حوري لـ «الراي»: لا وجود لأيّ إشكال بين ريفي والمشنوق والتحقيقات في أحداث «رومية» ذاهبة حتى النهاية
«انتفاضة» اقتصادية مرتقبة اليوم في لبنان
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
03:36 م
كرّست «الجلسة» رقم 25 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية التي كان موعدها امس استمرار لبنان في دوامة الفراغ «المكلف» الذي تملأه أزمات متلاحقة يُخشى ان تفضي الى انفلات «المكابح» التي ما زالت تقي البلاد شرّ الانزلاق الى الانفجار الكبير.
ومرّت جلسة الانتخاب الرئاسية (أرجئت حتى 15 يوليو) وكأنها لم تكن بعدما بات الجميع في الداخل والخارج يسلّمون بأن مفتاح هذا الملفّ مرتبط بما ستقفل عليه القضايا الساخنة في المنطقة، وبأن تمسُّك كتلتيْ العماد ميشال عون و«حزب الله» برفض تأمين النصاب تحت عنوان «عون او لا رئاسة» سيستمرّ الى ان ينقشع غبار الواقع الاقليمي الذي يشي بتحولات كبرى سواء على خريطة النفوذ او حتى خرائط...الجغرافيا.
على ان مشهد البرلمان العاجز عن انتخاب رئيس جديد اكتسب هذه المرة بُعداً جديداً لأنه تزامن مع ارتفاع غير مسبوق في «درجة المخاطر» على الواقع اللبناني، سياسياً في ضوء عدم تَلمُّس مخرج واضح بعد لإنهاء «العطلة القسرية» للحكومة، آخر المعاقل المؤسساتية العامِلة في النظام، وأمنياً في ظلّ ما ظهّره شريطا تعذيب سجناء اسلاميين في سجن رومية المركزي من احتقان وحساسيات و«أفخاخ»، واقتصادياً وسط الصرخة التي يطلقها اليوم الجسم الاقتصادي باختلاف هيئاته (وحتى النقابية) ضد «الانتحار» الناجم عن الأزمة السياسية والفراغ الرئاسي.
وبدا واضحاً في بيروت امس ان «الغليان» الذي أحدثه تسريب أشرطة التعذيب في رومية، جعل الحسابات المتعلّقة بالدعوة الى جلسة حكومية أكثر دقة، بمعنى ان رئيس الحكومة تمام سلام الذي حسم مبدأ انه لن يستسلم لمنطق شلّ عمل مجلس الوزراء والذي سيدعو الى جلسة تضع الجميع امام مسؤولياتهم يحاذر القيام بهذه الخطوة، فيما لا تزال تفاعلات قضية رومية حاضرة، وإن كانت سلكت طريقها الى الاحتواء وذلك حرصاً على عدم إضافة عامل توتر يمكن ان يجرّ البلاد الى المحظور.
على ان اوساطاً مراقِبة ترى ان المناخ الذي عبّرت عنه الغضبة في الشارع رداً على تعذيب السجناء والذي عكس شعور «القهر والإحباط» في هذا الشارع، تشكّل عامل ضغط أكبر على رئيس الحكومة لعدم التفريط بصلاحياته سواء في الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء او تحديد جدول الأعمال بمعزل عن إصرار عون مدعوماً من «حزب الله» على رفض بحث اي بند قبل بت مسألة تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش مستبقاً بثلاثة أشهر انتهاء خدمة العماد قهوجي.
وبرزت مؤشرات امس الى ان سلام قد يمدّد فترة التريث بالدعوة لجلسة وزارية الى ما بعد 2 يوليو المقبل إفساحاً في المجال امام المزيد من الاتصالات التي يشارك فيها بزخم رئيس البرلمان نبيه بري على قاعدة مواصلة البحث عن صيغة ترضي عون بمعنى عدم التعيين المبكر لقائد جديد للجيش وفي الوقت نفسه «حفظ فرصة» لروكز لتولي هذا المنصب في سبتمبر المقبل، وإلا السير بجلسة تسعى الى الفصل بين هذا الملف وبين القضايا التي تعني الواقع الاقتصادي والمعيشي للناس والذي سيتحمّل عون مسؤولية عرقلتها بحال إصراره على موقفه، ولا سيما بعد ما يشبه «الانتفاضة» الاقتصادية المرتقبة اليوم ضد المسار الانحداري اقتصادياً ومالياً واجتماعياً.
