«الراي» تضيء على واقعها
السينما اللبنانية بين «تمشاية الحال»... وحصْد الجوائز
| بيروت - من هيام بنوت |
1 يناير 1970
01:57 م
كلوديا مارشليان: أين هي السينما العربية ؟... «المصرية» تعيش في أسوأ أحوالها!
مروان حداد: راضٍ لأن العجلة تدور... وإذا لم ننجح في توفير سوق بديلة فلن نتمكن من الاستمرار
ماغي بو غصن: نقدّم سينما بمواصفات جيدة... وعندما يشاهد 200 ألف شخص فيلماً فهذا رقم كبير
عادل سرحان: نعيش مرحلة أفلام «تمشاية الحال»... ونحتاج الكثير لبلوغ العالمية
على صعيد الإنتاج والكمّ والجوائز، تشهد السينما اللبنانية في الأعوام الأخيرة تحسناً ملوحظاً، ولكنها تتفاوت على مستوى النوع. بل إن هناك مَن يعتبر أن ما يُقدَّم سينمائياً، هو مجرد أفلام لا تتعدى كونها أعمالاً استهلاكية، تنتهي في وقتها، ولا يمكن أن تترك بصمة في الأرشيف السينمائي.
أما الفنانون اللبنانيون الذين لهم علاقة بالسينما، فيُجمعون على أن وضع السينما تحسّن كثيراً عنه في الأعوام الماضية، وإن كانوا يطمحون إلى تقديم سينما بمواصفات جيدة وقادرة على المنافسة حتى عالمياً.
«الراي» أضاءت على واقع السينما اللبنانية، مع كل من المخرج عادل سرحان، والممثلة ماغي بوغصن، والمنتج مروان حداد، والكاتبة كلوديا مارشليان.
في البداية، يرى عادل سرحان أن السينما اللبنانية تحسّنت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، ويقول: «هناك أفلام كانت محظوظة، لأنها أُنتجت وعُرضت في التوقيت الصحيح والظرف الصحيح. الوضع العام كان مؤاتياً لعرض أفلام شاهدها الناس وهي أفلام كوميدية إلى حدّ ما».
وعن مستوى تلك الأفلام وهل هي أفلام قيّمة ويمكن أن تترك بصمة؟، يردّ سرحان: «نحتاج إلى الكثير من الوقت للوصول إلى العالمية. الأفلام الثقيلة ليست متوافرة ولا يوجد عندنا فن سينمائي، لأنه مكلف جداً. ولذلك، يتجه الإنتاج إلى الأفلام التي تدرّ الأرباح، والتي يحبّ الناس متابعتها، ولذلك هناك اتجاه نحو الأفلام الكوميدية».
ويضيف: «هناك إنتاج سينمائي، حتى لو كان الجيد بينها لا يتعدى 1 أو 2 في المئة، ولكن مع الوقت لا بد أن نصل. ويمكن نصل إلى نتيجة جيدة، لأن المثل يقول (كثرة التكرار يعلّم الشطّار). أنا أحضّر لفيلم (ايلي علي) منذ سنتين، كي يكون على مستوى عالمي يتوافق مع السينما العالمية والسينما العربية. الفيلم يحاكي قضايا المجتمع التي نمرّ بها، كالتطرف والإرهاب وسواها من القضايا. القصة لمريم عجمي، وأنا توليتُ السيناريو والحوار الذي أشرف عليه عدد من الكتّاب، وسنباشر التصوير خلال الأشهر المقبلة، وأنا حالياً بصدد اختيار الممثلين. سبق أن رشّحتُ قصي الخولي وأَحب الفكرة لكنه اعتذر بسبب ارتباطه، والفيلم يضمّ ممثلين عرباً وأجانب».
وعن التسمية التي يمكن أن يطلقها على الأفلام التي تُنتج حالياً يجيب سرحان: «هي أفلام (تمشاية حال). السينما تحتاج إلى حالة اجتماعية معيّنة، لأنها تبدأ من عند الكاتب. ومن الطبيعي أن تكون أفلام الحقبة المقبلة عن الثورة والإرهاب والظروف التي نعيشها. كل حقبة زمنية تحاكي لغة معينة، ولذلك السنوات العشر المقبلة ستشهد مرحلة سينمائية جيدة».
عادل سرحان يؤكد أن فيلمه الجديد يقوم على الإنتاج المشترك، ويقول: «من دون الإنتاج المشترك لن تكون هناك سينما جيدة. أجر الممثل العالمي لا يقلّ عن مليون أو مليوني دولار».
