، أي أن المستثمر يستطيع استرداد رأسماله في المشروع بعد أربع سنوات فقط! وهي عوائد في واقع الحال خيالية، ولا يوجد لها مثيل لدى الشركات الضخمة المحلية والعالمية، وعالم الحال والضليع باقتصاديات العالم والمنطقة، يعلم ذلك جيداً! إلا إذا كان هذا الاستثمار في كوكب آخر!
ثم إن استخدام كلمة مضمونة في الإشارة إلى العوائد ماذا تعني؟ هل قامت الشركة المسوقة بتقديم ضمانات واقعية وحقيقية وموثقة لدى الجهات الحكومية لمثل هذا الضمان؟ وماذا لو لم تتمكن الشركة من تحقيق هذا العائد؟ هل يحق للمستثمر استرداد أمواله؟ وهل يمكن للمستثمر الرجوع قانوناً على المسوق في حال عدم تحقيق هذا العائد؟ كلها استفسارات لم أجد لها أي إجابة، فهل غابت عمن اشترى مثل هذه الاستثمارات؟
الأدهى والأمر، أن حجم العقارات المعروضة تفوق بقيمتها عشرات المرات رأسمال تلك الشركات، فكيف تمكنت من تمويل هذه المشاريع وتطويرها؟ وهل هي قادرة على إكمال أعمال الإنشاء فيها؟ وماذا لو تعثرت تلك الشركات؟ هل يستطيع المستثمر أن يسترد أمواله؟ أضف إلى ذلك، فإن نوعية التشطيبات وطريقة البناء والمواد المستخدمة التي يقدمها مسوقو هذه العقارات لا تخضع لأي رقابة ولا يوجد ما يوثق ذلك في العقود المبرمة، فمن يضمن حق المستثمر في ذلك؟
سبع سنوات انقضت على الأزمة المالية العالمية، عانى منها البعض، ودخل البعض الآخر باستثمارات وعقارات لم يتمكن حتى يومنا هذا من التخارج منها، حتى ولو برأسماله، ومازلنا لا نتعظ!
لا أقصد في مقالي هذا الدعوة بعدم الشراء أو الاستثمار أو محاربة تلك الشركات، لكن يجب أن يكون المستثمر أكثر يقيناً وحيطة في اتخاذ أي قرار. هناك مشاريع كثيرة معروضة جيدة وآمنة وذات عوائد مرضية وحقيقية، ولكن كل ما أعنيه هنا، أنه يجب علينا دراسة الفرصة والتحقق من واقعيتها وسؤال العارفين بالسوق عنها والتأكد من ثقة الشركة المالكة والمسوقة وسابق مشاريعها ومدى وفائها بالتزاماتها، قبل اتخاذ أي قرار استثماري وقبل أن يقع الفأس بالرأس!
ختاما، فإن حماية المواطنين لا يقتصر عليهم فقط، فالدولة من خلال وزاراتها ومؤسساتها مسؤولة هي الأخرى عن ذلك، وسأحاول أن أستعرض هذا الموضوع في المقال المقبل بإذن الله مع سرد تجارب الدول الأخرى في هذا المجال! والله من وراء القصد.
Email:
[email protected]