ماذا يفعل القطاع النفطي عندما يبدأ نشر مؤشرات جودة الهواء؟
المصافي الكويتية... «مع السلامة»
| كتب إيهاب حشيش |
1 يناير 1970
12:02 م
العسعوسي لـ «الراي»: «البترول الوطنية» مستعدّة لتلبية اشتراطات قانون البيئة
• مشاريع بملياري دولار لتحسين الشروط البيئية والصحيّة
• «غاز الشعلة» مسجل في الأمم المتحدة واستبدال غاز الهالون يتوافق مع «مونتريال الدولية»
• خفض الانبعاثات إلى الحدود الدنيا وبما يتوافق واشتراطات «هيئة البيئة»
• خارطة «طريق السلامة» تتضمن متابعة تدريب وتأهيل عمالة المقاول
فيما تقفل الدول المتقدّمة مصافيها وتقول لصناعة «مع السلامة»، تستعد الكويت للمزيد من مشاريع التكرير «مع (شروط) السلامة» والصحة والبيئة. فهل يمكن للمتناقضات أن تجتمع؟
لا يتنبه الكثيرون إلى أن الكويت من بين أكثر عشر في العالم دول تلوثاً في الهواء، ربما لأن أكثر من بين كل 10 دنانير (أو دولارات) تدخل إلى خزينة الدولة يتكفّل النفط بتسع منها!
النتائج التي تعددها منظمة الصحة العالمية لتلوّث الهواء صادمة: السكتة الدماغية وأمراض القلب سرطان الرئة وأمراض الرئة المزمنة والحادة، بما فيها الربو وغيرها الكثير. لكن في العديد من المناطق، تبدو الروائح المنبعثة من منشآت الإنتاج والتكرير وكأنها تحوّلت إلى نمط حياة اعتاد عليه السكان، حتى أن كثيرين لم يعودوا يشعرون بها.
لكن اللامبالاة الكويتية قد تتغيّر عند البدء بتطبيق قانون البيئة الجديد (أقر العام الماضي وأقر مجلس الأمة تعديلات عليه أول من أمس)، الذي أخرج الهيئة العامة للبيئة من عباءة وزارة النفط، وكلّفها بنشر مؤشرات جودة الهواء على المواقع الالكترونية وإعلام الجمهور بها، وهو ما قد يفرض تحدياً كبيراً على القطاع النفطي للالتزام بالمعايير البيئيّة، خصوصاً عندما يتزايد الاهتمام السعبي بهذا الملف.
نائب الرئيس التنفيذي للخدمات المساندة والناطق الرسمي باسم شركة البترول الوطنية خالد العسعوسي يؤكد أن الشركة مستعدة لتطبيق الاشتراطات البيئة التي يفرضها قانون البيئة الجديد رقم (42) لسنة 2014، وأنها على استعداد للتعاون مع الهيئة العامة للبيئة لتطبيق لوائح هذا القانون، مشيرا الى أنها «سبق وتعاونت مع الهيئة العامة للبيئة ونفذت نحو 30 مشروعاً بيئياً في المصافي الثلاث التابعة لها، وفي مختلف مواقع التسويق المحلي».
تتولّى شركة البترول الوطنيّة إدارة قطاع التكرير الكويتي بكامله، وتحت مظلتها ثلاث مصافٍ في الشعيبة والأحمدي وميناء عبدالله، وهي تخطط لتطوير مشروعي الوقود البيئي ومصفاة الزور بتكلفة تزيد على 8 مليارات دينار.
المفارقة أنه منذ الثمانينات، لم تُنشئ الدول الأوروبية مصفاة واحدة جديدة، بل إنها تغلق المصفاة تلو الأخرى لأسباب بيئيّة. أما في الكويت فالاستعداد جارٍ لمشروعين استراتيجيين للتكرير، والمفارقة أن أحدهما يحمل عنواناً بيئياً. وبوجود مصافٍ نفطيّة لدول أخرى مجاورة والعديد من المشاريع الضخمة في البصرة وعبادان والجُبيل تصبح هذه المنطقة من الأكثف عالمياً في نشاط التكرير.
