في ظل المناخ الجاف والصحرواي وعدم وجود مصادر لها واعتماد الدولة على التقطير من البحر للشرب

المياه المعالجة ... ريادة كويتية فرضتها الظروف

1 يناير 1970 09:16 ص
محمود كرم: - استخدمنا التقنيات الحديثة في استغلال مياه الصرف وحققنا فوائد وإنجازات كثيرة

- تدرجنا في عملية الاستفادة وصولًا إلى استخدام تقنية التناضح العكسي في المعالجة

- تعدد مجالات الاستفادة من المياه المعالجة يؤكد نجاح الفكرة وفوائدها الكثيرة

- تكلفة 1000 غالون معالج رباعياً 850 فلساً ونبيعه للمستهلك بـ200 فقط

- المياه المعالجة صارت مصدراً رئيسياً لمشاريع التشجير والتخضير والإنتاج الزراعي

- نضخ إلى مزارع الوفرة 200 ألف متر مكعب و700 ألف إلى الصليبية

- المياه الثلاثية أفضل من الرباعية في الزراعة لاحتوائها على أملاح ومغذيات نباتية

- بعض المزارعين يسيئون استغلال المياه بإنشاء بحيرات وعدم استخدام طرق الري الحديثة

• الاستفادة من الصرف الصحي كان خيار «الأشغال» مع رصد استهلاك يومي كبير لمياه الشرب
الحاجة تقود لصنع المستحيل.. من هنا يمكن أن نفسر توجه الكويت، ممثلة بوزارة الأشغال العامة لإيجاد مصادر مياه بديلة في سبعينيات القرن الماضي، ليس تطبيقا لأفكار رغب فيها القياديون والعاملون في الوزارة آنئذ، بل كان مشروعا إستراتيجيا للبحث عن بدائل ومصادر متجددة للمياه في ظل شح الموارد المائية في الدولة.

وفي ظل المناخ الجاف والصحرواي للدولة وعدم وجود مصادر للمياه اعتمدت الدولة على تقطير مياه البحر والبحث كذلك عن موارد أخرى، فكان الاتجاه إلى الاستفادة من معالجة مياه الصرف الصحي لتكون رافدا للمياه المقطرة من البحر.

من هنا كان التوجه للاستفادة من مياه الصرف الصحي، خيارا سعت الأشغال إلى تطبيقه معتمدة في ذلك على الاستهلاك الكبير للمياه العذبة في الاستعمالات اليومية التي تضخ كميات كبيرة جدا في الصرف الصحي.

رئيس مهندسي قطاع الهندسة الصحية في وزارة الأشغال العامة المهندس محمود كرم اعتبر الكويت من الدول الرائدة في مجال الاستفادة من مياه الصرف الصحي، من خلال استخدامها للتقنيات الحديثة في هذا المجال، مبينا أن الأشغال حققت من مشروع معالجة مياه الصرف فوائد وإنجازات متعددة.

وقال إن الوزارة قررت في أواخر السبعينيات إقامة مشروع متكامل للاستفادة من المياه المعالجة، وتمكنت من إنجاز مشروعها في عام 1984 ومع مرور الوقت وصولا إلى فترة التسعينيات اتجهت إلى إنتاج المياه المعالجة رباعيا التي تعتبر أعلى مرحلة من مراحل معالجة مياه الصرف، وعليه تم في أواخر عام 2004 تشغيل محطة تنقية الصليبية حيث معالجة ميـاه الصرف الصحي معالجة رباعية باستخدام تقنية التناضح العكسي.

وأشار إلى أنه بمطلع الثمانينيات بدأ استخدام تكنولوجيا المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الصحي، حيث توسعت في استخدامات تلك المياه في مجالات الزراعات الإنتاجية لأعلاف الحيوانات والزراعات التجميلية والتحريجية، وكان عام 1987 بداية الاستفادة الفعلية للمياه المعالجة في الاستخدام الزراعي، إلى أن استطعنا عام 2004 استخدام تكنولوجيا المعالجة الرباعية لمياه الصرف وتحويلها إلى مياه عالية الجودة واستخدامها في العديد من المجالات ولاسيما في الاستخدامات الزراعية خصوصا في منطقتي الوفرة والعبدلي.

