«داعش» يخلط الأوراق في مخيم اليرموك

1 يناير 1970 06:53 ص
ما يحدث اليوم في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق، يعكس الصراع الدائر في المنطقة، ويؤكد أن أرض سورية أصبحت مباحة للتجاذبات السياسية - العسكرية - الجهادية.

في اليوم نفسه الذي سمحت فيه «جبهة النصرة» لعدوها اللدود تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) بدخول المخيم عبر بوابته الجنوبية في منطقة الحجر الأسود، أعلن التنظيم أن انتحارييْن ينتميان إليه فجّرا نفسيْهما في تجمّع لـ «النصرة» و»جيش الإسلام» شمالاً في ريف حلب.

وفي اليوم نفسه الذي كانت فيه «النصرة» تلملم أشلاء مجاهديها «جيش الفتح» (المكون من فصائل المعارضة السورية) في شمال سورية، كان سلاحها مصوّباً على حدود «جيش الفتح» لمنعه من دخول مخيم اليرموك لمحاربة «داعش». فمَن هو الصديق ومَن هو العدو؟

سؤال تستحيل الإجابة عنه إلا بتحديد البقعة الجغرافية أولاً وما يحيط بها من تعقيدات تتصل بمسرح الحرب السورية.

ففي داخل المخيم، نشأ تحالف آخر غريب حيث دفع هجوم «داعش» على المخيم الفصائل الفلسطينية المتناحرة منذ 3 أعوام إلى أحضان بعضهم البعض، وها هو المسؤول السياسي في الخارج لحركة «حماس» خالد مشعل يتصل بزعيم «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» أحمد جبريل لتنسيق العمل على دحر التنظيم من المخيم، وها هي كتائب الجيش السوري وميليشيا «الدفاع الوطني» الموالية للرئيس بشار الأسد تقود الحرب داخل المخيم ضد التنظيم، مع 14 فصيلاً فلسطينياً صديقاً ومعادياً، وسجّل هذا التحالف تقدماً ملحوظاً داخل عدد من أحياء المخيم كشارع اليرموك وشارع فلسطين حيث تدور معارك كرّ وفرّ يومية بين الأطراف المتناحرة.

أما التعقيد فلم ينتهِ، فها هو ممثل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أحمد مجدلاني، يزور دمشق ليعلن أن اليرموك أرض سورية وأن الوسائل العسكرية هي الوحيدة المتبقية لدحر «داعش» وأن «منظمة التحرير الفلسطينية» تدعم أي قرار تتخذه الحكومة السورية، وما إنْ غادر دمشق حتى أعلنت المنظمة أنها لن تقبل بالوسائل العسكرية وأنها تطلب تدخّلاً دولياً وممراً آمناً لأكثر من 9 آلاف مدني بينهم 3500 طفل محاصرين داخل المخيم الفلسطيني، لحسابات إقليمية، بحسب المراقبين.

وهكذا دفع «داعش» أعداء الرئيس الأسد إلى أحضان بعضهم البعض حتى يحقّق بعض المكتسبات التكتيكية، إلا أنه على الحقيقة أدّى للنظام خدمة فريدة، ووحّد الأعداء ضده، ولم يستطع الحفاظ على المكتسبات التي وفّرتها له «النصرة».