وفي موازاة ذلك، اتجه ملف سجن رومية الى الاحتواء بعدما نجح «تيار المستقبل» الذي يقوده الرئيس سعد الحريري في استيعاب الصدمة التي أحدثها انكشاف تعذيب السجناء وقطْع الطريق على تحوُّلها لغماً ينفجر داخل التيار، وذلك من خلال الاتصالات التي قام بها الحريري لتهدئة الشارع ومسارعة وزيريْ الداخلية نهاد المشنوق والعدل اللواء اشرف ريفي الى لقاء سحب كل فتائل اللعب على وتر وجود خلاف بينهما او وقوف ريفي وراء تسريب الشريطيْن بمعرض التنافس مع المشنوق.
ورغم ان القضاء وضع يده على الملف من خلال بدء ملاحقة خمسة عسكريين متورطين بتعذيب السجناء واستمرار التحري عن القطبة المخفية المتعلقة بتوقيت تسريب الشريطين، لم تُخْف مصادر سياسية قلقها عبر «الراي» ما عبّر عنه هذا الملف ولا سيما لجهة وجود محاولات للإمعان في دفع الشارع السني الى بناء خطوط تماس مع «الدولة» ومؤسساتها الأمنية الواحدة تلك الأخرى وإيجاد شرخ بينه وبين قيادته المعتدلة اي تيار «المستقبل» وذلك لدفْعه الى منطق يسهّل على خصومه التعاطي معه «أمنياً» اذا اقتضت الحاجة ذلك مستقبلاً سواء لاعتبارات عسكرية تصل بتطورات محتملة في مناطق سورية متاخمة لشمال لبنان او لاعتبارات سياسية بحال انهيار نظام الرئيس بشار الاسد.
وما عزّز هذا الانطباع ما كشفه ريفي عن شريطين آخريْن رافقا تسريب شريطيْ رومية وقال انهما يظهران مجموعتين من «حزب الله» تنهال بالضرب على عنصر سني في القلمون، مع شتائم، علماً ان ريفي كرر اتهام الحزب بالوقوف وراء كل التسريبات للأشرطة وهو ما قابله «حزب الله» بردّ أسف فيه «لأننا بتنا نعيش في بلد تنحدر فيه المسؤولية إلى مستوى أن يرمي وزير العدل اتهامات من دون أي أساس ولا أي دليل (...) وأن يقوم المتهم الرئيسي بهذه القضية بالتهرب من مسؤولياته»، قبل ان يرّد وزير العدل بدوره مؤكداً ان اتهامه «مثبت».
وتعليقاً على أحداث التعذيب في رومية قال النائب عمار حوري (من كتلة الحريري) لـ «الراي» أن «لموضوع الأشرطة المسرّبة شقين: رفْض كامل للصورة التي رأيناها من تعرض للسجناء، وفي المقابل هناك دولة عليها اتخاذ اجراءاتها لحماية السجناء وفرض القانون».
وعن الغاية من التسريب وتوقيته والجهة التي تقف خلف هذا الأمر، قال: «فلننتظر نتائج التحقيقات، ونؤكد في هذا الإطار ضرورة أن يذهب التحقيق إلى الآخر، وأن ينال المرتكبون عقابهم أياً كانوا. ومن الواضح أن الإجراءات ذاهبة في هذا الاتجاه».
وسألته «الراي»: من الواضح أن هناك محاولة لدق إسفين بين الوزيرين أشرف ريفي ونهاد المشنوق فهل هناك دخان من دون نار؟ فأجاب: «ما من دخان ولا نار أصلاً. فبالأمس كانت الصورة واضحة في اجتماع كتلة المستقبل حيث حضر الوزيران، وقبل ذلك زار الوزير ريفي الوزير المشنوق في وزارة الداخلية. وأعتقد أن الأمور أكثر من واضحة وما من إشكال بينهما».