باسيل يلوّح بـ «القوة لأخذ حقنا في الشراكة»

عون يخوض معركته «وحيداً» وحكومة سلام «ممنوعة» من السقوط

1 يناير 1970 01:52 م
أبرزت التطورات الداخلية في لبنان في عطلة نهاية الاسبوع واقعاً لافتاً لجهة اقتصار المنحى التصعيدي المتعلّق بالأزمة الحكومية على رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب العماد ميشال عون وحده من دون سائر الأفرقاء السياسيين الآخرين سواء كانوا من خصومه ام من حلفائه.

ذلك انه غداة توجيه رئيس الحكومة تمام سلام دعوة لجلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، بدأ العماد عون بتهيئة المناخات الداخلية لتصعيد في الشارع عبر تحريك أنصاره في تظاهرات او تجمعات لم تتضح معالمها بعد وأبقاها عون طيّ الكتمان ولكنه مضى في إعداد أنصاره وتحفيزهم على خوض غمار هذا التحرك من خلال حملات كلامية متعاقبة سجلت عبرها الوقائع الأساسية الآتية:

* رفع عون عنوان «حقوق المسيحيين» الى ذروته في محاولة لوضع حكومة الرئيس تمام سلام امام استحالة تجاهل مطالبه المتعلقة أساساً بتعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، وإلا استمر تعطيل إنتاجية الحكومة. ولمّا أفضت الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء الى اختراق شروطه بتمرير بند يتعلق بدعم التصدير الزراعي بغالبية أصوات وزراء ينتمون الى مختلف التوجهات ومع غضّ نظرٍ واضح من جانب «حزب الله» ولو وقف معه، فان ذلك دفعه الى تخطي الإطار السياسي للمواجهة واتجه الى التحرك الاعتراضي الشعبي.

* لم تُحدِث الحملات الكلامية الحادة التي يشنّها عون مهدداً بالتحرك الشعبي لأنصاره حتى الساعة اي مخاوف على الوضع الحكومي لان مختلف القوى السياسية باتت على يقين ان عون لو كان جدياً الى النهاية في قلب الطاولة لكان أقدم على سحب وزرائه من الحكومة بدل إبقائه رِجلاً في الملعب الحكومي ورِجلاً اخرى في ملعب المعارضة لحكومةٍ هو طرف أساسي فيها.

وتبعاً لذلك لم تثر حركة تحفيز عون لأنصاره للنزول الى الشارع اي مخاوف على الحكومة ولا على الاستقرار الأمني لان الجميع يدركون ان رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ورغم تصعيده الحاصل، لا يزال يلعب ضمن الخطوط الحمر ولن يمكنه تجاوزها لان حليفه القوي «حزب الله» لا يرغب في مجاراته الى حدود الانقلاب على الحكومة. ولذا ليس متوقعاً ان يقوم حزب الله بمحاولة ثني عون عن هذا التحرك الا اذا تراءى له ان حركته ستتجاوز المألوف في التعبير عن موقفه السياسي.

* ثمة مَن يعتقد من خصوم عون ومعارضيه ان مغالاته في توقيت التصعيد والنزول الى الشارع سيشكل خطأ في الحسابات غالباً ما وقع عون في حفرته ومن شأنه ان يرتدّ عليه سلباً. ولذا لا يرى هؤلاء موجباً لأي محاولات لثني عون عن محاولاته لجعله يختبر قدرته على تحفيز أنصاره وحشدهم باعتبار ان حدود هذا التحرك مهما بلغ حجمه لن يكون قادراً على تغيير الواقع السياسي والحكومي، وتالياً ليكن هذا التحرك بمثابة استطلاع الرأي الذي يهيئ له عون على الصعيد الرئاسي وبديلاً منه.

ويعتقد هؤلاء ان عون اذا تيقن من ان التحرك لن يكون بالمستوى الذي يريده فهو سيتراجع عنه في اللحظة الحاسمة بدليل انه حتى الساعة لا يزال يرفض كشف التوقيت والصورة التي يخطط عبرهما لدعوة أنصاره الى التحرك بما يعني انه لا يزال يمارس لعبة الضغط ورفع السقف ليقرر لاحقاً خطواته في ظل ردود الفعل والوساطات.

* في مواجهة هذا التحرك الصاخب العوني لا يبدي رئيس الحكومة ومعه سائر الأفرقاء الرافضين للشروط العونية اي إشارات الى إمكان القبول بتسوية على حساب صلاحيات رئيس الحكومة. ذلك ان عنوان استعادة حقوق المسيحيين من خلال التدخل في إملاء الشروط على رئيس الحكومة في وضع جدول أعمال مجلس الوزراء لا يشكل المادة الكافية للفريق العوني لإثارة النزعة المسيحية العامة وجعل الأفرقاء المسيحيين كافة يسلّمون لعون بهذا العنوان، لسببٍ بدهي هو ان عون نفسه عطّل ولا يزال يعطّل انتخاب رئيس الجمهورية، وهو الأمر الذي سيحكم على رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» بالبقاء منفرداً في معركته وعدم قدرته على توسيع هامش التأييد المسيحي له خارج إطار تياره.

ومع ذلك بدأت في الساعات الأخيرة مشاورات سياسية على وتيرة هادئة سعياً الى التخفيف من غلواء التصعيد العوني وتجنّب تكرار الاشتباك السياسي داخل مجلس الوزراء الخميس المقبل، علماً ان صهر عون وزير الخارجية جبران باسيل كان دخل مساء اول من امس على خط «تحفيز» المناصرين مهدداً بأنه «اذا وُضعنا امام الخيار الصعب فسنأخذ حقنا في الشراكة بالقوة» وتعهّد الدفاع عن صلاحيات رئيس الجمهورية داخل مجلس الوزراء «بأظافرنا وأسناننا».

وفي سياق متصل، رسم وزير التربية الياس بو صعب (من فريق عون) مسار جلسة الخميس موضحاً في حديث صحافي ان «دعوة الحكومة من دون تفاهم لا تُنتج»، كاشفاً ان «وزراء التكتل الذين سيحضرون جلسة الخميس سيثيرون بداية قرار المنتجات الزراعية الذي أُقرّ من دون أن يُناقَش في الجلسة السابقة مع خروج رئيس الحكومة من الجلسة. اذ ليس بهذه الطريقة يمكن اتخاذ قرارات أو إيجاد حلّ للمشكلة وسنناقش هذا الموضوع في الجلسة المقبلة بعدما أثرته في اتصال هاتفي مع الرئيس سلام». وأضاف: «سلام نفسه قال في الجلسة الأخيرة نفسها بعدم جواز اتخاذ أي قرار في حال اعتراض مكوّنَين في الحكومة، ووزراء الكتائب يعترضون على اتخاذ قرار في حال اعتراض مكوّن واحد، فكيف تُعالَج الأمور على هذا النحو؟»، لافتا إلى ان «وزراء التغيير سيتمسّكون في الجلسة المقبلة بتعيين قائد للجيش قبل مناقشة أي بند آخر».