عون يلوّح بـ «لغم» التمديد للقادة الأمنيين
لبنان يتسلّم سلاح الهِبة السعودية وتواصل «هبّة» الردود على نصر الله
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
10:29 ص
تتجه الأنظار اليوم في لبنان، الى الاحتفال الذي سيقام إيذاناً ببدء تسليم الجيش اللبناني الدفعات المتعاقبة من السلاح والعتاد الفرنسي، في إطار الهبة السعودية للجيش اللبناني البالغة 3 مليارات دولار.
ومساء أمس، وصل وزير الدفاع الفرنسي جان أيف لودريان الى بيروت خصّيصاً، للمشاركة قبل ظهر اليوم، في الاحتفال بتسليم الدفعة الاولى من السلاح الفرنسي، ضمن اطار الاتفاق الثلاثي المعقود حوله بين السعودية وفرنسا ولبنان، في القاعدة الجوية في مطار بيروت، وستلقى كلمتان لوزير الدفاع الفرنسي و نظيره اللبناني سمير مقبل، ثم يَعقدان مؤتمراً صحافياً مشتركاً، قبل ان يُكشف عن الأسلحة الجديدة، علماً ان الدفعة الاولى تضم نحو 45 صاروخاً من طراز «ميلان».
والواقع، ان البدء بتسليم الأسلحة الفرنسية ضمن الهبة السعودية، كان تَقرّر أصلاً في هذا الموعد منذ اكثر من شهريْن، غير ان المفارقة جعلت هذا الموعد يتزامن مع تصاعُد الهجمات الكلامية والإعلامية والسياسية التي يشنّها «حزب الله» على المملكة العربية السعودية، والتي كان آخرها الكلمة التي ألقاها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الجمعة الماضي، في المهرجان الذي أقيم في الضاحية الجنوبية.
وسيكون هذا التزامُن لغير مصلحة الحزب، الذي وجد نفسه بعد يوميْن من حملة نصرالله الأخيرة على السعودية، شبه وحيد في هذه الحملات، لا بل إن حملات الردود عليه بدأت ترسم واقعاً سياسياً مختلفاً. ذلك ان المناخ الداخلي الذي يحوط حملات الحزب بدأ يشكّل رسالة مزدوجة واضحة في اتجاه المملكة من جهة وفي اتجاه الحزب من جهة اخرى، على تَفاوُت درجات المواقف المعلنة في الرد على نصر الله، أو في الصمت وعدم الانجرار معه.
وإذا كان نصرالله أشار الى ان الحزب لم يطلب من حلفائه مجاراته في موقفه من السعودية، فإن المفارقة البارزة في انفراد الحزب بهذه المعركة، بدأت تُبرِز ايضاً ملامح تغييرات اضافية، عبّر عنها تَمايُز رئيس البرلمان نبيه بري عن الحزب، وصمت الحليف المسيحي له العماد ميشال عون، ومن ثم اخيراً تصعيد الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط انتقاداته للحزب ونصرالله شخصيّاً، وهو امر يكشف الحزب لمرة نادرة على هذا المنوال، إذ انه حتى في ملف تورّطه المباشر في سورية، وجد إسنادات ومبررات من حلفائه وسواهم احياناً. أما في الملف اليمني فإنه يواجه وضعاً مختلفاً وجديداً، يعود بالدرجة الاولى الى انزلاقه الى سقوف غير مسبوقة في التصعيد ضد السعودية، في حين ان هذه الدولة تَبرز مجدداً كالداعم الاول والأساسي للبنان، كما ان علاقاتها بالأطراف اللبنانيين تُعتبر الاشد قوة، بدليل ما حصل منذ أسابيع وحتى الان.
ثم ان حلفاء الحزب انفسهم يخشون من إفراط ايران في استخدام الحزب في حربها المضمرة على السعودية، في حين ان الكلفة التي تثير مخاوف الجميع تتركز على نحو نصف مليون لبناني يعملون في المملكة والدول الخليجية. وتبعاً لذلك، اكتسبت الردود السياسية على الحزب أهمية كبيرة، ولكن عدم انجرار حلفائه الى حملاته بدا ايضاً التطور الأهمّ من ردود خصومه عليه.
الى ذلك، يُنتظر ان يشهد الاسبوع المقبل، تطورات جديدة في موضوع التمديد للقيادات الامنية والعسكرية، حيث يقوم عون بحملة استباقية، من منطلق رفضه التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي. ويبدو ان «تصعيداً عونياً» جديداً سيظهر في الايام المقبلة، إذ فُهم ان غالبية القوى السياسية ستوافق على التمديد للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص في مايو المقبل، ما يُعتبر اشارة سبّاقة الى التمديد الحتمي المماثل للعماد قهوجي (يحال على التقاعد في سبتمبر المقبل).
وسيتعين على عون في وقت قريب، رسْم سقف لتصعيده بإبقائه في اطار سياسي وإعلامي او بتجاوُزه الى استقالة وزراء تياره من الحكومة، علماً انه يوحي للجميع بانه قد يُقدم على الخطوة الأخيرة فعلاً هذه المرة. ومن شأن تصاعُد هذا الملف ايضاً ان يضع تحالف عون و«حزب الله» امام تطور محرج ومفصلي.