إن أكثر المشكلات التي يعاني منها الأفراد والمجتمعات تعود إلى قصور داخلي، والقليل منها إلى عدوان خارجي على نحو ما قال الله - جل وعلا - «قل هو من عند أنفسكم». ومشكلات البشر متراصة متراكمة، مما يجعل الإنسان المسلم في كثير من الأحيان يشعر بنوع من العجز حيال تصورها، فضلاً عن الاستعداد للتعامل معها. وهذا اليأس المثبط جعل الكثير يشعرون بأنهم ضعفاء تجردوا من وسائل المقاومة، وتجرعوا وسائل الاستسلام لحالات الإخفاق والتأزم والتراجع.
تجسدت حالة القصور الداخلي عند بعض الأفراد في مقاعد وصفوف الحرم الجامعي، تعايشنا مع شخصية إن صح التعبير شاذة في تفكيرها وسلوكها، شخص تصلب وانحبس داخل قصور المدارك وثقافة الزيغ والضلال، لقد حيّد مصفاة العقل، واعتنق أفكاراً غريبة، كلبس الصليب، ونجمة داوود، وأصبح تقديره للأشياء يتم بصورة قهرية، لا شعورية، يدعو لقراءة كل ما هو مخالف للعقل والدين مبرراً بأن الثقافة تتطلب التبحر في أفكار وعقيدة المخالف حتى نستطيع الرد عليه والنيل منه، مع أن ذلك في حكم العقل لا معنى له، ولا وزن، وتدل نصوص قرآنية كثيرة جداً على أن أكثر الناس لا يعقلون. فاتباع سبل الرشاد والوقوف على الحقائق ليس سبيل الجماهير العريضة.
وهذا كله يدعونا لأن نكون حذرين ومحصنين عقولنا حتى لا نخضع بسهولة للمذاهب والنظريات الفاسدة والشاذة، ولا للمقولات الشائعة والتقاليد الذائعة قبل أن ندخلها في مختبرات الأفكار، ونعرضها على الأصول المنهجية الربانية، وعلى ما تراكم من خبرات البشرية، علينا بالمثاقفة والمباحثة والمدارسة لكل فكرة أو سلوك نعتقد أنه شاذ، لنميز بين المختلف المتميز وبين الشاذ الفاسد حبيس قصوره ونقصه في تقييم وتقدير ذاته، وتركه لعقله يصول ويجول بأفكار تناقض العقل والروح والجسد، وحتى نحمي أنفسنا وأبناءنا من الاستسلام للقصور الداخلي، علينا بالعلم، أن الطرق لا تسد إلا بالجهل، أما من يملك العلم والبصيرة والخبرة فإنه يظل - بحول الله - قادراً على العثور على ثقب في جدار المستحيل، مهما كانت الظروف غير مواتية. نسأل الله الهداية لنا ولهم إلى سبيل الاستقامة والرشاد هداية ما بعدها ضلال.
[email protected]mona_alwohaib@