مقابلة

المرزوق لـ «الراي»: الدينار ما زال قويا ... ولا أتوقع صعود الفائدة خلال العام

1 يناير 1970 01:48 م
• الودائع الحكومية مفيدة للإقتصاد والنظام المصرفي والحكومة نفسها

• أفضِّل منح تمويلات مشاريع التنمية بالعملة الوطنية... نظراً لأهمية ذلك
في توطين الدينار

• «المركزي» قام بما عليه لخلق منحنى عائد لغاية 10 سنوات ...
ولا بد من سوق ثانوي

• لا سبب لسحب الودائع الحكوميّة من البنوك المحليّة ... فالعوائد عليها أعلى من البنوك الخارجيّة
• ما مدى اعتماد البنوك على الودائع الحكومية؟ وهل يمكنها إدارة استحقاقاتها من دون هذه الودائع؟
- أعتقد أن بقاء الودائع الحكومية ضرورة للنظام المصرفي وللحكومة نفسها. فهذه الودائع توفر سيولة تدور في الاقتصاد الكويتي، وفي الوقت نفسه توفر للحكومة عائدا ممتازا مقارنة بأسعار الفائدة في الأسواق الاخرى ذات التصنيف المقارب، وهذه بحد ذاتها فرصة للحكومة، فالبنوك الكويتية محصنة وأوضاعها المالية وتصنيفاتها أفضل بكثير من بنوك أخرى خارجية لا تعطي العائد نفسه، ولذلك فإن وجود الودائع الحكومية في البنوك الكويتية ليس مجرد تلبية لطلب البنوك الكويتية، بل إن المؤسسات الحكومية رأت الجدوى والفائدة في ابقاء اموالها في البنوك الكويتية.

• لكن البعض يرى أن البنوك تحقق جزءاً كبيراً من الأموال الحكومية في جانبي الموجودات والمطلوبات، فمن جهة توظف الحكومة أكثر من خمسة مليارات من الودائع لدى البنوك، عدا ودائع الجهات المستقلة، ومن جهة أخرى، توظف البنوك الكثير من الأموال لدى الحكومة، سواء عبر سندات الخزينة أو التوظيفات لدى البنك المركزي؟
- نعم هناك ودائع حكومية متوسطة الأجل تفيد البنوك في إدارة سلم استحقاقها بكفاءة أعلى، لكن في الجانب الآخر هناك مستويات عالية من السيولة الفائضة تصل إلى 7.2 مليار دينار مودعة في حسابات جارية، ودائع وسندات لدى البنك المركزي، وهنا تتعين الإشارة إلى أن هذه الاموال يمكن أن تستغل في رفع قدرة البنوك على المساهمة في المشاريع التنموية. أيضاً، فإن معظم الأموال الحكومية مودعة لفترات قصيرة الأجل (لفترات حتى سنة واحدة) وبأسعار تنافسية وعوائد مرتفعة، بينما غالباً ما تكون حصص البنوك في السندات الحكومية لفترات طويلة الأجل (لفترات حتى عشر سنوات) وعوائد قليلة نظراً للتصنيف العالي لدولة الكويت، مما يعني أن الأموال الحكومية تلعب دوراً محورياً لتأمين سيولة جيدة للبنوك ولكننا لا يمكن أن نقول انها مربحة.

• تردد أن «المركزي» عاتب البنوك غير مرة بأنها تحصل على الودائع الحكومية بتكلفة أقل بكثير من العائد الذي تحصّله من توظيف هذه الأموال لدى البنك المركزي، وطالبها بشيء من التوازن في هذا الخصوص؟
- على العكس تماماً. الودائع الحكومية تنافسية وحالها من حال أسعار ودائع العملاء الآخرين، وما يحدد الفائدة عليها هو العرض والطلب، ففي بعض الأحيان تكون البنوك في حاجة إلى تلك الودائع مما يجعل سعر الفائدة على الودائع الحكومية أعلى من غيرها وفي أحيان أخرى يكون لديها فائض مما يقل الطلب والعائد.

