أ. د. عبداللطيف بن نخي / رؤية و رأي

الجهاز المركزي لتعزيز الوحدة الوطنية

1 يناير 1970 10:13 ص
يضم منتدى «أكاديميون بلا حدود» مجموعة من الأكاديميين الساعين لتحويل المجتمع الكويتي إلى مجتمع مدني متآخٍ ومتكامل وقادر على توفير واستدامة رفاهيته. نخبة تؤمن بضرورة اتباع المنهج العلمي التخصصي في تحقيق رؤيتها الوطنية. منذ نشأته، تبنى المنتدى مسارين أكاديميين متزامنين لمساهماته في تحفيز النهضة الوطنية الثانية، على غرار الأولى في السبعينات من القرن الماضي. المسار الأول يشمل رصد وتشخيص ثم إزالة معوقات التنمية الوطنية الشاملة، والثاني يتمحور حول وضع أسس وتشييد قواعد ثابتة لضمان استدامة تلك التنمية. من بين أبرز مشاريع المنتدى، المقترح الذي قدم إلى مجلس الوزراء في أبريل 2009 بشأن إنشاء «جهاز مركزي لتعزيز الوحدة الوطنية». هذا المقترح يجمع بين مساري الإصلاح لدى المنتدى، لأن التفكك المجتمعي من أخطر معوقات التنمية، وفي الوقت ذاته، التراحم والتلاحم بين المواطنين من دعامات استدامة سلامة النسيج الوطني وديمومة الرخاء والازدهار في المجتمع.

الغاية من تأسيس الجهاز المركزي هو تحويل شعارات الوحدة الوطنية إلى عمل مؤسسي منظم تحتضنه الكويت وتمارسه وفقا لتخطيط وتنظيم يحققان الأمن الاجتماعي وينشران ثقافة الوئام والمحبة المتبادلة بين المواطنين وذلك من خلال برامج عملية دائمة لا تنقطع، وضمن منهجية شفافة وواضحة المعالم. لذلك اقترحنا أن يلحق الجهاز المركزي بوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء لتمكينه من خلق روابط ديناميكية مع كامل الجهاز الحكومي، إلى جانب التسهيلات المتاحة في ذلك الموقع لإجراء التنسيق وتعجيل التعاون الدستوري مع السلطتين المكملتين للتنفيذية وهما التشريعية والقضائية.

اختصاصات الجهاز المركزي، كما جاءت بالمقترح هي الآتي:

1. وضع خطط وسياسات صيانة ودعم النسيج المجتمعي على المستوى الوطني واعتمادها من مجلس الوزراء.

2. وضع المنهجيات والمقاييس والأنماط اللازمة لترسيخ ثقافة التسامح والتعددية في المجتمع الكويتي.

3. تنسيق كافة أعمال خطط ترسيخ ثقافة التعددية في ما بين الجهات الحكومية.

4. الإشراف على عمليات تنفيذ خطة ومشروعات ترسيخ الوحدة الوطنية بالتنسيق مع الوزارات والجهات الحكومية.

5. تقييم وتقويم أداء الوزارات والجهات الحكومية بشأن خطة ومشروعات ترسيخ الوحدة الوطنية.

6. تدريب الكوادر البشرية العاملة في مجال التعليم والتوعية في البلاد وتنمية قدراتها في هذا المجال.

7. الدراسة وإبداء الرأي في الاحتياجات الفنية والمالية اللازمة لمشروعات ترسيخ الوحدة الوطنية في الجهات الحكومية بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى.

8. التوعية العامة بثقافة التعددية لدى كافة فئات المجتمع بالتنسيق مع هيئات المجتمع المدني والقطاع الأهلي.

من أجل ترشيد أنشطة الجهاز المقترح، تقرر أن يكون في قمة هيكله التنظيمي مجلس إدارة يتولى رسم سياساته العامة، ويشارك في فعالياته من خلال إبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح والقرارات الخاصة بترسيخ الوحدة الوطنية، ويقيم كفاءته ويقوم أداءه عند المصادقة على التقرير السنوي العام عن أعمال الجهاز.

إلى جانب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الذي يترأس مجلس إدارة الجهاز المركزي، يضم المجلس في عضويته مدير عام الجهاز وأعضاء من ذوي الخبرة والكفاءة في مجالات مختلفة مثل الإعلام والقانون وعلم الاجتماع السياسي وعلم النفس التربوي بالإضافة إلى عضوين في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية والتعددية الدينية، وأعضاء مجلس الادارة يعينون بقرار من مجلس الوزراء لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.

لا شك بأن تعزيز الوحدة الوطنية مهمة شاقة لأنها تتطلب التناغم بين متخصصين من مجالات مختلفة لمعالجة خلل ثقافي وسلوكي متجذر في علاقة الكويتي بوطنه وبزملائه في المواطنة والإنسانية. ولكن التحدي الحالي أمامنا هو كيفية تخطي عوائق انشاء الجهاز المركزي، وهي كثيرة ولكن أكبرها قوى الفساد وبعض التيارات السياسية. فقوى الفساد تستثمر في منظومة خلق الأزمات وزعزعة وحدتنا الوطنية لننشغل عن أنشطتها أو لننسى ما افتضح من سرقاتها. وفي المقابل بعض التيارات السياسية لها رؤى إقليمية تفوق في أولويتها على وحدتنا الوطنية وتعارضت معها مرارا. لذلك تجدها بجميع كوادرها وبكامل إمكاناتها الإعلامية، الرسمية والاجتماعية، في خدمة اهتماماتها الإقليمية وإن كانت على حساب نسيجنا الوطني. هذه التيارات، التي لا تتوانى عن خلق أزمات محلية لأسباب أو أهداف إقليمية، لم تقدم على مر عشرات السنين أي مشروع لتعزيز الوحدة الوطنية بل رسخت ثقافة مجتمعية تبرر تقاعسها.

أملنا في الغالبية الصامتة، لذلك أدعوك للمشاركة في جهود تعزيز لحمتنا...ولو بشق تمرة.