وقفة / الأصمعي والأعرابي

1 يناير 1970 01:37 م
غالبا مايكون اصحاب بلاط السلطان من شعراء وحاشية عيونهم ضيقه ولايحبوا أحد أن ينافسهم في ود السلطان وكل من اقترب من البلاط أو حتى عندما يجتمعون في بيت من أشراف العرب لتعودهم على ذلك النمط يحاولون أن يحرجوه وأن يكون حديث يومهم الا ان يكون حاذقا مفوها ويسحب البساط من تحت أرجلهم كما حدث لهذا الاعرابي الداهية مع الاصمعي الذي يروي حكايته معه حيث يقول الأصمعي: دعانى بعض العرب الكرام إلى قرى الطعام فخرجت معه إلى البرية فأتو بباطنة بأذنين يعنى إناء أو جرة لها أذنان وعليها السمن غارق فجلسنا للأكل فإذا أعرابىّ ينسف الأرض نسفا حتى جلس من غير نداء فجعل يأكل والسمن يسيل على كراعه الكراع ما دون الركبة فقلت:

لأضحكن الحاضرين عليه فقلت:

كأنك أثلة فى أرض هش

أتاها وابل من بعد رش

فالتفت إلىّ بعين مبحلقة وقال لى:

كأنك بعرة في أست كبش

مدلاة زذاك الكبش يمشي

لكن الاصمعي ما ترك الرجل يهنأ في غداه فقال له

أتقول الشعر قال الأعرابي أنا ابن أمه وأبيه

فغضب الأصمعي فلم يجد قافية أصعب من الواو الساكنة المفتوح ما قبلها مثل لَوْ

قال أكمل فقال هات

فقال الأصمعي

قــومٌ عهدناهــم سقاهم الله من النو

الأعرابي:

النو تلألأ في دجا ليلةٍ حالكة مظلمةٍ لـو

فقال الأصمعي لو ماذا

فقال الأعرابي

لو سار فيها فارس لانثنى

على به الأرض منطو

قال الأصمعي منطو ماذا

الأعرابي

منطوِ الكشح هضيم الحشا

كالباز ينقض من الجو

قال الأصمعي الجو ماذا

الأعرابي

جو السما والريح تعلو به

فاشتم ريح الأرض فاعلو

الأصمعي اعلو ماذا

الأعرابي

فاعلوا لما عيل من صبره

فصار نحو القوم ينعو

الأصمعي ينعو ماذا

الأعرابي

ينعو رجالاً للقنا شرعت

كفيت بما لاقوا ويلقوا

الأصمعي يلقوا ماذا

الأعرابي

إن كنت لا تفهم ما قلته

فأنت عندي رجل بو

الأصمعي بو ماذا

الأعرابي

البو سلخ قد حشي جلده

بأظلف قرنين تقم أو

الأصمعي أوْ ماذا

الأعرابي

أو أضرب الرأس بصيوانةٍ

تقـول في ضربتها قـو

قال الأصمعي

فخشيت أن أقول قو ماذا فيأخذ العصا ويضربني.

وانتهت المساجلة بتفوق الاعرابي وافحام الأصمعي.

يا قوة صبر الاعرابي عليه وطبعا هذه الروايات ليست مؤكدة قد تكون تأليفا من الأصمعي لأنه أديب ويبتدع أو انها قيلت بعد انتهاء المأدبة لأن الاعرابي بالأكل مايغشمر يعني معقول يخليهم ياكلون وهو يتذكر الجواب ! كلام فاضي، لكن مايهمنا أنها لوحة أدبية جميلة سواء كانت تأليفا أم حقيقة.