سنوياً يتوافد على سوق العمل عدد هائل من خريجي الجامعات والمعاهد التطبيقية والثانوية العامة ليبدأوا معها مرحلة جديدة من حياتهم، ويتزايد هذا العدد على مر السنين خاصة مع ارتفاع نسبة الشباب مقارنة بالتعداد السكاني، حيث تشير الإحصائيات التقديرية أن نسبة من هم دون الواحد والعشرين سنة يبلغون حوالي 56 في المئة من إجمالي عدد الكويتيين.
بالفعل هي نسبة كبيرة تحتاج إلى وقفة جادة من قبل صانع القرار لأنها ستشكل أزمة حقيقية خلال السنوات المقبلة، أخذاً بالاعتبار ما جاء بالدستور في مادته رقم 41: ( لكل كويتي الحق في العمل وفي اختيار نوعه. والعمل واجب على كل مواطن تقتضيه الكرامة ويستوجبه الخير العام، وتقوم الدولة على توفيره للمواطنين وعلى عدالة شروطه).
وإذا كانت الحكومة تعتمد وحدها على توظيف حوالي 95 في المئة من الكويتيين، فسيأتي اليوم الذي لا تستطيع فيه توظيف المزيد، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة الوافدين إلى سوق العمل مقارنة بعدد المتقاعدين، وكذلك مدى توافر فرص عمل للمواطنين في القطاع الخاص والتي بدأت جليا بالتناقص بعد الأزمة المالية التي ضربت دول العالم أجمع عام 2008.
وبعيدا عن حلول هذه الأزمة التي ستأتي لا محالة في يوم من الأيام، اطلعت اخيرا على مجلة «إربيان بزنس» في عددها الصادر في فبراير الماضي، والتي تضمنت تقريرا مفصلا عن أغنى 50 هنديا في الخليج، نشرت من خلاله قصة حياتهم وكيف أنهم بنوا ثرواتهم من لا شيء بعد أن غادروا بلادهم بحثاً عن لقمة العيش، فتحملوا مرارة الغربة ليصلوا إلا ما صاروا إليه. ذهب ذهني بعيدا، لأربط بينهم وبين قصة نجاح موقع طلبات دوت كوم، وكيف استطاعت مجموعة من الشباب الكويتي صنع شيء من لا شيء ونجحوا في تحقيق ثروة تؤمن لهم قوت يومهم ومستقبلهم.
وهنا، أجد لزاماً أن يبدأ شباب الكويت بالتفكير في مستقبلهم جديا، فواقع الحال وطبيعة المجتمع والأمن والاستقرار وتوافر المال والبيئة الاستهلاكية وغيرها من العوامل المشجعة، بعيداً عن بيروقراطية وروتين الحكومة وخططها وقوانينها، قد تساعد في بناء مشاريع صغيرة ينطلق من خلالها هذا الشاب لبناء مستقبله، بعيدا عن الوظيفة المقيدة أحيانا للإبداع، وقد تكون، ولم لا؟ بداية لتحقيق رغبات الذات والاستقرار المعيشي وبناء المستقبل المنشود.
أعتقد، أننا جميعاً نحتاج إلى كثير من التفكير والرغبة، ومجهود أكبر في العمل والإبداع، وإيمان بالقدرات والمواهب، لنستطيع معها أن نبني مستقبلنا بعيدا عن مفهوم الوظيفة، والشواهد على ذلك كثيرة، فمن منا يقبل التحدّي؟
Email:
[email protected]