جيشا «حزب الله» و«الفتح» وجهاً لوجه فوق الجغرافية اللاهبة

مَنْ يستنزف مَنْ... في القلمون؟

1 يناير 1970 01:50 م
• اتصالات مع فعاليات في الزبداني للعمل على المصالحة وفي حال فشلت ستذهب الأمور إلى معركة حاسمة

• قيادي في «جيش الفتح»: نصرالله قال إنه سيزيلنا من القلمون ونحن نقول لن ندعه يهنأ باحتلاله لجرودنا وقرانا

• يريد «حزب الله» ونظام الأسد أن يعلنا دولتهما العلوية الشيعية امتداداً من الساحل وصولاً إلى العاصمة بشكل هلال

• موالون للنظام السوري في البقاع اللبناني يؤكدون أن هدف المعركة ليس عرسال بل الانتهاء من المسلحين في الزبداني
تَسارُع الأحداث وتَضارُب المعلومات في ما يخص ميدان المعركة في جرود القلمون، تضع المراقب أمام صعوبة كشْف الخيط الأبيض من الأسود لجهة أي من طرفيْ الصراع، اي «حزب الله» اللبناني والمعارضة السورية المسلحة حسم المعركة لمصلحته رغم نجاح الحزب في استراتيجية «قضم» بعض التلال الاستراتيجية.

وجميع المعطيات الميدانية عند السلسلة الشرقية ومجريات المعركة، تؤكد أن ما بعد «القلمون 2» ما هو إلا معركة «عرسال2»، وهذا ما يتخوّف منه فريق 14 مارس، وتحديداً من أن يتم زج الجيش اللبناني في معركة يريدها «حزب الله» والنظام السوري، انطلاقاً مما جاء في الخطاب الأخير للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله والذي اعتُبر بمثابة إعلان عن أن «حزب الله» سيتولى المواجهة في منطقة عرسال وجُرْدها مباشرة إذا لم يقم الجيش بذلك.

المعطيات الميدانية والمصادر المتقاطعة تؤكد أن «داعش» أصبح خارج القلمون وخارج جرود عرسال، وأن الفصيل الأكبر في الجرود هو «جيش الفتح» اي تجمع فصائل المعارضة المسلحة، وهو ما تعتبره أوساط متابعة إسقاطاً لحجة «مقاتلة التكفيريين وخطرهم على لبنان».

ومن خلف «غبار» المعركة التي اندلعت في القلمون، تسأل دوائر مراقبة عن دور «داعش»، وكيف دخل ومن سهّل دخوله إلى منطقة القلمون والقصير، في غمرة الحصار المطبق على جميع المنافذ منذ العام 2012، ليعود التنظيم وينقضّ على «الجيش السوري الحر» و«النصرة» في القلمون الغربي، في لحظة هجوم «حزب الله» وجيش النظام السوري عليهما.

ويرى موالون للنظام السوري في البقاع اللبناني أن هدف المعركة ليس عرسال، كما يروّج البعض، بل الانتهاء من المسلحين في الزبداني، موضحين ان مواجهات الأيام الماضية في القلمون سمحت للنظام و«حزب الله» بأن يسيطروا على طريق المسلحين الذي يربط القلمون بالزبداني والغوطة الشرقية، «الحبل السري» للمعارضة في المنطقة، فبقي لها شريان رئيسي وحيد هو عرسال.

وبحسب هؤلاء فإن الزبداني تشكل بالنسبة للنظام السوري البوابة إلى معركة دمشق، ومعركة آخر معبر بري رسمي للنظام أي «جديدة يابوس المصنع»، وبالتالي عليه إبعاد شبح المعارك عن العاصمة، لافتين إلى اتصالات مع فعاليات في مدينة الزبداني تعمل على المصالحة، وفي حال فشلت ستذهب الأمور إلى معركة حاسمة.

