التمديد لقهوجي أولوية والحكومة «خط أحمر» ... حتى الآن

«حزب الله» وعون يضعان لبنان في «عين العاصفة»

1 يناير 1970 12:19 م
في وقت تتصاعد معه معالم الغموض حول مسار المعارك الميدانية الجارية في منطقة القلمون السورية بين «حزب الله» والتنظيمات المسلحة المعارِضة للنظام السوري، تتصاعد في المقابل ملامح الشكوك الكبيرة حول اندفاع حليف الحزب العماد ميشال عون وتكتله النيابي نحو تصعيد سياسي كبير ينذر بوضع الحكومة أمام احتمالات التعطيل والشلل.

هذه الصورة المزدوجة بدأت ترتسم بقوة وتتقدم المشهد الداخلي بعدما بدأ التكتل العوني يلوّح بالانذارات المتعاقبة بإمكان إحداثه هزة حكومية ما لم تُقْدِم الحكومة على تعيين القادة الامنيين والعسكريين الذين تنتهي مهل خدمتهم في الشهور الثلاثة المقبلة وتالياً رفْضه التمديد لهم.

ولا يقف الأمر عند هذا الملف المرشح لأن يشهد سخونة عالية متدرّجة، بل برزت لدى اوساط عون ملامح حملة ربما تتصاعد علناً على تيار «المستقبل» الذي نفى في الأيام الأخيرة على ألسنة مسؤولين ونواب فيه مزاعم عن مفاتحة الرئيس سعد الحريري للعماد عون بصفقة يُعيّن بموجبها رئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان مديراً عاما لقوى الامن الداخلي قبل الخامس من يونيو المقبل، على ان يُعيّن صهر العماد عون العميد شامل روكز قائداً للجيش في سبتمبر المقبل.

ولكن بعيداً عن التفاصيل التي يكثر تَداوُلها اعلامياً في هذا الملف، فإن اوساطاً وزارية لبنانية «وسطية» تشارك في المساعي الجارية راهناً لتجنب الوصول الى أزمة حكومية جراء الموقف العوني، رسمت علامات شكوك واسعة حول جدوى المسار التصعيدي الذي يتولاه العماد عون، والذي يتّسم في رأيها بتسرّع كبير وغير مضمون النتائج وسط المعطيات الحالية داخلياً وخارجياً.

وتقول هذه الاوساط لـ «الراي» ان «كلاهما - اي الحزب وحليفه عون- يتوليان مساريْن ميدانياً وسياسياً تبدو معه حسابات الخسائر أكبر من حسابات الربح ولكنهما مع ذلك يهددان البلاد بنقلها الى ضفة شديدة الاضطراب. فالحزب يخوض مواجهة شديدة الكلفة والتعقيد ميدانياً وبشرياً وسياسياً وليس ما ينبئ اطلاقاً انه سيكون الفريق المنتصر فيها مهما بلغت قوة الدعاية التي تروج لانتصارات ولو انه حقق بعض المكاسب على الارض في الأيام الأخيرة». ومع ان المعارك الناشبة في الوقت نفسه بين أعداء الحزب في القلمون اي ( النصرة) و(داعش) تشكّل عاملاً مساعِداً للحزب فإن ذلك لن يضمن له الانتصار الكبير الموعود الذي يتعذر عليه في رأي هذه الاوساط تحقيقه.

وفي المقابل، تشير الاوساط نفسها الى «اندفاع العماد عون نحو معركة فرْض كلمته في ملف التعيينات الأمنية والعسكرية وحمْل تيار (المستقبل) على الانخراط معه في صفقة تبادُل تبدو بدورها على مشارف الفشل تماماً نظراً لمجموعة عوامل من أبرزها ان التوافق السياسي على التعيينات لطرْحها على مجلس الوزراء يبدو متعذراً جداً اساساً، فكيف مع عوامل الاحتقان الجديدة التي تسببت بها مواقف نافرة لصهر عون الآخر وزير الخارجية جبران باسيل قبل يومين، والتي طغت عليها نبرة طائفية أثارت انتقادات واسعة غير معبّر عنها علناً بين حلفاء عون أنفسهم».

ثم ان الحقيقة التي لا بد من كشفها في رأي هذه الاوساط، هي ان «غالبية القوى السياسية في الحكومة وخارجها تؤيد ضمناً التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في هذا الظرف سواء لحسابات خاصة او لمعطيات عامة، من بينها ما سمعه كثر من دعم أميركي وفرنسي وسعودي لأي إجراء لا يعرّض الجيش لمتغيرات في هذه الظروف بما يشير ضمناً الى ان الدول المؤثرة التي اعتادت الفراغ الرئاسي، لا ترغب في اي مغامرة تعرض قيادة الجيش لهزّة محتملة. كما ان تعامل هذه الدول مع العماد قهوجي يتسم بالايجابية والارتياح».

وتضيف هذه الاوساط، ان «الاسابيع القليلة المقبلة ستشكل فترة حرجة جداً على الصعيد السياسي الداخلي اذ سيبلغ السباق ذروته بين التصعيد في ملف التعيينات ومحاولات معالجته بهدوء ومن دون هزات سياسية وحكومية. ولكن يبدو واضحاً ان الحفاظ على الاستقرار الحكومي لا يزال خطاً أحمر حتى الآن، الامر الذي يعرفه الجميع ويضع الحزب وحليفه في عين العاصفة التي أثاراها كلٌّ من جهته».