الاقتصاد والسوق أمام الصدمة: هل يعدّل مشهد «الصف الواحد»... الصورة؟
| كتب علاء السمان |
1 يناير 1970
09:59 ص
• البدر: لا أتوقع تأثيراً كبيراً للحادث على سوق المال... وإن حدث سيتلاشى خلال أيام قليلة
• العميري: نعم ستتأثر البورصة سلباً ويجب أن تتوافر خطط استباقية لمواجهة الأمور الطارئة
• السعدون: سيكون للحادث أثره الطبيعي على البورصة... والبحث عن «حل آني» لن يكون مُجدياً
حمل التفجير الإرهابي في مسجد الإمام الصادق أول من أمس مخاطر تحوّل سلبي في النظرة إلى الكويت، من بلد تحيط به النيران وهو آمن، إلى بلدٍ تطوله بعض شظايا التطرّف والإرهاب. إلا أن مشهد الوحدة الوطنيّة والتآزر الشعبي في مواجهة الحدث الجلل قد يعطي صورة أخرى تتغلب على مشهد القتل والدماء.
في تقرير لوكالة «موديز» نشرته في ديسمبر الماضي، قالت مؤسسة التصنيف العالمية إن المخاطر الجيوسياسيّة ستكون واحداً من أربعة عوامل أساسية محددة للتصنيفات السياديّة. وفي حين ظلّت الكويت تحتفظ بصورة الواحة الآمنة وسط حقول الألغام ونيران الحروب والفتن في كل أنحاء المنطقة، جاء مشهد التفجير الإرهابي ليزج باسم البلد الوادع الآمن في أتون أخبار التفجيرات والإرهاب، لتلقي الأوضاع الجيوسياسية الإقليمية بثقل على الوضع الاقتصادي وسوق المال المتردي الأداء أصلاً.
بالطبع، أثبتت ساعات ما بعد الانفجار أن الكويت حالة مختلفة عن كل جيرانها. فالمجتمع الكويتي كان كلاً واحداً في استقبال العزاء وتقديمه، ووحدة القيادة والشعب موقفاً وعمق شعور كان صورة بالغة الدلالة بأن الكويت عصيّة على الفتنة.
لكن أي الصورتين أقوى في انطباعات المستثمرين؟ هل هي صورة دماء الساجدين أم صورة الصف الواحد؟ وأي منهما ستعكسه شاشات سوق الكويت للأوراق الماليّة صباح اليوم وفي المدى الأبعد خلال الأسابيع والأشهر المقبلة؟
لن يكون مفاجئاً لأحد أن يفتتح السوق على تراجع كبير اليوم في مستهل تداولاته بعد الحادث الإرهابي، فثمة إجماع بين المراقبين على أن الصدمة الأولى لها رهبتها، ومن الصعب الوقوف في وجهها.
الخبير الاقتصادي علي رشيد البدر قال ان الجريمة النكراء التي شهدتها الكويت لن تنال من اقتصادها ووحدتها. وحول مدى تأثيرها في سوق المال، قال: «لا أتوقع وجود تأثير كبير لها، وإن حدث ذلك ستتلاشى آثاره خلال أيام قصيرة»، مشيراً الى ان «اقتصاد الكويت وأبناءها أقوى بكثير من هذه الحوادث، مهما كانت بشاعتها». وأضاف «ان ما تعرضت له الكويت وبالرغم من قُبحه ودمويته لن يؤثر على البلاد، ووحدة مواطنيها»، لافتاً الى فشل مثل هذه المحاولات في إحداث الفُرقة بين أبناء الوطن الواحد، «هناك تلاحُم سيكون له الاثر الاكبر في طي أي آثار قد تنتج عن الحادث».
ودعا البدر الجهات المعنية الى ضرورة التعامل بجدية مع أي تهديدات تستهدف النيل من الاقتصاد الكويتي، وتلاحم أبناء الوطن القادرين على تجاوز المحن.
