إضاءات

في الأيام الأخيرة... من شهر التسامح

1 يناير 1970 10:36 ص
أيام قليلة... وتنتهي ليالي شهر رمضان، بكل ما تحمله من روحانية وتسامح وحب.

أيام قليلة ونعود إلى حياتنا الاعتيادية، ونواجه الناس بعيدا عن سماحة هذا الشهر الكريم.

البعض يعتقد أن العبادات والتقرب إلى الله، والتساح لا تتم إلا في شهر رمضان بينما الأشهر الأخرى من السنة... غير مطالب فيها بهذه الأخلاق الإنسانية، التي وضعها ديننا الحنيف في نفوسنا وأمرنا أن نتحلى بها في شهر رمضان وفي بقية أشهر الله.

البعض تجده يحسن التعامل مع الناس ويبتعد عن كل ما يغضب الخالق، فتجده يكثر من الذهاب إلى المساجد، ويكثر من الصدقات، ويبتعد عن الفاحشة، ويمسك لسانه عن النميمة والدخول في الأعراض، والإساءة إلى الأبرياء، ويطهر قلبه من العداوة والكراهية، ومما يغضب ربه، وتشف روحه، بالعبادة والتمسك بتعاليم الإسلام، وحينما ينتهي شهر رمضان يعود إلى سابق عهده.

كما أن هناك من لم يستفد من روحانية هذا الشهر... ومر عليه مرور الكرام، وبالتالي لم يستفد من تعاليمه، ودلالاته، ولم يكتشف الأسباب التي جعلته شهرا مباركا، ومفضلا على بقية أشهر العام.

فهل سأل كل منا نفسه- ونحن نودع هذا الشهر الفضيل- لماذا خص الله سبحانه وتعالي هذا الشهر بالصوم؟! لماذا جعله شهرا مباركا جامعا للمسلمين تحت مبدء واحد هو الإحساس بالفقير، والاجتماع على صفة واحدة هي التقرب إلى الله عن طريق الإحساس بمعاناة الآخرين؟!

لو طرحنا على أنفسنا مثل هذه الاسئلة طوال شهر رمضان، لأحسنا المعاملة مع البشر ولتفوقنا على سائر الأمم بالحب والسلام والتسامح، ولضربنا أروع الامثلة بأن ديننا دين الإنسانية، ودين الحب والبعد أشد البعد عن كل ما ليس له علاقة بالإنسان، الذي اختاره الرحمن بين سائر خلقه كي يعمر الارض.

ورغم أن ضربة الإرهاب في بلدنا الحبيب الكويت... جاءت في هذا الشهر الفضيل، إلا اننا نحمد الله أنها خيّبت آمال الحالمين بزعزعت الأمن والامان في الكويت، وانقلبت إلى حب ومداواة للجراح عن طريق تأكيد وحدة الصف، والدفاع عن الوطن بكل نفيس وغال.

إنها خواطري... التي أقولها بقلب صادق وشفاف، من دون ترتيب أو تصنع، لأشارك الجميع في هذا الأيام الأخيرة من شهر رمضان... حتى لا ننسى مبادئ وقيم هذا الشهر الفضيل... ومن ثم نعيش أيامنا المقبلة، وكأننا في هذه الأيام المباركة.

إنها خواطر أكتبها... وفي قلبي دعوات كثيرة لوطني أن يعيش آمننا... واثقا من حب شعبه له، ومن قدرته على أن يتصدى في سبيله لكل صاحب قلب مريض يريد أن يصيبه بالأذى.

إنها خواطر أريدها أن تكون شفافة، لنتمكن من العيش في سلام وتسامح وحب، كما أمرنا ديننا الإسلامي السمح، وليس كما يخطط الإرهابيون، وما يسعى إليه الهادمون الذين تملكهم الكره والحقد على أي شيء جميل.

* رئيس تحرير مجلة «البيان» وأكاديمي بجامعة الكويت

[email protected]