وقل ربي زدني علما
1 يناير 1970
04:16 م
في هذه الزاوية نقدم مجموعة من الأفكار والخواطر الإيمانية والتربوية التي تتناسب مع طبيعة شهر رمضان المبارك، عسى الله أن ينفعنا بها .
التوازن
كلمة التوازن أخذت من الميزان حيث لا تطغى كفة على الأخرى،فيكون الشيء متوازنا، تذهب الى السوق مثلا لتشتري لحما يضع البائع الثقل الذي تريد كيلو اثنين، اقل أو اكثر ويضع في الكفة الثانية اللحم حتى يتعادل الطرفان فتكون قد اخذت مطلبك من الشيء الذي تريده، هذا إن كان البائع أمينا يخاف ربه ويتقيه، اما في بعض الاحيان فيحدث الغش، وقد توعد الله سبحانه وتعالى الذي يغش بسورة المطففين بقوله سبحانه (ويل للمطففين)المطففين آية 1، توعدهم بالويل يوم القيامة، وللغش اساليب وطرق لسنا بصددها، وقد حذر الله سبحانه وتعالى من ذلك لما فيه من مصلحة للبائع والشاري على حد سواء، هذه لمحة سريعة عن التوازن، وهو موضوعنا اليوم بإذن الله تعالى قد تقول: التوازن في ماذا، فيقال لك التوازن في جسم الإنسان ما بين المادية، والروحانية في الاسلام ديننا الحنيف، وبفضل من الله ورحمته فقد جعل للإنسان المؤمن توازنا متعادلا ما بين الروح والجسد، فأخذت الروح حقها، واخذ الجسد حقه، وكما نعلم فان الروح نفخة من الله سبحانه وتعالى علوية مجالها الطهر والنقاء، والعفاف والصفاء، وغيرها من الصفات المحمودة كالتسامي والعلو، وكل ما يدعو الى طريق الخير، أليست نفخة ربانية، والرب لا يصدر عنه إلا الخير سبحانه، اما في الجهة المقابلة للروح فهو الجسد المخلوق من طين، وله ايضا متطلباته، ولكن متطلباته تختلف عن متطلبات الروح وقد تناقضها احيانا، ومن متطلبات الجسد الاكل والشرب لكي يعيش ولا يموت، والتناسل لكي لا ينقرض، وعند التقاء الروح بالجسد تنشأ الشهوات، الجوع والعطش للأكل والشرب، والشهوة الجنسية لبقاء النوع الانساني، وهي النفس، فالإنسان المسلم الطائع لربه يحقق متطلبات الجسم والروح معا، بالأكل الحلال والشرب الحلال، وبالزواج الشرعي، وهذه اهم متطلبات الجسم المادية، وتأتي بعد ذلك المتطلبات الروحية لربطه بخالقه كالصلاة والصوم، وغيرهما من العبادات، فيكون بذلك قد حقق التوازن ما بين الروح والجسد، بل قد يصل الى مقام النفس المطمئنة، وهي أعلى درجات النفوس، اما من طغت ماديته على روحانيته فهو في شقاء دائم، لماذا، لأنه اعطى جانبا واهمل جانبا آخر مثال على ذلك الانسان الغربي وقد يكون شرقيا كذلك، اعطى جانب الاكل والشرب والنكاح معظم ان لم يكن كل توجهه، وأهمل الجانب الروحي عن قصد أو غير قصد، وهنا يحدث له خلل في التوازن، فالروح تريد غذ اءها من الروحانية، شبع ماديا اكل وشرب وجنس بل زاد وزاد، لماذا، لأنه يحسب انه كلما زاد في ذلك زادت سعادته بينما هو في الحقيقة يزيد في شقائه، لذلك يصل في بعض الاحيان الى حد الانتحار والعياذ بالله، وتشير التقارير الى زيادة الامراض النفسية في تلك البلاد، وكثيرا ما سمعنا أو قرأنا ان فلانا المليونير قد انتحر مع انه مليونير، لماذا، لما ذكرنا من الاسباب اخي العزيز هل عرفت ولو جزءا بسيطا من عظمة دينك، فاحمد الله على نعمته، بل ونعمه التي لا تحصى كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)النحل 18، أخي العزيز أختي العزيزة:لا تنسوا ليلة القدر وهي في العشر الأواخر من شهرنا الكريم وفي الوتر من لياليه، فلا تفوتوا هذه الليلة المباركة،هل تعرفون اجرها رعاكم الله، إنها خير من ألف شهر أي أكثر من83 سنة وثلاثة اشهر من العبادة المتواصلة، في ليلة واحدة، ولو ادركتموها في عشرين سنة أتعرفون أجرها لن تصدقوا، إنها 1666سنة من العبادة تضاف إلى ميزان حسناتكم فانتهزوها ولا تكونوا من الغافلين.