قصة قصيرة / الليل والشاطىء

1 يناير 1970 07:11 م
الليل والشاطىء... عالم اخر يختلف عن دنيا النهار... صوت الموج يسفر عن معركة لم يهدأ لها أوار، ويعلن عن أنين ثورة لم تخمد بعد.

القمر يعكس في هدوء صوره لعالم غامض، تكسب البحر ظلمته وثباته.

صوت الهواء يعلو في اعتراض صامت... ذراته تختنق في ثورة، تصطدم بالموج والماء... تلاقي الثورتين... يكشف عن ثورة ثالثة اخرى، تفجرت في محيط الزمن... بينما الكون يواصل التقاط صوره الدائمة للمشهد الحي...

الليل والشاطىء... وصخرة تتلقى الموج... يجلس فوقها هو وهي، هو يحيط بها... موج يحتوي الشاطىء... يمنحها دفء يفتقده... ويبحث عن أمل مجهول.

هي شاطىء يتلقى الصدمات... تريح رأسها على كتفه في عبث محبب... تترك كفها امانة بين اصابعه... تقنع نفسها انها تستمد منه الدفء، بينما كلاهما يتجمد بردا.

الليل والشاطىء... وصوته وصوت البحر... يشقان الصمت ويقتلان السكون، لا يزال يردد «ساعدينى لأكون اقوى... ساعديني لأكون حرا... لايمكن ان نستمر هكذا والحياة مليئة بالقيود... كوني قريبة لنخرج من عنق الزجاجة... ابقي جواري لنصنع حياة افضل».

يتناثر رذاذ من الماء البارد عليهما،ا ثر ارتطام موجة قوية بالشاطىء وبالصخرة... حالها كحال الشاطىء... تتلقى في صمت وصبر... تتنهد وتفكر... «الحرية تؤخذ ولا تمنح... ابحث عن حريتك داخلك... لن نصنع حياة افضل... وانت عبدا ترفل في قيود ذاتك، قوتك استمدها من نفسك وليس مني... انا سأظل انا وانت ستظل انت مهما تبادلنا الأدوار... البحر يظل بحرا والسماء تبقى سماءً مهما سقط المطر... احبك كما انت... وسأحبك اكثر لو اصبحت حرا من نفسك... ملكاً لذاتك».

الليل والشاطىء... وحديثه باستمرارية الزمن... لايزال يتكلم... ولا يزال خائفا يتطلع الى الظلام...

كلماته رسائل بحر لاتفهم منها حرفا... ووعوده ذرات هواء... تمنحها حياة لاتخبرها كيف تحياها... بنفسها اخمدت ثورتها عليه وعليها وعلى الوضع وعلى الحياة... اقتربت منه تبحث عن حل سلمي... بلا ثورات وبلا دموع.. تلفتت حولها بحثا عن طريق تسلكه... أو عن بداية لطريق تتبعه.

الليل والشاطىء... وصوت البحر وازيز الرياح، عيناها لاتقوى على اختراق حجب الظلام... والقمر مرشد ساخر يضل الكثيرين... وكلاهما لايزال يبحث عن أمل.

استقرت عيناها على اصابعهما المتعانقة... ابتسامتها ضحكة صامته بدفء القمر وجلال الرياح... تستكين اكثر واكثر له وللموقف وللحياة... روحها تردد «لابأس بهذا كبداية» واصابعه تحتضن كفها برفق اقوى..

الليل والشاطىء... وهو وهي من بعيد... على صخره يذيبها الموج الذى تساع في ثورة.