الممثلة ماغي بو غصن، التي تركّز في تجربتها الفنية على السينما، تؤكد أنها راضية عن وضع السينما اللبنانية، موضحة أنه «عندما يشاهد الفيلم 200 ألف شخص، فهذا الرقم يُعتبر كبيراً قياساَ إلى عدد سكان لبنان الذي يبلغ 4 ملايين نسمة، ومشاهدة الناس للفيلم بكثافة يعني أنهم أحبوه. الأفلام اللبنانية تحظى بالنجاح، حتى في الدول العربية وهذا مهم جداً».
وعن اعتبار البعض أن الأفلام اللبنانية التي تُنتج في المرحلة الأخيرة ليست للتاريخ، بل هي مجرد أفلام ظرفية، تردّ بو غصن «الافلام التي قدّمتُها تتناول حالة معينة تناسب كل وقت وزمان. أنا لا أدّعي أننا نقدّم أفلاماً عالمية، ولكننا وصلنا إلى مرحلة صار فيها عندنا صناعة سينمائية، والسينما في حال تطور دائمة وبإمكاننا أن نقدّم الأفضل وهذا ما نسعى إليه وهو مشروعنا».
وهل هذا يعني أن الرهان على تقديم سينما لبنانية جيدة يعتمد على التجربة والوقت؟، تجيب بو غصن: «التجربة مهمة جداً من أجل تحقيق التقدم والتطور. وكممثلة لا يمكن القول إنني اليوم كما كنتُ عليه قبل عشرة أعوام. بل تطوّرتُ وتقدّمتُ واشتغلتُ على نفسي. مَن يملك الإيمان والإصرار لا بد أن يتطور وأن يتحسّن. ونحن نملك مثل هذا الإصرار في موضوع السينما».
وعن سبب تركيزها على السينما في تجربتها الفنّية، تقول: «أحببتُ عالم السينما بعدما دخلته. السينما عالم آخر جميل جداً، فيه شغف وتحدٍ. ولكنني في الوقت نفسه أركّز على التلفزيون أيضاً، وأنا سأطلّ في شهر رمضان المبارك بمسلسل (24 قيراط)، وهو مؤلف من 30 حلقة، وسأحاول أن أوزّع نشاطي بين السينما والتلفزيون. أنا حريصة على المشاركة في فيلم سينمائي سنوياً لأنني أحببتُ السينما».
وعن التسمية التي تطلقها على الدراما التي تُنتج حالياً، تقول: «بصراحة، لا أعرف. ولكنني سعيدة جداً بالمستوى الذي وصلت إليه. لطالما كان لديّ إيمان بالدراما، ولا يمكن لأحد أن ينكر المستوى الذي وصلت إليه الدراما اللبنانية خلال 15 عاماً».
بو غصن التي تقوم ببطولة أفلام من إنتاج زوجها صاحب شركة «ايغل فيلم» (جمال سنان)، لا تعتبر أن السينما اللبنانية تعاني أزمة إنتاج، وتقول: «نحن نعطي العمل حقّه. عندما يُكتب العمل بطريقة تتطلب إنتاجاً ضخماً نوفّر له كل ما يحتاج اليه، ولم نقتصد يوماً على حساب المشهد والاخراج. كلما كان الإنتاج ضخماً كلما وفّرنا له كل احتياجاته».
وعن الفترة التي تقدّرها لتقديم سينما بمواصفات جيدة جداً، تجيب: «نحن نقدّم سينما بمواصفات جيدة ولا نقدم سينما سيئة، بدليل نسبة الحضور ورأي الصحافة اللبنانية والعربية. لكننا لن نتوقف عند هذا الحدّ بل سنستمر بالتقدم والتطور، وأعتقد أننا سنتمكن من المنافسة قريباً. ما دامت النية موجودة يمكن أن يصل الانسان إلى القمر».
وعن جديدها السينمائي، تقول بوغصن: «فيلم من كتابة كلوديا مارشليان بعنوان«السيدة الثانية»، وهو من إنتاج«ايغل فيلم». وسأقدم فيه دور السيدة الثانية».