فكيف تفسّر شركة البترول الوطنية التوجّه الكويتي؟
يوضح العسعوسي أن «مشروعي الوقود البيئي والمصفاة الجديدة انطلاقة بيئية كبيرة، فهما يؤكدان التزام الشركة بكل القوانين البيئية محليا وعالمياً، إذ سيساهمان بالتقليل من الإنبعاثات الغازية الضارة من جميع المصافي الذي سيؤدي بدوره الى التقليل من الأثر السلبي على الهواء».
الأمر نفسه ينطبق على مصفاة الزور بحسب العسعوسي، إذ إنها «ستكون بمثابة ثورة في مجال الالتزام البيئي رغم أن طاقتها التكريرية ستكون بحدود 615 ألف برميل يوميا، كما ستقوم المصفاة بتزويد محطات توليد الكهرباء بـ 225 ألف برميل من زيت الوقود قليل الكبريت، مما سيقلل من التلوث الذي تتسبب به هذه المحطات للهواء».
ويقول العسعوسي إن الشركة تعتمد استراتيجية نظام السلامة المحدّث، وهو نظام عالمي، وتتوافق مع استراتيجية القطاع النفطي الكويتي 20- 30، فهي تعتمد على تطوير وتعزيز السياسات والمواصفات القياسية الخاصة بالإدارة البيئية من خلال عدد من البرامج مثل الإدارة الخاصة المعروفة باسم «بيئة خضراء للغازات الدفيئة» أو ما يعرف باسم (Green House Gases)، ومراجعة الأنظمة والقوانين البيئية وتحديد أوجه الخلل والعمل على تلافيها ومراقبتها، وكذلك العمل على الانتهاء من المشاريع البيئية القائمة بأسرع مدة ممكنة، وتطوير وتعزيز السياسات والمواصفات القياسية الخاصة بأنظمة الصحة المهنية من خلال تعزيز آليات وأنظمة الفحص الطبي الدوري، وتوفير الأحدث في ما يختص بالكشف ومراقبة خطر التعرض للروائح المنبعثة، وتطوير برنامج المحافظة على السمع، وغيرها.
لكن هل تكفي هذه الجهود للتوافق مع متطلبات قانون البيئة الجديد؟
يجيب العسعوسي بأن «(البترول الوطنية) تطلع الهيئة العامة للبيئة، وكذلك عدداً من المؤسسات البيئة المعتمدة إقليمياً وعالمياً على جهودها في الحفاظ على البيئة. وتبلغ القيمة الإجمالية لما قمنا به من مشاريع بيئية نحو ملياري دولار، لنحو 30 مشروعا بيئيا نفذنا غالبيتها في السنوات القليلة الماضية، فيما نعمل على تنفيذ عدد آخر منها، وغير مرة أكدنا استعدادنا للتعاون مع الهيئة لتطبيق القانون الجديد». ويلفت العسعوسي إلى أن مشاريع الشركة البيئية «مستمرة على الدوام، وتهدف الى رفع الكفاءة البيئة في منشآتنا، وبعضها مسجل في هيئة الأمم المتحدة مثل مشروع استرجاع غاز الشعلة في مصفاتي ميناء الأحمدي وميناء عبد الله، وكذلك مشروع استبدال غاز الهالون من جميع الأنظمة الموجودة في الشركة».
ويشير العسعوسي إلى أن الشركة تنفذ «مشروع إنشاء وحدة نظام استرجاع غازات الشعلة في مصفاتي ميناء الأحمدي وعبد الله. واستخدام تقنية حديثة في وحدة التكسير بالعامل الحفاز المميع في مصفاة ميناء الأحمدي، للحد من انبعاث الجسيمات الدقيقة العالقة في الهواء الناتجة من وحدة التكسير بالعامل الحفاز المميع». ويضيف إنه «تم استخدام تقنية حديثة ذات كفاءة أعلى لشعلة الغلاية رقم (2) في مصفاة ميناء الأحمدي لتقليل أكاسيد النيتروجين. بالإضافة إلى مشروع استخدام تقنية حديثة ذات كفاءة أعلى لشعلة السخان رقم (11) و(13) في مصفاة ميناء عبدالله لتقليل أكاسيد النيتروجين، بهدف تقليل انبعاث أكاسيد النيتروجين للجو».