استخدامات متعددة

وأكد كرم حرص الدولة ممثلة في وزارة الأشغال العامة على المضي في الاستفادة القصوى من المياه المعالجة بوصفها احد مصادر المياه المتجددة، لافتا إلى أن تعدد استخدامات المياه المعالجة والاستفادة منها في كثير من المشاريع دليل على نجاح الفكرة والفائدة الكبيرة منها والتي اتضحت من خلال اعتماد المناطق الزراعية على تلك المياه واستفادة الإدارة العامة للإطفاء من المياه المعالجة في عملية إطفاء حرائق أمغرة بالإضافة إلى استفادة العديد من الجهات الخاصة في عملية الزراعة والتشجير.

وقال إن إنتاج المياه المعالجة يكلف الدولة مبالغ مالية كبيرة لتوفير هذا المصدر من المياه للمواطنين، مبينا أن الدولة تبيع كل ألف غالون من المياه الرباعية للمستهلك بقيمة 200 فلس، في حين أن التكلفة الفعلية لإنتاجه تبلغ 850 فلسا وتوفر كل ألف غالون من المياه الثلاثية للمستهلك بقيمة 100 فلس، في حين أن تكلفته على الدولة تبلغ 500 فلس .

وأشار إلى أن ما يتم ضخه من المياه المعالجة إلى منطقة العبدلي الزراعية يبلغ 200 الف متر مكعب، ومثلها إلى الوفرة الزراعية من المياه الرباعية، كما يتم إنتاج 700 الف متر مكعب من المياه المعالجة ثلاثيا توزع على عدة مزارع مختلفة في الصليبية بالإضافة إلى استخدامها في عملية التشجير في الطرق السريعة، مشيرا إلى أن المياه المعالجة اصبحت المصدر الرئيسي لري مشاريع التشجير والتخضير والإنتاج الزراعي، مبينا ان طلبات الاستفادة من المياه المعالجة في ازدياد مستمر من قبل المزارعين في المناطق الزراعية وغيرها.

واشار إلى أهمية الوعي في استخدام هذه المياه وضرورة المحافظة عليها كمصدر يمكن الاستفادة منه في العديد من المجالات المختلفة والمتنوعة، مبينا أن جميع الدراسات التي قامت بها الوزارة وجهات أخرى أكدت على جودة المياه وصلاحيتها في الإنتاج الزراعي.

ولفت كرم إلى أن المياه الثلاثية أفضل من المياه الرباعية قي الاستخدام الزراعي لاحتوائها على أملاح ومغذيات للمزروعات تغني المزارعين عن استخدام الكثير من الأسمدة ومحسنات التربة، مضيفا «إلا أن هذا النوع من المياه يحتاج إلى وعي من قبل المزارعين في طريقة استخدامه والاستفادة منه بشكل صحي وسليم حتى لا يحدث أية مشاكل من استخدامه».

إساءة استغلال

وقال كرم إن بعض المزارعين يسيئون استغلال المياه، ويهدرون كثيرا هذا المصدر باستخدامهم الخاطئ له مثل إنشاء بعضهم بحيرات مائية من تلك المياه وعدم استخدامهم طرق الري الحديثة، مضيفا إلا أن هناك مزارعين جيدين في التعامل مع هذا المصدرحريصين على الاستفادة من هذه المياه بشكل سليم دون خدر أو إسراف للمياه. وأضاف أن المياه المعالجة نوعان ثلاثية ورباعية واستخدامات الرباعية في شتى المجالات بدون أي محاذير أو اشتراطات لأنها بجودة المياه العذبة أما استخدامات المياه المعالجة ثلاثيا فيتم في الصناعة للتبريد وحقنها في المياه الجوفية أو تخزينها في الطبقات الصخرية وكذلك استخدامها في مزارع الأسماك واستخدامها في الأغراض الزراعية والزراعة التجميلية.

