تريد جلسة حكومية «سريعاً» لاختبار حقيقة نيّاته

«14 آذار» تتوجّس من اتجاهات انقلابية لـ «حزب الله»

1 يناير 1970 01:51 م
تطلّ الأزمة الحكومية في لبنان على أسبوع ثالث من دون أيّ أفق واضح لإمكانات وضع حدّ لها بمعاودة جلسات مجلس الوزراء، بل ان الآمال القليلة المعلّقة على الوساطات والمساعي المبذولة لإيجاد مخرج للأزمة بدت الى تراجُع في الايام الاخيرة.

وتفيد المعطيات المتوافرة عن هذه الجهود عشية جولة واسعة من الاتصالات والمساعي التي ستتواصل في الأيام المقبلة انه على غرار ما شهده الأسبوعان الاول والثاني من المأزق الذي تَسبّب بتعليق جلسات مجلس الوزراء، لم تختلف نهاية الاسبوع الماضي لجهة تلقي الجهات الحكومية والسياسية المعنية رسالة واضحة تماماً من رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بأن كل هذه المساعي لن تثمر ولن تؤدي الى اي مخرج ما لم يتم تنفيذ شروطه لجهة بتّ ملف تعيين قائد جديد للجيش اولاً، اي ان يخْلف صهره العميد شامل روكز العماد جان قهوجي، وذلك قبل نحو 3 اشهر من انتهاء خدمة الأخير.

وإذا كان ذلك لم يفاجئ احداً بطبيعة الحال، فإن ما بدأ يثير الخشية لدى كثيرين يتجاوز الرسائل التصعيدية لعون في موضوع ملف التعيينات الأمنية الى العجز الواضح لدى الوسطاء عن اجتراح اي مخرج يمكن ان يحول دون تَفاقُم الأزمة الى تعقيدات جديدة. ذلك ان اوساطاً مواكبة للاتصالات الجارية تقول لـ «الراي» ان «مسألة تعطيل جلسات مجلس الوزراء تنذر بإثارة جانب قد يتخّذ بُعداً مذهبياً في وقت قصير جداً، يتعلق بشلّ صلاحيات رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي بات يعاني إحراجاً واسعاً في تمديده لفرصة المساعي الجارية والامتناع عن استعمال صلاحيته في الدعوة الى جلسات مجلس الوزراء ووضع جدول الأعمال، في حين لا تُقابل مرونته الزائدة هذه منذ 3 أسابيع حتى الآن إلا بمزيد من التصعيد».

واذ يعوّل سلام على الدور المحوري لرئيس مجلس النواب نبيه بري خصوصاً في التوصّل الى تدوير الزوايا، فإن الأوساط تلفت الى ان واقع بري نفسه بات مبعث شكوك في قدرته الواقعية على تجنُّب تفاقُم الأزمة ما دام موقف حليفه الاساسي «حزب الله» وسائر قوى «8 آذار» الآخرين يغطّي تصعيد عون ولم تبدُ اي إشارة من شأنها منع تفاقم الازمة. فالحزب يترك لبري الهامش المرن في موقفه ولكنه في المقابل لا يظهر اي استعداد لبذل ما من شأنه ان يبدّل الأزمة، بما يعني ان موقف بري لن يكون قابلاً للتطور الى حدود تغطية انعقاد جلسة لمجلس الوزراء لا تستوفي الشروط العونية كما تردد في الايام الاخيرة.

وتضيف الاوساط نفسها ان «الاسبوع الطالع قد يتّسم بأهمية لجهة كشْف النيّات القريبة والبعيدة الكامنة وراء الاستمرار في شلّ مجلس الوزراء، اذ ان الكواليس السياسية بدأت تركّز مداولاتها عما اذا كان كلام عون الأخير عن الفيديرالية يحظى بغطاء (حزب الله) فعلاً، ما يرتّب مفاعيل خطرة لجهة إحياء المخاوف من المؤتمر التأسيسي وتغيير الصيغة الداخلية برمّتها، أم أن الأمر لا يعدو كونه رفْعاً للسقْف السياسي وللتهويل بهذا السقْف بغية الضغط لانتزاع تنازلات ملموسة لعون الذي لم يعد يحتمل خسائر متعاقبة ويريد الحزب مجاراته الى حدود أبعد مما يرغب فيها فعلاً».

ولكن الاوساط توضح ان «هذا الامر سيغدو سلاحاً ذا حديْن لانه سيرتّب في وقت قصير على (حزب الله) ان يجيب عن سؤال حاسم عما اذا كان موافقاً على طرح حليفه، وتالياً هل يعني دعمه حتى النهاية في شلّ الحكومة بداية زعزعة لآخر سلطة توافُقية تقوم في البلاد، وما أثَر كل ذلك على الاستقرار العام واتفاق الطائف».

وإذا كانت معظم قوى «8 آذار» لا تأخذ حتى الساعة ظاهراً على الأقل بهذه الأبعاد للأزمة وتحصرها بملف الشروط العونية، فإن الاوساط المواكبة للاتصالات تقول ان «قوى (14 آذار) خصوصاً بدأت تتعامل مع المشهد بانه ينذر باتجاهات انقلابية يتحوّل معها عون واجهة تخبّئ أجندة اقليمية وان هذه القوى ستتصرف من وحي هذه القراءة لاتخاذ مواقفها المقبلة داخل الحكومة وخارجها وهي ترى ان على الرئيس سلام ان يبادر بأسرع وقت للدعوة الى مجلس الوزراء لاختبار حقيقة النيّة لدى (حزب الله) تحديداً، أقلّه لكشف اذا كانت الحكومة لا تزال تشكّل خطاً أحمر لديه ام ان دعمه لعون بات في مرحلة متقدمة من التمهيد لأهداف أبعد».

وكان العماد عون اعلن امس الأحد امام وفود شعبية زارته «اننا نعاني من مشكلة كبيرة هي في دور المسيحيين في الحكم اللبناني، لأنه يبدو أننا فقدنا دورنا الأساسي ولن نستعيده إلا إن كنا أهلا له ومن خلال تثبيت وجودنا»، لافتاً الى «انهم مدّدوا للعماد قهوجي بقرار غير دستوري، ما يجعل من قائد الجيش غير شرعي»، ومضيفاً: «أدافع عن تعيين صهري العميد شامل روكز وهو القبضاي والبطل، وهذا كله لم ينفعه لينتقدوا أنه صهر العماد عون».

واذ اكد «اننا نعاني أزمة في تمثيل المسيحيين»، قال: «قد يجتمع التيار الوطني الحر من كل أنحاء لبنان للمطالبة باعادة حقوق المسيحيين ولدينا مئة أسلوب لتغيير الوضع القائم بأي وسيلة مشروعة»، مشدداً على «ان الرئيس التوافقي يعني استمرار الحال على ما هو ونحن نريد الرئيس التوفيقي الذي سيجمع اللبنانيين».

كما ابدى «افتخاره بالتفاهم مع المقاومة»، معتبرا أنه «تفاهُم ضد اسرائيل وضد الارهاب علناً».