ونفذت الشركة مشروع كشف وإصلاح التسربات الغازية في المصافي ومرافق التسويق المحلي وهدفه الحد من انبعاث المواد الهيدروكربونية وغير الهيدروكربونية الناتجة من المكونات المختلفة لمرافق الشركة، ومشروع استبدال غاز الهالون من جميع الأنظمة المعمول بها في مصافي «البترول الوطنية» ودائرة التسويق المحلي.
وهناك عقد خدمات مختبرية لغرض المراقبة البيئية في المصافي والتسويق المحلي (الهواء – الماء – المخلفات الصلبة)، والقيام بالدراسة الثانية لإجراء دراسة لقاعدة البيانات البيئية اللازمة لدراسات المردود البيئي للمشاريع المستقبلية للشركة ويهدف الى تأسيس قاعدة بيانات بيئية لدراسة المردود البيئي للمشاريع المستقبلية لشركة البترول الوطنية والمناطق المحيطة بها وأنجز المشروع في العام 2013.
ويلفت العسعوسي إلى أن «هناك عدداً من المشاريع التي يجري العمل فيها ومن أبرزها: المشروع الثاني لاسترجاع غاز الشعلة وهو إنشاء وحدة نظام استرجاع غازات الشعلة من وحدة رقم (49) في مصفاة ميناء عبدالله. ومشروع إنشاء وحدة إضافية لمعالجة عادم الغازات الحمضية في مصفاة ميناء الأحمدي، وذلك بهدف خفض نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكبريت بسبب زيادة الطاقة الإنتاجية في المصافي إلى الحد المسموح به من قبل الهيئة العامة للبيئة، وسيتم الانتهاء منه في أغسطس المقبل».
ويضيف إن «مشروع نظام استرجاع أبخرة الغازولين من محطات تعبئة الوقود (المرحلة الثانية)، إذ يتم استرجاع هذه الأبخرة خلال تزود المركبات بالوقود من محطات تعبئة الوقود وذلك لتقليل الإنبعاثات الغازية، وسيتنهي المشروع في أغسطس 2016».
ويؤكد العسعوسي أن «مشروع استبدال غاز الهالون بغاز صديق للبيئة من جميع الأنظمة المعمول بها في مصافي البترول الوطنية ودائرة التسويق المحلي، يعد واحدا من المشاريع الرائدة والحديثة في الشركة ويجسد التزامها في الحفاظ على طبقة الأوزون واتفاقية مونتريال الخاصة بحماية هذه الطبقة. وقد أنجز المشروع في يناير الماضي».
الحوادث
وعن خطط مواجهة الحوادث، يقول العسعوسي إنه «فور وقوع أي حادث يتم تشكيل لجنة تحقيق، وتقوم هذه اللجان برفع توصياتها، ونقوم بمتابعة هذه التوصيات، وفي ضوء هذه المستجدات نضع ما نسميه (خارطة السلامة)، التي هي مجموعة من الإجراءات لضمان مزيد من السلامة وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية في مختلف المواقع وتتمثل هذه الإجراءات في إنشاء مركز تدريبي تقني لرفع المستوى التقني لموظفي الشركة، ورفع مستوى كفاءة موظفي المقاول عن طريق التدقيق الدوري على نظام الإدارة للمقاول، وخصوصاً في مجالي التدريب والتوجيه، وتطوير نظام سلامة السلوك، وتطبيق نظام تصريح العمل الإلكتروني لتلافي الأخطاء البشرية، ولائحة إجراءات خاصة عند إعلان أي منطقة خاصة لمشروع داخل حدود منشآت الشركة، تحدد المسؤوليات والتنفيذ الآمن للمشروع، وإشراك مهندسي الصيانة والسلامة التابعين للمقاول في إعداد تقييم المخاطر، وإنشاء قسم سلامة عمليات التصنيع، وتحسين تطبيق نظام التحقيق بالحوادث وإجراءات تطبيق التوصيات».