• ما تفسيركم لتراجع الدينار مقابل الدولار في الفترة الماضية، وما التوقعات لحركة سعر صرف الدينار في الفترة المقبلة؟
- سعر صرف الدينار يُقاس بسلة عملات ولذلك لا بد أن يتحرك وفق حركة مكوناتها. ولحظنا في الفترة الماضية، وتحديدا منذ يونيو الماضي أن الدولار كان يصعد امام كل العملات الرئيسية، وبنسبة أكبر من صعوده أمام الدينار، فمنذ بداية 2015 صعد الدولار مقابل العملات الرئيسية ما بين 7 إلى 8 في المئة بينما صعد امام الدينار 3 في المئة فقط، ما يؤكد أن الدينار لا يزال قوياً، بعكس انطباع البعض بأنه خسر الكثير، خصوصا وأننا نرى في المقابل أن الدينار ارتفع بشكل كبير مقابل اليورو ليصبح سعر الصرف قريباً من 340 فلساً حالياً، بعد أن كان قد وصل إلى 390 فلساً في شهر يوليو الماضي، وهذا ساعد في خفض فاتورة المستوردات (من أوروبا).


تمويل المشاريع الحكوميّة

• في ضوء ما أشرتم إليه من وفرة السيولة، إلى أي حد تعتقد أن البنوك الكويتية قادرة على تمويل المشاريع التنموية الكبرى؟
- أعتقد ان لدى البنوك القدرة على المساهمة في تمويل المشاريع التنموية بشكل كبير، ليس فقط بالدينار الكويتي الذي يفترض أن يكون الأساس في هذا الخصوص بل بالعملات الأخرى أيضاً، فالبنوك الكويتية لديها فائض سيولة يمكن ان توجهه لتمويل المشاريع الحكومية، كما ان لديها الكفاءة لإدارة هذه التمويلات.
كما أن البنوك المحلية قادرة على توفير أدوات التحوط التي تحتاجها شركات المشاريع التنموية للحد من مخاطر تقلبات سعر الصرف.
• لكن طرح بعض المشاريع التنموية الاستراتيجية وتحديدا الوقود البيئي الذي تبلغ تكلفته 4.3 مليار دينار أظهر أن المبالغ التي يمكن ان تحصل من البنوك المحلية بحدود 800 مليون دينار فقط؟
- أعتقد أن المقدرة الائتمانية لهذا المشروع بالذات أكثر بقليل من ذلك، لكننا نتحدث هنا عن مشروع واحد، والقيد الذي يحدد سقف مشاركة البنوك الكويتية في هذه الحالة ليس مقدار السيولة المتوافرة لدى البنوك، بل القيود التنظيمية المتعلقة بالتركز الائتماني على عميل واحد، وان كان من المفترض ان تكون المعاملة الائتمانية لمشاريع التنمية مختلفة عن معاملة اقراض العميل العادي، نظرا لطبيعة هذه المشاريع الاستراتيجية وأهميتها للاقتصاد الوطني.
لكن إذا تحدثنا عن قدرة البنوك لجهة السيولة المتوافرة لديها للتمويل فهي بالمليارات، وهنا اود أن اشير إلى أنني أتمنى على الحكومة أن تعطي الأولوية للبنوك الكويتية في التمويل لأن ذلك يساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي وتوطين الدينار ووجود دورة سيولة كاملة محلية.
• ما النسبة التي تستطيع البنوك المحلية المساهمة فيها بتمويل مشاريع التنمية؟
- أعتقد أنها نسبة كبيرة جدا لأن المشاريع لا تطرح دفعة واحدة، بل خلال فترات زمنية متلاحقة. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن جزءاً من الأموال الممنوحة كقروض يعود إلى البنوك كودائع حين تُدفع الأموال إلى المقاولين والمقاولين بالباطن، وبالتالي تعزز مستويات السيولة مجددا. فيما يخرج من الدورة المحلية الجزء المستخدم لاستيراد المعدات أو ما يُدفع للشركات الأجنبية.

