وقل ربي زدني علما

1 يناير 1970 09:48 ص
في هذه الزاوية نقدم مجموعة من الأفكار والخواطر الإيمانية والتربوية التي تتناسب مع طبيعة شهر رمضان المبارك، عسى الله أن ينفعنا بها .

... قرآناً عربياً



منذ قديم الزمان كانت اللغات موجودة على الارض وكانت متفرقة, حسب البيئات المختلفة وحسب الحضارات وتقدمها او تأخرها، ويقال ان لغة الاشارة كانت تستخدم في بعض المجتمعات القديمة وعموما فان اللغة هي التعبير عما في النفس بكلمات اوجدها الناس حسب بيئتهم المنتمين اليها, وتكون على هيئة كلمات وجمل قصيرة حسب الزمان والمكان الذي ينتمي اليه الإنسان, ومن هذه اللغات المنتشرة في الارض بل ومن اهمها، هي اللغة العربية، فهي من اقدم اللغات على الأرض و إحدى اللغات السامية, وقد كانت في شمال الجزيرة العربية التي كان يتكلم بها العدنانيون, وعرفت قديما باللغة الحميرية، وكان يتكلم بها القحطانيون ويعد القرن السابق لنزول القرآن الكريم فترة تطور مهمة للعربية الفصحى, ويدل على ذلك ما كان عليه الشعر والنثر الجاهليان, وهناك ملاحظة جيدة: وهي سعة اللغة العربية وغناها، وضيق اللغات الاخرى وفقرها النسبي فاللغة اللاتينية بها 700 جذر لغوي، واللغة السكسونية بها 2000 جذر, بينما اللغة العربية بها 16000 جذر لغوي، وهناك ميزة اخرى ينفرد بها الحرف العربي بذاته, وله دلالة رمزية مثل حرف الحاء مثلا يرمز الى الحدة والسخونة مثلا: حمى وحرارة وحر وحريق, وحقد, بينما حرف الخاء يرمز الى ما هو كل كريه وسيئ ومنفر,مثل: خوف وخزي وخيانة, خذلان وخنزير وهناك ايضا غنى اللغة العربية بمفرداتها التي قلما توجد في اللغات الأخرى,حيث تجد للأسد مثلا العديد من الاسماء مثل الليث و الغضنفر والسبع والضرغام والورد والقسورة وغيرها, وكل اسم يعكس صفة مختلفة في الاسد وهذا نادر في اللغات الأخرى، وكان الشرف العظيم من عند الله العلي العظيم هو نزول القرآن الكريم باللغة العربية الفصحى تشريفا وتعظيما وهو أهم حدث في مراحل تطورها فقد وحد لهجاتها المختلفة في لغة فصيحة واحدة قائمة في الاساس على لهجة قريش, واضاف الى معجمها الفاظاً كثيرة واعطى الالفاظ دلالات جديدة, كما ارتقى ببلاغة التراكيب العربية, وكان سببا في نشأة علوم العرب كالنحو والصرف والاصوات وفقه اللغة والبلاغة, فضلا عن العلوم الشرعية, كما انه حقق للعربية سعة الانتشار والعالمية، وفي زمن عبد الملك بن مروان تم تنقيط الحروف على يد نصر ابي عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني, كما قاما بترتيب الحروف هجائيا حسب ما هو شائع اليوم, وقد كان للقرآن الكريم اثر كبير في عدة نواح منها: المحافظة على اللغة العربية من الضياع, وتقوية اللغة والرقي بها نحو الكمال وتوحيد لهجات اللغة العربية, وتخليصها من اللهجات القبلية الكثيرة, وتحويل اللغة العربية الى لغة عالمية وكذلك تحويل اللغة العربية الى لغة تعليمية ذات قواعد منضبطة, وكذلك تهذيب ألفاظ اللغة العربية ونشوء علم البلاغة وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى عظيم على العرب, وعلى الاسلام وهناك آيات في القرآن الكريم تتكلم عن نزوله باللغة العربية منها (إنا جعلناه قرآناً عربياً )الزخرف آية3 وكذلك ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين )الشعراء آية 192 وكذلك ( إنا أنزلناه قرآناً عربياً غير ذي عوج) الزمر آية 27 اللهم لك الحمد والشكر على القرآن.