وأشار إلى أن استخدام المياه المعالجة ثلاثياً في الدولة يكون للزراعة التجميلية وإنتاج أعلاف الحيوانات، ولا تستخدم في ري المزروعات التي تؤكل، حرصاً على الصحة العامة على الرغم من أن مواصفات المياه المعالجة ثلاثياً بالكويت تقع في الحدود المسموح بها عالمياً لاستخدامها في ري المزروعات التي تؤكل وغيرها، مضيفا إلا أن الاستخدام الحالي للمياه المعالجة ثلاثيا يتم في ري المزروعات مثل أعلاف الماشية ونباتات الزينة والأشجار الحرجية، وقد أوصت منظمة الصحة العالمية بعدم استخدام المياه المعالجة إلا إذا مرت بمراحل المعالجة البيولوجية والتعقيم وعلى ألا تتعدى عدد مستعمرات البكتيريا القولونية في 80 في المئة من العينات التي تفحص عن (100 مستعمرة / 100 ملليلتر) وفي الكويت يلاحظ أن عدد مستعمرات البكتيريا القولونية في المياه المعالجة ثلاثيا تقل كثيراً عن هذا المعدل بل تكاد تنعدم أحياناً.

وبين أن القيمة الزراعية لمياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثياً عن غيرها من مصادر المياه باحتوائها على مواد عضوية لازمة لنمو النباتات مثل مركبات النيتروجين والفوسفات، حيث يعتبر النيتروجين والفوسفات مواد غذائية لازمة لنمو النبات، وهى تضاف على شكل أسمدة عضوية وكيميائية ليساعد في نمو النباتات، أما في حالة استخدام المياه المعالجة في الري، فإنه يمكن توفير تكلفة إضافة الأسمدة النيتروجينية والفوسفاتية إلى التربة لاحتواء المياه المعالجة على المواد الغذائية اللازمة لنمو النباتات، هذا بالإضافة الى أملاح أخرى مثل البوتاسيوم وبعض العناصر مثل الحديد، المنجنيز، النحاس والبورون وغيرها، مشددا على ضرورة أن يكون لدى المزارع وعي في طريقة استخدام المياه المعالجة ثلاثيا بحيث لا تشكل له أية مخاطر على المحاصيل الزراعية.

‏?4 محطات معالجة



أنشأت وزارة الأشغال أربع محطات معالجة لمياه الصرف الصحي، موزعة في عدد من مناطق الدولة. وتمثل محطة التنقية في الصليبية الأكبر من بين تلك المحطات، ويجري حاليا إجراء أعمال توسعة للمحطة، في حين أن هناك ثلاث محطات أخرى في مناطق كبد والوفرة والخيران.






«الإطفاء» تطلبها




اشتركت وزارة الأشغال في إطفاء حرائق السكراب في منطقة أمغرة، من خلال تزويد معدات ومركبات الإدارة العامة للإطفاء بالمياه المعالجة التي كان لسرعة توفيرها من قبل الأشغال دور رئيسي في سرعة إخماد تلك الحرائق والسيطرة عليها، الأمر الذي دفع الإدارة العامة للإطفاء إلى التنسيق مع الأشغال للاستفادة من تلك المياه في عملية إطفاء الحرائق.


مهام ...نفطية




يجري حاليا تنسيق مشترك بين وزارة الأشغال وشركة النفط للاستفادة من المياه الناتجة من عملية التنقية في استخراج النفط من باطن الأرض، من خلال رغبة شركة النفط الاستعانة بتلك المياه بدل استخدام الغاز لحقنه في باطن الأرض في عملية استخراج النفط.

المستفيدون



هناك العديد من الجهات المستفيدة من المياه المعالجة، كمجمع المارينا مول ومجمع 360 ومجمع الأفنيوز وملاعب الجولف، بالإضافة إلى استخدامها في ري المزروعات في بعض الطرق والدوارات، إلى جانب ضخ 200 ألف متر مكعب من المياه الرباعية للعبدلي، و200 ألف متر مكعب للوفرة للاستخدامات الزراعية.