توطين الدينار

• عندما نتحدث عن تمويل المشاريع الكبرى غالباً ما يتم تداول الأرقام بالدولار. لماذا لا تكون صفقات التمويل بالدينار؟
- شخصيا، أفضِّل أن تُمنح تمويلات مشاريع التنمية بالعملة الوطنية، نظرا لأهمية ذلك في تعزيز سياسة توطين الدينار، فعندما تكون هناك قروض بالدينار وتقابلها ودائع بالدينار تصبح لدينا دورة اقتصادية كاملة بالعملة الوطنية، وهذا مفيد جدا للاقتصاد.
وفي حالة مشاريع التنمية، نلاحظ أن الجهات المنفذة للمشاريع تتعاقد مع المقاولين وتسدد لهم بالدينار، فلماذا نُدخل عملة أخرى في هذا الشق من التمويل؟
ولا بد من الإشارة إلى أن سياسة البنك المركزي هي كذلك، فعندما تكون العائدات على المشاريع بالدينار يتعين ان تكون العقود الائتمانية لتمويلها بالدينار أيضاً.

الفائدة على الدينار

• في ظل التوقعات بصعود أسعار الفائدة العالمية في الربع الرابع من العام الحالي، ما توقعاتكم لأسعار الفائدة بالدينار الكويتي؟
- لا أعتقد أن الفائدة على الدينار ستصعد خلال العام الحالي حتى لو تم رفع الفائدة الأميركية، وهذا ما يمكن استنتاجه من تصريح محافظ البنك المركزي الدكتور محمد الهاشل الاخير الذي ألمح إلى أن اسعار الخصم الحالية على الدينار مناسبة.
ولو راجعنا قرارات «المركزي» في السنوات الماضية نجد أن القرارات المتعلقة بسعر الخصم لم تكن تتتبّع قرارات الفائدة الأميركية بشكل مباشر.
وقد رأينا ذلك في آخر مرتين قرر فيهما البنك المركزي الكويتي خفض الفائدة من دون ان يتزامن ذلك مع خفض الفائدة الأميركية، وإذا كانت اعتباراته في المرتين تتعلق بحاجة الاقتصاد المحلي، وهذه من فوائد فك الربط بالدولار والربط بسلة عملات توفر نوعاً من المرونة في السياسة النقدية بخلاف الدول المرتبطة كليا بالدولار، والتي تضطر إلى اللحاق بحركة الاقتصاد الاميركي رغم اختلاف الدورات الاقتصادية لديها وتباين السياسات النقدية المختلفة بين اوربا واميركا.
وأعتقد أن «المركزي» الكويتي لن يكون متسرعا في تصعيد الفائدة، فقد لاحظنا ما حدث في أوروبا عندما تم التعجيل برفع الفائدة مرتين في ابريل ويوليو 2011 بمقدار 25 نقطة اساس في كل مرة، فعاد البنك المركزي الأوروبي وخفضها مجددا في نوفمبر من ذلك العام.
لكن أعتقد أن البنك المركزي الكويتي في وضع افضل كون الوضع الاقتصادي تعافى بصورة احسن، ومع ذلك أتوقع ان يتريث في رفع الفائدة، وربما لا يحصل ذلك قبل بداية 2016.

• لكننا نلاحظ نوعا من الطلب على القروض والضغط على فائدة الإقراض؟
- بشكل عام اذا قسمنا القروض إلى شخصية وشركات نلحظ ان هناك صعودا جيدا في جانب القروض الشخصية، وبتفصيل أكثر نجد ان القروض الاستهلاكية تسجل ارتفاعا معقولا فيما تنمو القروض المقسطة بشكل أكبر.
بشكل عام هناك منافسة على الاصول الجيدة، وهناك تنافس في الأسعار لكنه حتى الآن صحي.

* سوق الانتربنك تحوّل عالمياً إلى الفترات القصيرة... ولا بد من اجتذاب الودائع طويلة الأجل لإدارة سلّم الاستحقاقات


