الجهات المعنية رصدت التلاعبات واتخذت إجراءات احترازية

فضيحة عبث بحسابات متداولين ... أصحابها خارج البلاد!

1 يناير 1970 07:56 ص
• تواطؤ متنفّذين في شركات وساطة سهّل التلاعب بحسابات «خاملة» منذ وقت طويل

• المتلاعبون صرّفوا كميات كبيرة من الأسهم بأسعار مرتفعة على حسابات «الضحايا»

• حسابات المتوفين لا تخضع للرقابة الكافية وكثيراً ما تكون عُرضة للاستغلال
سيطرت الجهات الرقابية في سوق الكويت للاوراق المالية على تلاعبات وممارسات قام بها مديرو حسابات فردية عن طريق استغلال نحو ثمانية حسابات «خاملة» لمواطنين تحتوي على مبالغ مالية مختلفة.

وتكشّف لدى المعنيين في قطاع التداول بالبورصة ان هناك شُبهة تواطؤ من قبل شركات وساطة مالية (نحو ثلاث شركات) من دون تفويضات رسمية، لاستخدام بعض الحسابات منها التي لم يصدر لها شيكات نقدية عبر الشركة الكويتية للمقاصة منذ فترة طويلة من اجل التصريف عليها واستخدامها للشراء لكسر وحدات سعرية مرتفعة، من دون علم أصحابها.

وانكشفت الفضيحة حين تلقّى أحد المستثمرين خارج الكويت قبل أيام اتصالا من قطاع المحاسبة لدى شركة وساطة كويتية تطالبه فيها بضرورة الإسراع في سداد مبالغ نظير الصفقات التي نفذها على أسهم مُدرجة، وإلا ستتخذ الجهات المعنية إجراءاتها القانونية ضده، ما أثار استغراب الرجل، لأنه لم ينفّذ أي عمليات منذ وقت طويل!

وتلقت إدارة الوسطاء شكاوى في ذلك الصدد ضد شركات وساطة، كانت بدايتها مع رئيس قسم التسويات في البورصة فهد المطيري الذي استقبل مضارين من تلك الممارسات ليبادر بإبلاغ مدير إدارة التداول محمد الغانم ورفع الامر الى نائب المدير العام عبد العزيز المرزوق الذي اتخذ إجراءات احترازية وقانونية تمهيداً لرفع الامر الى «هيئة الأسواق».

وتشير مصادر مطلعة على الملف إلى أن وسيطاً سابقاً اتفق مع وسطاء حاليين في أكثر من شركة لتنفيذ عمليات مُضاربية تقوم على استغلال الحسابات غير النشطة من دون علم أصحابها في تصعيد أسهم مُدرجة، وذلك من خلال إشراكها في تبديل الكميات على أسعار مرتفعة، وهكذا، إلى أن بلغت المستويات السعرية لبعض السلع المُتلاعب عليها مداها في الارتفاع، ليصادف ذلك دخول السوق في موجة تراجع على نفس السلع التي ينشط عليها المتلاعبون، ولم يجد هؤلاء بدا من النفاد بـ «جلدهم» من تراجع السعر عليهم وتكبد الخسائر سوى التصريف على الحسابات المُستغلة.

وبينت المصادر ان البورصة بصدد عمل مراجعة شاملة لحسابات الوسطاء وعملائهم وتطوراتها خلال الفترة الاخيرة، خصوصاً أن عملية فتح الحسابات شهدت كثافة خلال الفترة الماضية في ظل إدراج بعض الشركات ذات المساهمة العامة مثل وربة وفيفا وغيرها، إذ استغل مساهمو تلك الشركات (متداولون جُدد) حساباتهم لمرة أو مرتين إلا أنها ما زالت قائمة في المقاصة «خاملة».

تكرار الممارسات

وبالرجوع الى الأداء التاريخي لحسابات الضحايا، ظهر تكرار مثل هذه العمليات وبالطريقة نفسها التي انكشفت، ليقع المتلاعبون في يد الرقابة، إلا أن أطرافاً تحاول طرح تبريرات لتبرئة بعض المتهمين وذلك بحُجة ان الواقعة حدثت في ظل اتفاق شفهي سبق التعامل بتلك الحسابات يسمح للمتصرّفين بالتداول عبر تلك الحسابات عبر تقسيم العائد من الصفقات بين أصحابها والقائمين على إداراتها، إلا أن البورصة لا تعترف بمثل هذه الاتفاقات طالما أنها غير موثقة، لاسيما أن الاطر القانونية المتبعة تستدعي الحصول على تفويض رسمي لإدارة الحساب، في الوقت الذي نفى أصحاب حسابات التداول ما أثاره البعض من روايات.

وأفادت مصادر مطلعة بوجود شهبات تلاحق المتنفذين داخل شركات الوساطة بأنهم قاموا بتسهيل استغلال حسابات عملاء لديهم من اجل الحصول على حفنة من الدنانير دون سند قانوني، متوقعة الانتهاء من صياغة التقرير وتقديمه الى هيئة أسواق المال خلال الاسبوع الجاري.

ومن جانب آخر، قالت مصادر مسؤولة في البورصة إن قطاعات السوق تتابع ما ترصده من تجاوز سواء في ما يتعلق بتعاملات السوق التي تشهد مخالفة صريحة للمواد ومنها المادة 122 التي تعاقب على خلق الإيحاء الزائف وغيرها من الممارسات التي تتمثل في وضع اوامر وتدوير الأسهم بهدف تصعيدها، لافتة الى ان سحب الصلاحيات وتحويلها الى هيئة أسواق المال كاملة كان له أثر كبير في سريان الدور الرقابي بذات الجودة السابقة.

واستذكرت المصادر تزوير احد المواطنين قبل سنوات لتوكيل باسم رجل اعمال معروف ترتب عليه تسييل كميات كبيرة من أسهم احد البنوك المُدرجة، مشيرة الى أن وسيط بالشركة استغرب عمليات البيع بالحساب الذي يعرف صاحبه خير المعرفة، إذ قام بالاتصال به، لينفي صلته بما يحدث ما أدى الى اتخاذ قرار بوقف البيع الذي فاق وقتها الخمسة ملايين دينار، وتحويل القضية التي كان لـ «الراي» السبق في تناولها الى التحقيق.

وذكرت المصادر ان هناك ثغرات بحاجة الى حلول جذرية، ولا بد للجهات الرقابية العمل على مُعالجتها، منها حسابات المتوفين التي يستغلها البعض بموجب وكالات سابقة دون ان يكون للسوق أي علم بحدوث الوفاة، إذ تستمر التعاملات بأسماء المتوفين وقد يترتب على ذلك تلاعبات وسرقات مختلفة، فيما يظل دور البورصة غائباً كونها لم تُبلغ رسمياً بالوفاة!

واوضحت ان هناك اكثر من واقعة حدثت منذ فترة تمثلت في التداول بحسابات لمتوفين واصدار شيكات بناتج التعاملات، بل وصرفها من البنوك، إذ أظهرت المتابعات التي ترتبت على إشهار الإرث لحالات مُحددة ان تداولات تمت عقب الوفاة على حساب «الطرف المتوفى» ما أثار إشكاليات لا يزال البعض منها منظوراً لدى القضاء حتى الآن.