وليد الرجيب / أصبوحة
الوصاية السياسية من خارج الحدث
وليد الرجيب
1 يناير 1970
09:34 ص
نحن نؤمن بأن كل شعب أو مجتمع أدرى بشؤونه وقضاياه، ولا يحتاج إلى مزايدة أو وصاية من شعوب أو قوى سياسية من بلد آخر، نحن مغرمون بتحليل الأحداث في البلدان الأخرى، دون الأخذ بالاعتبار رأي تلك الشعوب وقواها الحية.
رغم أن المواقف والأوضاع الدولية والإقليمية والعربية تمتاز بالتعقيد الشديد، ولا يجب تحليلها بخفة وتبسيط، أو بما يناسب قناعاتنا الخاصة أو رؤيتنا الفكرية لسطح الأحداث، أو تطبيق القوالب الجاهزة إيديولوجياً على ما يحدث في بلدان أخرى.
هذا لا يعني عدم مراقبة تفاصيل الحدث من مصادر مختلفة، وخاصة إذا كان لها تأثير أو انعكاس على الواقع المحلي أوالمحيط الإقليمي، وهناك أمثلة على الأقل منذ انطلاق الثورات العربية، فالثورة السورية وقمع النظام لها، والتي تحولت إلى تداخل الوطني مع تدخل قوى إرهابية، ساهم في وجودها النظام نفسه، قسّمت المواقف إلى أقسام عدة، بناء على الاعتبارات الطائفية والقوالب الأيديولوجية الجاهزة، رغم تعقيد المشهد السوري، فالبعض ما زال يرى فيه نظاما مقاوما ممانعا، حتى وهو يرى بأم عينيه كيف يقصف هذا النظام مخيم اليرموك الفلسطيني، وهذا ما يفعله «داعش» أيضاً، فالتبسيط يرى جانبا واحدا إما النظام وإما «داعش»، ولا يرى أساس القضية ومن تسبب بها وسبل حلها.
ومثلما أشعلت ثورة 30 يونيو شهوة الأيديولوجيات المختلفة، فالبعض رآها انقلاباً عسكرياً على الشرعية متأثراً بالآلة الإعلامية الإخوانية الأميركية، والبعض رآها ثورة شعب على حكم (الإخوان)، أيضاً تباينت وجهات النظر حول ما يحدث في اليمن، فالبعض رآه عدوانا، ولم ير التدخل الإقليمي وانقلاب الحوثيين بالتعاون مع ميليشيات صالح، ضد الحوار بناء على المبادرة الخليجية والمشاركة السياسية، ووضع دستور يحقق أهداف الثورة اليمنية، إضافة إلى تعقيدات أخرى.
فالحزب الاشتراكي اليمني يدعو إلى وقف فوري للحرب الداخلية والخارجية، وانسحاب الميليشيات من المحافظات، والعودة إلى طاولة الحوار لاستكمال مهام المرحلة الانتقالية واتفاق آلية نقل السلطة واتفاق السلم والشراكة وملحقه الأمني، بينما يراه البعض حرباً خارجية دون التطرق إلى العودة إلى طاولة الحوار، وطرف ثالث يركز على البعد الطائفي في المسألة، وفي الواقع لسنا أوصياء لنفرض وجهة نظرنا على اليمنيين.
لا نحتاج إلى شعارات فقط، بل نحتاج إلى تحليل علمي يستند إلى مصلحة الشعوب، من أجل أمنها واستقرارها وتقدمها كدول مدنية ديموقراطية حرة، إن التحليل التبسيطي المبتسر يشوش على القارئ، ويجعل الموقف ضبابياً غير واضح، وهذا لا يصب إلا في مصلحة أعداء الأمة فقط.
وليد الرجيب
osbohatw@gmail.com