فائض السيولة وسلّم الاستحقاقات

• يُلاحظ أن هيكل الودائع والقروض غير متناسب في آجال استحقاقاتهما، كما ان سوق الانتربنك ضعيف ومعظم تعاملاته مركزة على الودائع قصيرة الأجل. ألا يسبب ذلك مشكلة للبنوك؟
- بداية، الانتربنك في العالم كله تحول بعد الأزمة العالمية إلى التعاملات القصيرة الآجل، فحتى البنوك العالمية لا تتعامل في الغالب إلا بالمدد القصيرة جدا أو بمدد الشهر أو ثلاثة اشهر كحد أقصى، ومن النادر ان تجد ودائع طويلة الآجل في سوق ما بين البنوك بعد ان تحولت وظيفة هذه السوق إلى إدارة السيولة في المدى القصير. أما في ما يتعلق بادارة السيولة لمدد اطول فهذه تتم من خلال اجتذاب ودائع العملاء.
صحيح أن سلم الاستحقاقات يعد من أكثر التنظيمات الرقابية تحدياً للمصارف، لكن لا بد من التعامل معها، وهذا ما يميز بنكا عن بنك آخر.
ونحن نرى اليوم أنه في اطار اعتماد البنوك على ذاتها في توفير السيولة طويلة الأجل، بدأت المصارف تطرح منتجات طويلة الأجل مثل الودائع التي تصل فترات استحقاقها إلى ثلاث أو خمس سنوات، لكن ما لا يساعد البنوك في تشجيع الودائع طويلة الاجل هو سعر الفائدة المتدني، فهل يقبل المستثمر او المودع بأن يودع امواله لثلاث سنوات بأقل من اثنين في المئة؟ مع الأخذ بالاعتبار ان انخفاض الفائدة يمثل توجها عالميا وليس حالة كويتية، فاليوم عائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات يقل عن 2.5 في المئة، وسعر الليبور لأجل السنة يقارب 0.7 في المئة وجميعها ارقام غير عادية ولم نر مثلها على مدار السنوات الماضية.

• ورغم ذلك نجد نموا في ودائع القطاع الخاص في الكويت... من أين يأتي هذا النمو؟
- نعم هناك نمو، لكن عموما هناك اكثر من سبب لذلك، فهناك زيادات الرواتب التي حصلت في القطاع الحكومي خلال السنوات الماضية، وعدم إقبال الناس على التعرض لمخاطر أدوات استثمارية اخرى مثل الاسهم، ما يزيد الودائع القصيرة الأجل والودائع تحت الطلب، كما ان طبيعة الاقتصاد الكويتي، وهذا لا يختلف عن طبيعة الاقتصادات المشابهة، تساعد على وجود مستويات عالية من الاموال المركونة في الحسابات الجارية تنتظر الفرص لتحريكها.

• هل يواجه أي من البنوك تحديات في معيار تغطية السيولة (LCR)؟
- ما صرح به البنك المركزي يؤكد ان جميع البنوك لديها معدلات تغطية جيدة في هذا الخصوص.
• وبالنسبة لسلم الاستحقاقات؟
- هذا يرتبط بالدورة الاقتصادية فهناك أوقات شد وأوقات راحة، فمثلاً خلال فترة توزيع أرباح الاسهم السنوية زادت السيولة وخفت ضغوطات سلم الاستحقاقات، أما بالنسبة لفترة الصيف فهناك عوامل متباينة، فمن جهة تكثر السحوبات الموسمية، لكن إيداع وزارة التربية لرواتب المدرسين لثلاثة أشهر مقبلة يرفع مستوى السيولة.
• يتدخل «المركزي» عادةً لسحب فائض السيولة الموجودة لدى البنوك، في حين ينتقد البعض غيابه عن لعب دور صانع السوق بشكل أوسع، عبر ضخ السيولة في سوق الانتربنك خصوصا للآجال الطويلة. هل توافق على هذا النقد؟
- لا أتفق مع هذا الطرح، فالبنك المركزي يسحب السيولة من البنوك عندما يكون هناك فائض منها في النظام المصرفي، وهذا من صميم أعمال «المركزي»، أما أن يمنح «المركزي» ودائع للبنوك فهذا لا يحدث إلا في حال نقص حاد في السيولة ولآجال قصيرة، وهذا لا ينطبق على الوضع الكويتي، ولذا لا حاجة للقيام بضخ السيولة.قد يقول البعض إن البنوك تحتاج إلى ودائع لمدد أطول من البنك المركزي لتنظيم وإدارة سلم استحقاقاتها وفق تعليمات البنك المركزي، ولتقليل مخاطر الفروقات بين (استحقاقات) قروضها وودائعها، لكن يتعين ان يكون توفير هذه الودائع مسؤولية البنوك، سواء من العملاء أو في ما بينها، وليس من البنك المركزي.