ورغم ما تشير إليه المعطيات الميدانية، وما تسرب عن أن «حزب الله» يضع نحو 70 في المئة من قوته العسكرية في معركة القلمون، فثمة مَن يرى أن الحزب لن يستطيع من خلال سيطرته على العديد من المواقع التي كانت بيد المعارضة في جرود القلمون وفليطا أن يسجل انتصاراً.

وبحسب أحد قيادات «جيش الفتح» أي «تحالف فصائل المعارضة المسلحة» أنه و«جبهة النصرة» اعتمدا غرفة عمليات موحدة «وأن المعارك تجري في الإطار الذي نتوقعه، وما زلنا نسيطر على نحو 160 كيلومتراً مربعاً في جرود القلمون وجرود فليطا السوريتين»، نافياً أن يكون «حزب الله» سيطر على جميع التلال، ومضيفاً: «كنا نتوقع أن يبدأوا الهجوم من جهة جرود بريتال المواجِهة لجرود عسال الورد والجبة، المتصلة بجرود الطفيل، وقد وزّعنا قوانا بتكتيك فدائي، وليس تجمعاً، ولأننا أبناء الأرض ونعرف كيف نتعامل معها، استطعنا أن نجعلهم يرمون نيرانهم بكثافة لإيهامهم أنهم نجحوا، وهكذا أوقعنا فيهم خلال الساعات الأولى من المعركة خسائر كبيرة، وقد استطعنا إحصاء 37 قتيلاً لحظتها».

ويضيف القيادي في «جيش الفتح» في حديثه إلى «الراي»: «ومن خلال توحدنا ورسْم خططنا على مبدأ الكر والفر، نجحنا بحرمانهم عنصر المباغتة. وبهذه الطريقة وخلال وقت قصير خسر الحزب ما لا يقل عن 100 قتيل و200 جريح. نحن كنا نتوقع كثافة النيران، ونعلم أن لدى «حزب الله» أسلحة تفوق ما تملكه أنظمة. وتالياً نحن لا نقاتل حزباً أو تنظيماً بل جيشاً لديه كافة الأعتدة والآليات والأسلحة الثقيلة والمضادة وكل ما تطلبه المعارك. ومن هنا اعتمدنا أسلوب الكر والفر، لان عتادنا وأسلحتنا لا توازي أسلحتهم، عدا عن أننا نعاني من نقص التموين والذخيرة، في منطقة جردية صعبة ومقفلة بسبب سد جميع المنافذ، فيما هم ظهرهم مؤمن ولا يعانون مما نعانيه. حتى الماء البارد تجده في حوزتهم، ولديهم مشافي ميدانية بكامل أطقمها، وتالياً أي مواجهة تجلعنا، نظراً لكثافة نيرانهم، كمَن أكل الطعم، وأوقع نفسه بالتهلكة».

ويؤكد أن الأيام المقبلة «ستدحض ما أعلنه (السيد) نصر الله عن انتصارهم»، مضيفاً: «هو قال إنه سيزيلنا من القلمون، ونحن نقول لن ندعه يهنأ باحتلاله لجرودنا وقرانا. ومقاومتنا أوقعت بصفوف الحزب والنظام قتلى بالعشرات، كلما هللوا لاحتلال تلة، سرعان ما يتفاجأون بأننا أعدنا السيطرة عليها».

وإذ يلفت إلى أننا نخوض معركتين واحدة مع النظام و«حزب الله» والثانية مع «داعش»، ربط استقدام «داعش» إلى المنطقة بعملية المسح الكامل لغالبية قرى القصير ويبرود، من النظام و«حزب الله»، قائلاً: «يريد (حزب الله) والنظام أن يعلنوا دولتهم العلوية الشيعية، امتداداً من الساحل وصولاً إلى العاصمة بشكل هلال، وهذا سبب عدم سماح الأهالي للمدنيين النازحين بالعودة إلى القرى».

ويتطرق إلى «كيفية وصول (داعش) إلى القصير والقلمون ويبرود في ظل حصار مطبق وكيفية سحبه لمقاتلي الجيش الحر و(النصرة) في ظل هذا الحصار، بذريعة أنه يقاتل النظام و(حزب الله)، واذ به ما إن بدأت المعركة يحاول أن ينقضّ علينا من القلمون الغربي، وقد استطعنا أن نهزمه لنعود الى معركتنا في الشرقي».

