توجيهات نبوية / الخصال الخمس
1 يناير 1970
07:55 ص
لم يترك نبينا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ينفع أمته إلا ودلهم عليه، ولم يترك شرًّا إلا وحذرهم منه، وفي حديثٍ جامعٍ لأسباب هلاك الأمم وزوالها، يحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته وينذرها من خمس خصال مهلكة، فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: أقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) رواه ابن ماجه في سننه.
هذا الحديث العظيم الجامع يتضمن أوصافاً خمسة أو خصالاً خمس، إذا وقعت فيها الأمة، أتاها العذاب من الله سبحانه وتعالى معجلاً في الدنيا، بخلاف ما ينتظرها في الآخرة من الوعيد.
الخصلة الأولى: (لم تظهر الفاحشة في قوم قطُّ حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا)، حذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من خطر ارتكاب الفاحشة وإظهارها والتمادي فيها، لأن ذلك ينتج عنه انتشار الطاعون والأمراض الفتاكة التي لم يسبق ظهورها في أسلافنا من الأمم، وقد ظهر تصديق ذلك بظهور طاعون العصر (الإيدز) والأمراض الجنسية الفتاكة، نتيجة ممارسة العلاقات المحرمة من زنا ولواط وغير ذلك.
الخصلة الثانية: (ولم يُنقصوا المكيال والميزان إلا أُخِذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم) يحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من التلاعب بالمكيال والميزان، الذي توعّد الله فاعله بالويل والهلاك، قال تعالى: {ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} (المطففين: 1-3)، فإذا انتشر ذلك في الأمة، فإنها تعاقب بعقوبات ثلاث:
أولها: منع المطر، وثانيها: شدة المؤونة، وثالثها: أن يسلط الله عليهم الحاكم الذي يجور عليهم.
الخصلة الثالثة: (ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا) يشير النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن منع الزكاة وعدم إخراجها أو التحايل على ذلك، تكون عقوبته العاجلة هي منع القطر عنهم، ولولا وجود البهائم ما نزل عليهم المطر من السماء؛ لأنهم لا يستحقونه، لكونهم لم يُخرجوا حق الفقراء في مالهم.
الخصلة الرابعة: (ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم) وفيها تحذير من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته من نقض العهد والميثاق، وعاقبة ذلك أن الله يسلط عليهم عدوًّا من غير المسلمين، فيأخذون بلاد المسلمين، أو يتحكمون في مقدرات بلاد المسلمين وثرواتهم.
الخصلة الخامسة: (وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) أي: إذا لم يحكموا بحكم الله سبحانه وتعالى، ويأخذون الخير من كتاب الله وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا جعل الله الشقاق والعداوة والتنافر بينهم.