سوق السندات

• في مقابلة اخيرا مع «الراي» ربط رئيس مجلس مفوضي هيئة اسواق المال الدكتور نايف الحجرف بين نجاح تنشيط سوق ثانوي للسندات ووجود اصدارات حكومية... فما رأيك؟
- أعتقد ان البنك المركزي أدى ما عليه لتنشيط سوق السندات، فقد اصدر نيابة عن الحكومة سندات طويلة الأجل حتى 10 سنوات ما مكن من وضع هيكل لأسعار الفائدة ومنحنى عائد للدينار الكويتي وهذا لم يكن موجودا في السابق، وهو امر جيد يساعد على تنشيط هذه السوق.
وقد أصدر البنك المركزي سندات خزينة بنحو 1.7 مليار دينار بأجل سنة وما فوق، وهذه السندات مهمة وضرورية لبناء هيكل الأسعار.
لكن الوجه الثاني يعتمد على الشركات والبنوك التي لا بد أن تتجه إلى إصدار السندات لينشط السوق، وهذا ما بدأنا نشهده منذ فترة، ومن الأسباب المحورية لذلك بدء تطبيق معايير «بازل 3» التي تشجع البنوك على إصدار سندات دائمة تدخل في الشريحة الأولى لرأس المال (tier 1)، ولذلك نأمل أن نرى في المستقبل سوق سندات أفضل مما هو عليه حاليا.
أما بالنسبة للتداول ووجود سوق ثانوي للسندات، فهنا يأتي دور هيئة أسواق المال او البورصة بان يكون هناك إدراج وتداول لهذه السندات، وهذا أمر أساسي لتنويع أدوات الاستثمار في الكويت التي تكاد تكون محصورة حالياً في الأسهم أو العقارات، علاوة على اهمية هذه السوق في إطالة آجال الخصوم في الميزانيات.
• هل وجود سوق ثانوي السندات امر مهم لإدارات الخزينة؟
- مهم جدا لكون السندات جزءا من تنويع استثمارات البنوك، لكنها بشكل عام مهمة للاقتصاد وليس لإدارات الخزينة فقط.

تمويل العجز الحكومي

• صرحت الحكومة اخيرا بان عجز الميزانية سيكون حتميا في حال انخفض سعر النفط عن 77 دولارا للبرميل، كيف ترى الطريقة الأمثل لتمويل العجز؟
- أعتقد أن من المهم للحكومة وضع خطة تحدد المسار الأمثل لتغطية العجز المتوقع سواء باستخدام الفوائض السابقة (الاحتياطات) أو عبر طرح سندات، على أن يتم النظر في هذا الخصوص إلى أرخص الحلول وتوقعات الحكومة في ما يتعلق بعمر هذا العجز وما اذا كان موقتاً.. فاذا كان العجز المتوقع قصيرا يمكن ان تكون تغطيته عبر اصدار سندات حكومية، كون اصدار هذه الاداة لفترة محدودة تنتهي ويتم سدادها.
• إذا احتاجت الحكومة لطرح سندات هل تعتقد ان البنوك الكويتية قادرة على تغطيتها؟ وبأي عملة تفضل أن يكون الطرح؟
- البنوك الكويتية دائما مشاركة في مثل هذه الاصدارات وهي الشاري الأصيل للسندات ويفترض ان يكون إصدارها بالدينار مثل ميزانية الدولة، وأنا شخصيا لا أرى في الوقت الحالي، وفي ظل ربط الدينار بسلة عملات، أي حاجة لإصدار سندات بالعملة الأجنبية، والكويت في غنى عن ذلك في ظل قدرة البنوك الكويتية والمستثمرين المحليين على تغطية أي إصدار بالدينار.
• هل مساهمة البنوك في تغطية السندات الحكومية يمكن أن تؤثر على مواردها المتاحة لتمويل القطاع الخاص؟
- لا، إن مساهمة البنوك في تغطية السندات الحكومية لن يؤثر على سلم الاستحقاقات حيث ان هذه السندات تعتبر أدوات قابلة للتسييل وبالتالي لن تؤثر سلباً على سلم الاستحقاقات. وبالنسبة للسيولة المتاحة اشير مرة ثانية إلى ان هناك حجما كبيرا من السيولة المودعة لدى البنك المركزي.
• هل تعتقد ان انخفاض النفط يمكن أن يؤثر على مستوى السيولة في البنوك من خلال تراجع حجم الودائع الحكومية، خصوصا اذا استمر ذلك فترة اطول؟
- أعتقد انه بالنسبة للدول النفطية وبشكل اخص الدول الخليجية، لن تتأثرالبنوك بتراجع أسعار النفط وقد لحظنا ذلك منذ أن بدأت هذه التراجعات، ولا ننسى ان البنوك الكويتية تدفع على الودائع الحكومية فوائد جيدة، ولذلك لا يوجد سبب وجيه لسحب الودائع الحكومية من البنوك الكويتية، بل الأرجح أن تلجأ الحكومة إلى السحب من بنوك خارجية أخرى تدفع اسعار فائدة متدنية. ولذلك أقول إن السيولة في النظام المصرفي لن تتأثر بشكل عام بسبب انخفاض أسعار النفط.
• نعلم أن الضغوطات كبيرة في غرفة التداول. كيف تتغلبون على هذه الضغوطات؟
- بالطبع مع الأيام اعتدنا على الضغوطات، لكن تبقى لغرفة التداول رهبتها، خصوصا عندما ننفذ الصفقات الكبيرة. فحتى إذا كنت تتمتع بالخبرة في هذا القطاع الا انك ستكون باستمرار عرضة للضغوطات، من ناحية أخرى الممتع في غرفة الخزينة أنك تمضي أكثر من 9 ساعات يوميا من دون أن تشعر بانقضاء الوقت، وهناك دائما شعور بالتحدي والحماس. ولذلك من الصعب جدا اختيار الموظفين للعمل في هذه الإدارة.