ويشير إلى «أننا استحصلنا على ترخيص شرعي من علماء المشايخ في الشام والقلمون، لنقاتل (داعش) بعدما وحدنا كل الفصائل»، مضيفاً: «اجتمع عدد من المشايخ وعلماء الدين، واتفقوا في فتوى الروابط العلمية والهيئات الإسلامية السورية على قتال ما يسمى ‏تنظيم الدولة باعتبار أن قتالهم وإبعاد ظلمهم عن أهلنا وعدوانهم هو قتال مشروع لدفْع شرّهم وأذاهم?».

ويجزم «أن المعارضة متيقظة لخطة (حزب الله) بجرنا إلى معركة مع الجيش في جرود عرسال»، موضحاً أنه «من خلال رصدنا لتحرك (حزب الله) في لبنان وعند الجرود، نعلم أن الحزب يتوقع خسائر كبيرة له، قد تصل إلى 500 قتيل، عدا عن خسارته المادية، وسنفوّت عليه الفرصة لنجعلها معركة استنزاف لكل مقدراته وقوته لنوقع فيه أكثر مما توقع».

في المقابل، فإن ما يقوله إعلام النظام السوري والمحسوب على (حزب الله) في لبنان يعطي انطباعاً أن الحزب انتصر والمعركة انتهت، تمهيداً لبدء معركة عرسال من الجهة اللبنانية ومن الجهة السورية معركة الزبداني.

لم يستطع (حزب الله) أن يخفي قوته العسكرية واللوجستية ونخب مقاتليه أثناء نقلها من الضاحية الجنوبية لبيروت ومن مواقعه الجنوبية تحضيراً لهذه المعركة، وسط تقارير عن أنه نقل نحو 70 في المئة من تعزيزاته العسكرية والصاروخية من الجنوب إلى البقاع الشمالي.

ولا تخفي مصادر مطلعة على وقائع المواجهات في القلمون أن المعركة جرت بغير ما كان (حزب الله) يتوقع ما يجعل قيادته متخوفة من حرب استنزاف له، لافتة إلى أن «الحزب استطاع بوقت قصير أن يسيطر على أكبر مساحة من جرود القلمون وعلى 3 مقرات لجبهة النصرة من أصل 4 (غرف عمليات)، ففتحت المعركة في مثلّث جرد عسال الورد - الطفيل - بريتال وحدّد الهدف الأول قرنة النحلة، واصطَدمت القوات أثناء عمليات التقدّم والرصد بكمائن المسلحين ما أوقع بصفوف الحزب خسائر ليست بسيطة، فكانت الضرورة لشنّ عملية محدودة لتحرير هذا المثلّث وصولاً إلى خط الزعرور مع تأمينات في الاتجاهَين اللبناني والسوري.

وبحسب المصادر فإنه خلال 24 ساعة، وبغير ما كان يتوقعه (حزب الله) تمّ اختراق المنطقة وتطهيرها على الرغم من صعوبة ذلك بفِعل العوامل الجغرافية المعقدة وشبكة التفخيخات والألغام الفردية التي واجهها عناصر الحزب، موضحة كيفية سقوط قرنة نحلة، المشرفة على المحمضات من الجهة الشرقية وعلى معسكري الدار والأزرق اللذين تقع كل المنطقة تحت إشرافهما»فهذا حصل بعد الرصد، وتوزيع اربع مجموعات اثنتان في الخط الامامي والاخريان في الاحتياط، بمساندة نارية».

وتؤكد المصادر أن «حزب الله» هو من يدير غرفة العمليات، وأن الجيش السوري يؤمن المساندة النارية (المدفعية الأرضية والطيران) وهذا ما جعل المعركة تنجح وليس كما حصل في القصير حيث برزت انشقاقات في صفوف الجيش السوري، وجرى طعن لـ «حزب الله» في الظهر.