المنتج مروان حداد، يرى أن الوضع السينمائي تحسن في لبنان، ويقول: «الناس بدأوا يعتادون على السينما اللبنانية. ولكن مع عدد سكان لبنان الذي يبلغ أربعة ملايين نسمة، لا يمكن التحدث عن صناعة سينمائية، بل هذا الأمر ينطبق على مصر التي يبلغ عدد سكانها 80 مليوناً، ولذلك نسعى إلى أن نؤسس لسينما لبنانية تُوزّع في الخارج، لأنه مهما بلغت ميزانية الفيلم اللبناني لا يمكن أن يستردّ المنتج ماله إذا اكتفى بالسوق اللبنانية. الوضع الحالي لا يؤسس لصناعة سينمائية، بل لسينما مهرجانات وخرّيجي جامعات».
ويقول حداد إن السينما اللبنانية تقوم على أنواع معينة من الأفلام، موضحاً أن «الأفلام التي لا تجذب الأطفال لا يمكن أن تستردّ تكلفتها، ولذلك نجد أن الأفلام الجدية لا تؤمن الحضور، وبعيدة عن الجمهور. ولذلك فإن المطلوب تقديم أفلام لها علاقة بالطفل، لأن الأطفال يشكلون النسبة الأعلى من الجمهور السينمائي، وكذلك المرأة لأنها تصطحب أولادها إلى السينما».
وهل هذا يعني أن ما يُقدم حالياً لا يتمتع بقيمة فنية ولا يترك بصمة؟، يجيب: «هناك أفلام تتمتع بقيمة فنية، ولكن للأسف نحن نسعى إلى تقديم أفلام جماهيرية، وتتمتع في الوقت نفسه بقيمة فنية عالية، وهذا ما ينقصنا».
وعما إذا كان يقصد أن الأفلام التي تُقدم هي تجارية، يقول: «لا أحد في العالم يقدّم فناً للفن. كل عمل يوجد هدف تجاري من ورائه، وإلا لما كان أصحاب الشركات في لبنان والعالم أنتجوا أفلاماً. الشقّ التجاري لا بدّ أن يتوافر ولكن ليس على حساب الشقّ الفني، ولذلك تحاول السينما أن تقرّب بين الشقين التجاري والفني. وفي لبنان هناك أفلام فنية عالية لم تكسب الجماهير وأخرى جماهيرية نجحت ولم تكن على المستوى الفني المطلوب، وثمة أفلام كانت مقبولة فنياً ولكنها فشلت جماهيرياً. في المحصلة أنا راضٍ لأن العجلة تدور، ولكن إذا لم ننجح بتوفير سوق بديلة لن نتمكن من الاستمرار».
ويؤكد حداد أن الوضع السينمائي يتأثر بالوضع السياسي، ويضيف: «لا يمكنني أن أقول إنني متفائل بالنسبة إلى المستقبل وأنا بطبعي أفكر تجارياً وليس فنياً. نحن نعيش ظرفاً استثنائياً، ومَن ينتج فيلماً لا يعرف إذا كان سيتمكن من عرضه، أو إذا كان حدَثاً أمنياً سيطرأ. كل هذه الأمور تدفع المنتج إلى التفكير في أشياء كثيرة قبل أن يفكر في إنتاج فيلم. صحيح أن هناك منتجين ينتجون حالياً في لبنان ولكنهم ليسوا كثراً، بل إن عددهم لا يتجاوز أصابع اليد. لكن هناك تركيبة معينة تُعتمد في إنتاج الأفلام بحيث يتم الاستعانة برعاة وبمراكز ثقافية أو بالدولة، وهذا موضوع مختلف وموجود».
مروان حداد الذي يركز على إنتاج الدراما السينمائية، يقول: «لدي تجربة في الإنتاج السينمائي، والفيلم السينمائي يجب أن تتوافر فيه حالة معينة كي نضمن نجاحه».
من جهتها، اعتبرت الكاتبة كلوديا مارشليان أنه لا يمكن طرح سؤال عام عن وضع السينما اللبنانية، وقالت: «لا يمكن طرح مثل هذا السؤال في المطلق سواء عن الدراما التلفزيونية أو الأفلام السينمائية».
وعما يقال من أن السينما اللبنانية ليست ذات قيمة فنية ولا تترك بصمة، أجابت: «لا يمكن التعميم في هذا الموضوع، لأنه يُنتج سنوياً في لبنان 17 فيلماً وكلٌّ منها يختلف عن الآخر. أنا يمكن أن أعطي رأيي بكل فيلم على حدة، و ما أعرفه أن هناك أفلاماً تحظى بإقبال الناس وتحظى بنسبة مشاهدة عالية».
وعن توقعاتها بالنسبة إلى قدرة السينما اللبنانية على المنافسة عربياً، ردّت مارشليان: «وأين هي السينما العربية؟ السينما المصرية تعيش في أسوأ أحوالها».