بطاقة

* الاسم: سليمان المرزوق
* المنصب: مدير عام مجموعة الخزانة في بنك الكويت المركزي (2012- 2015)
* المنصب السابق: مدير إدارة العمليات الخارجيّة في بنك الكويت المركزي
* الالتحاق بالبنك الوطني: 2002- 2012 ثم أخيراً في 2015
* المؤهل العملي: علوم اقتصاية من جامعة «بورتلاند ستايت»، بالإضافة إلى دورات متقدمة في «هارفرد» وعدد من الجامعات العالمية المرموقة.


الكويتيون يتزايدون في إدارات الخرينة

• لماذا نلاحظ أن الكويتيين عملة نادرة في إدارات الخزينة بالبنوك؟
- ربما كان ذلك صحيحاً في الماضي، لكن أعتقد أن المستقبل يحمل خيرا كثيرا في هذا الخصوص، فهناك كوادر صاعدة، ربما تكون خبرتها قليلة، لكن اعتقد أننا خلال السنوات المقبلة يمكن أن نلمس تصعيدا لهذه الكفاءات، والبنك الوطني خير مثال لذلك، إذ بات الكويتيون يشكلون غالبية العاملين في هذه الإدارة، أما على مستوى مديري الخزينة فهناك تزايد لحضور الكويتيين، والبنك المركزي يدعم هذا التوجه، وأعتقد ان المستقبل واعد في هذا الخصوص.
• ربما يقرأ هذه المقابلة بعض الشبان الذين يستهويهم هذا المجال. من واقع خبرتك، ما المهارات التي يجب ان تتوافر في شاب كويتي يريد أن يعمل في إدارة الخزينة؟
- أهم الصفات أن يتمتع بالسرعة والدقة اللازمتين للعمل بهذه الإدارة بالإضافة إلى الالتزام والعمل وفقاً للقوانين والنظم وشهية المخاطر المحددة من الإدارة العليا... كما يتعين عليه ان يكون واعيا ومسؤولا وأن يتمتع بالمهارات المطلوبة.
• شخصياً، ما الذي أتى بك إلى إدارة الخزينة؟ هل كان الأمر صدفة أم عن سابق تصميم؟
- لا، لم أخطط لذلك، لكني كنت أحب الرياضيات منذ صغري، ودرست الاقتصاد في الولايات المتحدة واشتغلت بعدها بالبنك الوطني في الافرع، وعندما أتيحت لي الفرصة للانتقال إلى إدارة الخزينة، جذبتني غرفة التداول من الوهلة الأولى، بمكاتبها المفتوحة، وأجواء العمل المليئة بالتحدي والضغوطات.


