مصادر «8 آذار» لـ «الراي»: «حزب الله» مع عون مئة في المئة
الحكومة اللبنانية على «صفيح» الاستحقاقات الساخنة
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
01:52 م
... «سنقترع بأقدامنا»، «سنأخذ الأمور بأيدينا»، «سأدافع عن الحكومة بكل ما أوتيتُ من قوة». ثلاث معادلات تعبّر عن المنحى الذي سيسلكه الوضع اللبناني على خلفية ملفيْ جرود بلدة عرسال والتعيينات الأمنية اللذيْن باتا يتداخلان بين بعضهما وايضاً مع الأزمة الأمّ المتمثلة بالفراغ المتمادي في رئاسة الجمهورية.
وفيما بحث مجلس الوزراء اللبناني في جلسته الاستثنائية التي انعقدت أمس، قضية عرسال على ان يكون الخميس المقبل هو موعد الفصل في مسألة التعيينات الأمنية غداة عودة رئيس الحكومة تمام سلام من زيارته الرسمية للسعودية التي يبدأها اليوم، بدا واضحاً ان كلاً من زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون و«حزب الله» اللذيْن يتبادلان الدعم في الملفيْن، رسما مسبقاً سقفيْهما حيالهما وفق الآتي:
*عون شحذ همم قواعده الشعبية التي توجّه اليها «بأننا سنحتاج الى أقدامكم لتنزلوا الى الشارع كما نزلتم العام 1989 (عقب إقرار اتفاق الطائف وانتخاب الرئيس رينيه معوض رئيساً وحلّ عون، الذي كان يتولى رئاسة حكومة عسكرية انتقالية، البرلمان) وذلك في إطار اقتراع شعبي تحت عنوان»الحقوق المسيحية«يريده رداً على التمديد المتوقّع للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء إبرهيم بصبوص الذي يحال على التقاعد الجمعة المقبل، ولو اعتُمد تأجيل تسريحه حتى سبتمبر المقبل فقط، اي الى تاريخ انتهاء مدة قائد الجيش العماد جان قهوجي، اذ ان زعيم"التيار الحر"متمسّك بوحدة بتّ الملفيْن على قاعدة التعيين من الآن وبما يضمن ايصال صهره العميد شامل روكز الى قيادة المؤسسة العسكرية.
*و»حزب الله«استبق مناقشات مجلس الوزراء حيال ملف جرود عرسال الذي ضغط مع عون في اتجاه انتزاع قرار واضح من الحكومة بإعطاء الضوء الأخضر للجيش لدفْع وحداته لـ"تحرير"جرود عرسال التي يعتبر انها»محتلة من المسلحين السوريين«، وباشر استنساخ تجربة"الحشد الشعبي"في العراق من خلال اعلان عشائر وعائلات بعلبكية قيام"لواء القلعة«الذي اكد»أنه لن يسمح بوجود أي تكفيري في الجرود"، وانه"ملتزم أي قرار يصدر عن السيد حسن نصرالله"، مشدداً على ان»معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي معادلة ذهبية تحكم تحرّكنا وخطواتنا اللاحقة ونعتبرها الوسيلة الوحيدة للمواجهة«.
وذكرت مصادر بارزة في»8 آذار«لـ»الراي«ان»(حزب الله) مع العماد عون وخياراته «مئة في المئة»، مشيرة الى ان المعادلة اصبحت إما روكز وإما الحكومة، ومعتبرة ان حظوظ تعيين روكز قائداً للجيش تجاوزت الـ 50 في المئة، ومتوقّعة رفض عون اي تسوية «فهو لن يقبل بخداعه».
ورأت هذه الاوساط ان ثمة «اطرافاً لا تريد التفريط بالحكومة، مثل (تيار المستقبل) والنائب جنبلاط، اضافة الى الرئيس ميشال سليمان، الذي يتمثل بثلاثة وزراء، يوفّرون له الحضور السياسي في دائرة القرار الرسمي»، مشيرة الى ان «هذه الاطراف تطلق مناورات لن تنطوي على العماد عون».
ولفتت الى ان «(حزب الله) مستعدّ للخروج من الحكومة في حال قرر العماد عون بلوغ هذا المستوى من التصعيد، وخصوصاً ان زعيم (التيار الوطني الحر) لن تنطلي عليه بعد اليوم مناورات التفافية على مطالبه الحاسمة».
واوحت هذه الاوساط ان «تقدم حظوظ العميد شامل روكز، يعني ضمناً تراجع بقاء المرشح الرئاسي قائد الجيش العماد جان قهوجي في موقعه، ما يعني ان (حزب الله) لم يعد متمسّكاً بالعماد قهوجي على رأس المؤسسة العسكرية، وتالياً سقوط ورقة هذا المرشح الرئاسي الذي كانت حظوظه لا بأس بها حتى امس».
وتدقق دوائر مراقبة في بيروت في مغزى الكلام عن ان «حزب الله» يقف مع العماد عون «مئة في المئة»، بعدما كان يتولى فرملة اندفاعاته او التمايز عنه في محطات عدة، مشيرة الى مجموعة تقديرات أبرزها:
* حاجة «حزب الله» الذي لم يُخْف عزمه على تصعيد متدحرج في مواجهة الخطر الوجودي الذي يتعرض له، الى حليفه الإستراتيجي في الداخل، اي العماد عون، استعداداً لأيّ اتجاه لقلْب الطاولة اذا اقتضى الامر.
* المقايضة الضمنية بين الطرفين، فـ «حزب الله» يمشي في معركة عون في التعيينات الامنية والرئاسية حتى النهاية، في الوقت الذ يتحوّل عون رأس حربة في معركة الحزب لتوريط الجيش في حرب عرسال وجرودها.
واللافت، انه بين هذيْن الحدّيْن، جاء كلام بارز ومتمايز لرئيس البرلمان نبيه بري، اعتُبر بمثابة ضابط لايقاع تصعيد عون - «حزب الله» وإشارة اضافية الى ان «التيار الحر» والحزب سيردان على ملف التعيينات بشلّ عمل الحكومة من دون الاستقالة منها، بمعنى انها تبقى قائمة قانونياً وتجاه المجتمع الدولي وليست حكومة تصريف اعمال ولكنها معلّقة الاجتماعات حتى التفاهم على التعيينات.
واعلن بري انه سيدافع عن الحكومة بكل ما أوتي من قوة، لافتاً الى انه «إذا اعتكف طرف ممثل في الحكومة وبقي العامل الميثاقي مصاناً، فانها تظل قائمة وقادرة على العمل»، متسائلاً: «هل من المنطق ان نعيّن اليوم قائداً للجيش وولاية العماد قهوجي تنتهي في سبتمبر المقبل؟ ولماذا يطرح الموضوع منذ الآن، في وقت يخوض الجيش مواجهة كبيرة ضد الارهاب والجماعات التكفيرية؟»، مكرراً انه مع التمديد اذا كان البديل هو الفراغ في رأس المؤسسات الامنية، ومشدداً على انه «مع المقاومة حتى الموت وفي شأن جرود عرسال فإن اي شبر من الاراضي اللبنانية (المحتلة) جنوباً وشرقاً او غرباً من حق الدولة والجيش والشعب والمقاومة تحريره».