بدوره، أكد رئيس مجلس الإدارة في شركة «الاستثمارات الوطنية» حمد العميري أن المصائب التي ألمت بالكويتيين في السابق جعلتهم أكثر «لُحمة»، وزادتهم تماسكاً، ولعل أبرز تلك الحودث الغزو الغاشم وما ترتب عليه من إفرازات «جعلتنا أكثر قوة ومتانة».
وعلى مستوى سوق الاوراق المالية ومدى تأثير الحادث في تعاملاته اعتباراً من اليوم، قال العميري: «أعتقد اننا سنرى تأثيراً سلبياً له، نفسيات المتعاملين تتفاعل مع مثل هذه الامور، لكننا نتوقع أن يتجاوز السوق تلك التداعيات، حيث ان الاوساط الاستثمارية المحلية والاجنبية المهتمة حتماً ستتأثر، ولكن يجب أن تكون هناك خطط استباقية لمواجهة الأحداث الطارئة كهذه».
واضاف العميري ان الحكومة اتبعت في حقبة الثمانينات والتسعينات آليات جيدة لمواجهة آثار الحوادث والظروف الطارئة على سوق المال، آملاً أن تعود لتخفيف وطأتها على الاسهم المُدرجة على غرار ما كان.
ولفت الى أن المؤسسات الاستثمارية وشركات ادارة الاصول لن تتأثر كثيراً بأي هزة قد تشهدها البورصة، إذ إن محافظها اتخذت من أسواق إقليمية وخليجية مثل السعودية وغيرها موطناً استثمارياً لها في الوقت الحالي، وذلك بعد أن لاحظت الفارق بين تلك الاسواق التي حققت قفزات على كل المستويات والسوق الكويتي الذي ما زال يعاني تدهوراً في قيمته المتداولة التي تمثل عنصر إرباك كبيراً، والتي ترتب عليها انخفاض واضح في أسعار الاسهم التشغيلية.
وتوقف العميري عند الحديث حول التواجد العفوي لصاحب السمو أمير البلاد في موقع الحادث بعد حدوثه مباشرة، لافتاً الى أنه يعكس روح التلاحم الوطني والحرص على المصلحة العامة.
ومن ناحية أخرى، يرى رئيس مجلس الإدارة في شركة الشال للاستشارات المالية والاقتصادية جاسم السعدون ان الحادث الأليم الذي آلم الكويت والكويتيين ظهر الجمعة سيكون له أثره الطبيعي على سوق المال.
وقال السعدون لـ «الراي» إن أرواحاً بريئة طالتها يد الغدر، إلا ان ذلك يعكس هشاشة الجبهة الامنية، ما يتوقف عندهم المستثمر كثيراً، لافتاً الى أن عامل الأمان يمثل القاعدة الأساسية لتوجيه رؤوس الاموال.
واضاف ان الالتفاف الوطني الذي جاء عقب الحادث أعطى رسالة مغزاها تلاحم أبناء الكويت، نعم لها إيجابياتها، ولكن الافضل دائماً أن تكون هناك مواجهات استباقية لمثل هذه الامور التي تؤثر بشكل لافت على نفسيات الأوساط المالية والاستثمارية والاقتصادية.
وبين السعدون ان الحادث جاء في ظل اوضاع «رديئة»، مشيراً الى أن استمرار تأثيره يتوقف على مدى وجود الحلول الناجعة، وليست على الحل الآني الذي سرعان ما تختفي آثاره ونتائجه، في إشارة الى أنه أعطى رسالة سيئة عن الاجراءات الاحترازية التي تتخذها الجهات المعنية.
ونصح السعدون بضرورة طرح الحلول والخطوات التي من شأنها إعادة الثقة للجميع، ليس فقط في سوق المال، بل في القطاعات الاخرى، خصوصاً ان هناك إشكاليات كثيرة يعانيها السوق تستدعي البحث والمعالجة.