سندات «الوطني».. فائدة ممتازة


قال المرزوق إن «إصدار بنك الكويت الوطني من السندات الدائمة التي تدخل ضمن الشريحة الأولى من رأس المال كان بسعر فائدة ممتازة مقارنةً ببنوك المنطقة الأمر الذي يعكس التصنيف العالي للبنك، فهذا السند الدائم أداة جديدة في الكويت، ويتمتع بتسعيرة نالت قبولا كبيرا من الداخل والخارج كما ان ندرة هذه الأداة عند البنك الوطني والبنوك الكويتية يعطيها قابلية لدى المؤسسات الغربية التي تسعى إلى تأمين حصة لها فيها، ولا بد من الإشارة إلى أن تداول سندات بنك الكويت الوطني في السوق الثانوي يشير إلى مدى نجاحه، إذ يتداول عند 5.5 و5.25 في المئة، ما يؤكد ان هناك طلبا عليه وتسعيرته جيدة».


سببان يؤخران رفع الفائدة الأميركية

لاحظ المرزوق أن مؤشرات الاقتصاد الأميركي ماضية في التحسن، وأنها تظهر ان اميركا نجحت في تخطي الأزمة بشكل عام، ولذلك تسعى حاليا إلى رفع أسعار الفائدة بأي طريقة، لكن هناك أمرين يؤخران هذا التوجه؛ أولهما صعود الدولار بهذه القوة وانعكاس ذلك على صادراتها التي تراجعت تنافسيتها بشكل كبير، وبالطبع فإن رفع الفائدة يزيد من صعود الدولار بحكم ان الفارق بين سعري الفائدة سيكون اكبر لصالح الدولار فيشترى الدولار بوتيرة اكبر، اما النقطة الثانية فتتعلق ببعض المؤشرات الاقتصادية، فعلى الرغم من أن مؤشرات البطالة جاءت جيدة الا ان معدلات النمو وثقة المستهلك وإنفاقه يظهران ضعفاً واضحاً.
وأفاد المرزوق أن السوق العالمي منقسم حول التوقيت الذي يمكن فيه رفع سعر الفائدة الأميركية، لكن الأغلبية متفقة على ان أول رفع للفائدة سيكون خلال 2015.
وبين المرزوق أن مثل هذه التوقعات تبنى على احدث البيانات الاقتصادية الصادرة، ومن هنا يمكن التوقع انه اذا استمرت الاوضاع الاقتصادية على بياناتها الحالية سترتفع الفائدة في الربع الاخير من العام لكن هذه المرة ستكون الدورة مختلفة عن التجارب السابقة، إذ إن الصعود سيكون بطيئاً، وربما مملاً، ومن المتوقع ان يكون بمعدل ربع في المئة لاختبار السوق وإعطاء إشارة البدء لحقبة جديدة عنوانها الخروج من الأزمة.
وقال المرزوق انه يمكن ان نرى صعودين لاحقين في 2016، فيما من المتوقع ان تظل بقية أسعار الفائدة العالمية على حالها، وان كان من المتوقع ان يلحق بهذا الرفع بنك إنكلترا المركزي لأسباب مختلفة.
ولفت المرزوق إلى أن «أوروبا في وضع لا تحسد عليه، فما تقوم به (منطقة اليورو) اليوم لمعالجة ازمتها هو ما قامت به أميركا منذ 6 سنوات»، ورأى أن «الولايات المتحدة تعافت وباتت تتطلع إلى رفع اسعار الفائدة بعكس أوروبا التي لا تزال في اول الطريق».
وتوقع المرزوق ان تستمر اوروبا في سياسة التيسير الكمي التي بينت نتائجها الاولية بانها جيدة وهذا سبب صعود اليورو في الفترة الاخيرة، لكنه أشار إلى ان موضوع اليونان لا يزال يشكل هاجسا لأوروبا ويتعين الانتهاء منه بصورة اسرع.