مع اقتراب المعارضة السورية من تشكيل «كمّاشة» على دمشق
وهج تداعيات معركة القنيطرة يلفح المقلب اللبناني من جبل الشيخ
| بيروت - من أسامة القادري |
1 يناير 1970
01:51 م
يبدو أن شهر رمضان سيكون له معنى آخر لدى المعارضة السورية المسلّحة وسْط تسارُع الأحداث، في محاولة لفرْض طوْق كمّاشة على قوات النظام في دمشق.
فما إن أعلنت الفصائل المسلحة في الجبهة الجنوبية (جيش الحرمون) عن بدء معركة «فتح الحرمون» لتحرير «التلول الحمر»، حتى اكدت بعد 4 ساعات سيطرتها عليها، وهو ما قد يفتح معارك في القنيطرة ويوحّد الجبهات الجنوبية كافة مع جبهة درعا.
ورغم الحصار المطبق الذي عانته الفصائل لمدة سنتيْن، استطاعت ان تتسلم زمام الامور في منطقة لها حساباتها، أولاً كونها متاخمة للجولان المحتل ومنزوعة السلاح، وثانياً لأن عناصر «الدفاع الوطني» التابعة للنظام هم من قريتيْ حضر وحرْفا الدرزيتيْن، ما قد يأخذ الامور الى التصعيد ويهدد بحرب مذهبية في تلك المنطقة، من دون إغفال تماسها مع الحدود اللبنانية من ناحية شبعا.
ومع اشتداد معارك جبل الشيخ في المقلب السوري، وسماع دوي انفجارات القذائف والصواريخ، في قرى العرقوب وحاصبيا ومنطقة راشيا في المقلب اللبناني، سادت هذه المناطق حال من القلق والترقب الشديديْن من ان تكون لهذه المعارك التي تدور في مناطق درزية سورية تداعيات على الداخل اللبناني على شكل حساسيات او صراع سنّي - درزي.
ذلك أن «التلول الحمر» الاستراتيجية المشرفة على قرى الغوطة الغربية والقنيطرة والجولان المحتلّ لها حيثيّتها العسكرية، كونها تربط القنيطرة بالغوطة الغربية ودرعا وهي متاخمة للأراضي اللبنانية، وهو ما رفع من وتيرة مخاوف الدروز في حاصبيا وراشيا الوادي، من إحداث مجازر بصفوف أبناء طائفتهم على غرار ما حصل في قلب لوزة الدرزية في ريف ادلب قبل اسبوع.
وبحسب ما تشير المعطيات الجغرافية، فإن المعركة على «التلول الحمر» تفرض مواجهات في الايام المقبلة لتحرير القنيطرة وتستوجب الدخول الى حضر وحرفا، ما لم يسلّم ابناؤها سلاحهم وتحديداً «المنضوون تحت (الدفاع الوطني) التابع للنظام»، بحسب ما أشار اليه أحد القادة الميدانيين في «جيش الحرمون» ابو طارق، مضيفاً: «الضرورة العسكرية للوصول الى القنيطرة تتطلب تنظيف القرى من أتباع النظام وشبّيحته، لأن القريتيْن تفصلان الجبهة الجنوبية عن القنيطرة وتعوقان تقدّم المعارضة باتجاه المحافظة. ومن الجهة الشمالية هناك قرى عرنة وبقعسم، والريمة وقلعة الجندل، ومن الجهة الشرقية اللواء 68، ومن الجهة الشرقية الجنوبية فرع الأمن العسكري في سعسع، ما يضطر جيش الحرمون الى دخول تلك القرى بمعزل عن هويتها الدينية والمذهبية. فليس هدفنا الدروز كما يريد النظام وأعوانه أن يصوّرا المعركة».
وفيما استبعد مصدر عسكري في المعارضة السورية تدخّل «حزب الله» في معركة الجنوب «بعدما فشل في إغلاق طرق الإمداد على المقاتلين والقرى السنّية، وبعد خسائره المتلاحقة في جبهة القلمون وجرود عرسال التي جر اليها كامل قوته». قال: «لم يعد بوسْع الحزب فتح جبهة أخرى لأنه يدرك أن نهايته اقتربت»، موضحاً انه «بسيطرتنا على التلول الحمر أصبحت الطرق مفتوحة اكثر الى الداخل السوري مع اعتماد النظام سياسة الهروب التكتيكي أمام ضرباتنا، وهو ما سيسرّع في عمليات الحسم، وقريباً ستشهدون التحام الجبهات جميعها للالتفاف على معقل النظام في العاصمة، وتكون معركة فتح دمشق». واضاف: «التلول الحمر، هي الفاصل بين ريف دمشق الغربي والقنيطرة، ما يعني أن عملية وصل جبهتيْ القنيطرة والغوطة الغربية بجبهة درعا قاب قوسيْن أو أدنى، وبذلك يكتمل طوْق الكمّاشة على النظام داخل العاصمة، ولذا قد تشهد الايام القليلة المقبلة معارك للسيطرة على مواقع النظام المتبقية في محافظة القنيطرة».
وفي موازاة ذلك، أفادت معلومات من الأهالي في شبعا وعين عطا عن تحرّك فصائل لبنانية مسلّحة تسمي نفسها «سرايا المقاومة»، محسوبة على «حزب الله» الذي كان وزّع عليها السلاح قبل نحو 8 أشهر. وبحسب أحد مقاتلي هذه السرايا فإن مهمتهم «ردع اي عملية تسلّل واعتقال أي من الجرحى في حال دخلوا شبعا»، موضحاً «اننا على استعداد لدخول القرى الدرزية لردّ التكفيريين ومنعهم من ارتكاب مجزرة بحق الأهالي».
بدورها شهدت قرى راشيّا المتاخمة لسلسلة جبل الشيخ تحرّكاً واستنفاراً بين شبابها المنتمين لأحزاب مؤيدة للنظام السوري بينها «الحزب السوري القومي الاجتماعي» و«الحزب الديموقراطي» و«حركة التوحيد» و«حركة النضال العربي» وهو ما رفع وتيرة تخوّف الاهالي من أن تكون هذه المظاهر لإيجاد فتنة داخل هذه القرى بعدما تبيّن مدى تسارُع المعارك والهزائم التي تلحق بالنظام السوري.
من جهته، اعتبر وكيل الداخلية في «الحزب التقدّمي الاشتراكي» رباح القاضي أن «ما يحصل في المنطقة الجنوبية هو استكمال لعمل المعارضة الذي بدأته في كل سورية، والقرى الدرزية ليست بمنأى عما يجري في سورية»، مضيفاً: «نؤكد أن الدروز ليس امامهم أي خيار إلا المصالحة مع جيرانهم، وأيّ رهان على النظام رهان خاسر».