هجوم بلينكن على الأسد «الديكتاتور» وتورُّط «حزب الله» بسورية محور تقويم في بيروت
الجيش اللبناني يكمل إستراتيجية «قضم» التلال من المجموعات المسلّحة
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
08:46 ص
للمرة الأولى منذ بدء أزمة رئاسة الجمهورية في لبنان، قام ملك اسبانيا فيليبي السادس امس بزيارة بيروت كأوّل زائر دولي على هذا المستوى منذ 11 شهراً.
ومع ان الزيارة جاءت في سياق تفقُّد الملك كتيبة بلاده العاملة ضمن القوات الدولية في الجنوب اللبناني بعدما قُتل احد جنودها قبل نحو شهرين في القصف الإسرائيلي رداً على العملية التي قام بها «حزب الله» في مزارع شبعا المحتلة، فإنها شكّلت فرصة للبنان لاستقبال فيليبي السادس وسط ظروف يحتاج فيها الى مزيد من الانفتاح الخارجي عليه، دعماً لواقعه وظروفه الصعبة وسْط أزمته الرئاسية.
وجاءت زيارة فيليبي متزامنة مع مغادرة نائب وزير الخارجية الاميركي أنطوني بلينكن الذي زار بيروت يومين، جال خلالهما على كل من رئيسيْ مجلس النواب والحكومة ووزير الخارجية وقائد الجيش اللبناني، كما التقى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وشخصيات من قوى «14 آذار».
وأفادت المعلومات المستقاة من شخصيات التقت المسؤول الاميركي، ان زيارته بيروت كانت تهدف في شكل أساسي لوضع المسؤولين في أجواء الاتفاق بين القوى الكبرى وإيران حول الملف النووي، وتالياً تهدئة المخاوف من هذا الاتفاق وتأكيد التزامات واشنطن بحماية حلفائها العرب في المنطقة.
إلا أن الأبرز في محطة بلينكن اللبنانية تمثّل في نقطتيْن:
* الاولى المواقف الصريحة التي أطلقها من نظام الرئيس بشار الأسد وتورّط «حزب الله» في الحرب السورية، اذْ اكد أن بلاده «ملتزمة المساعدة في إحداث تحوّل سياسي في سورية»، معتبراً أنّ كرامة الشعب السوري «لا يمكن أن تتحقّق إذا بقيَ الدكتاتور الحالي الذي يقصف شعب سورية بالغاز والبراميل»، ومشدداً على أنّ «ديكتاتوراً وحشياً مثل (بشار) الأسد لا مكان له في هذا المستقبل». وانتقد دعم «حزب الله» للأسد، لافتاً الى أنّه في الواقع «يقدّم له شريان الحياة.. وأنّه لا يؤدّي إلاّ إلى إطالة أمد الصراع والمعاناة ويقدّم لـ (داعش) أداة لتجنيد المقاتلين، وأعمال (حزب الله) في سورية سيّئة لشعبَيْ سورية ولبنان».
*والثانية التلاقي الذي سُجّل في موقفيْ بلينكن والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي من أزمة الفراغ الرئاسي المستمر منذ 25 مايو الماضي. اذ ان المسؤول الاميركي دعا بصراحة الى انتخاب رئيس من دون انتظار اي تدخل خارجي، وذلك بعد ساعات قليلة من تحميل البطريرك علناً فريقاً سياسياً مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية.
وقالت مصادر واكبت زيارة بلينكن لـ «الراي» ان «هذا الموقف لا يعني ان واشنطن في وارد التدخّل في الأزمة اللبنانية السياسية، ولكنها أكدت على لسان بلينكن ضرورة ترْك هذا الاستحقاق لأهله وإسقاط كل نفوذ آخر، في إشارة الى ايران تحديداً من خلال الضغط على (حزب الله) والعماد ميشال عون لحملهما على وقْف تعطيل النصاب القانوني لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية».
وفهم مَن التقوا المسؤول الأميركي ان «لا شيء متوقّعاً في الظرف الراهن يبعث على انتظار تطور معيّن من شأنه ان يدفع بأزمة الانتخابات الرئاسية الى حل قريب وان استمرار ربط هذه الأزمة بالتطورات الخارجية سيُبقي لبنان تحت وطأة فراغ عبثي لا طائل منه، ما يوجب تغيير المقاربات الداخلية ولا سيما لدى الفريق الذي يعطّل الانتخابات».
وفي غضون ذلك، عاد الواقع الميداني على الحدود الشرقية للبنان مع سورية ليشكّل نقطة اهتمام ورصد ومتابعة في ظل مؤشرات قد تحمل معها اقتراب حصول تطورات عسكرية جديدة. ذلك ان كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الى محطة «الإخبارية السورية» مساء اول من أمس عن ان معركة القلمون تشكّل حاجة سورية لبنانية مشتركة، اوحى بوضوح الى ان الحزب أنجز استعداداته لخوض معركة القلمون بعد ذوبان الثلوج في المنطقة الجردية، علماً ان الحزب كان منذ فترة يحرص عبر دوائره الاعلامية القريبة على إشاعة أجواء عن التحضيرات لهذه المعركة كأنها واقعة لا محال.
وفجر امس، برز تطور جديد سجّل معه الجيش اللبناني تقدّماً اضافياً اذ سيطر على موقع للمسلحين في جرود رأس بعلبك (البقاع الشمالي) في تلة المخيمرة بعدما قتل مَن كان فيها من المسلحين. ويمضي الجيش في اعتماد إستراتيجية قضم التلال المتقدمة على الحدود الجردية ما سمح له بإحكام السيطرة المتقدمة على مواقع المسلحين تحسّباً لأي تطور.
واعلنت قيادة الجيش في بيان لها انه «إثر توافر معلومات عن قيام مجموعات إرهابية بتحضيرات قتالية ولوجستية على جبل المخيرمة المرتفع 1564متراً في أعالي جرود رأس بعلبك، نفّذت قوة من الجيش فجر الثلاثاء (أمس)، عملية إغارة نوعية وخاطفة ضدّ المجموعات المذكورة، حيث اشتبكت معها بمختلف أنواع الأسلحة، وأوقعت في صفوف الارهابيين 3 قتلى و4 جرحى، وكبّدتهم خسائر جسيمة في الأسلحة والعتاد بينها تدمير مدفعيْن وعدد من الرشاشات الثقيلة والآليات. وقد عادت قوى الجيش الى مراكزها من دون تسجيل أي إصابات في صفوفها. وتأتي العملية في إطار العمليات العسكرية الوقائية التي تنفذها وحدات الجيش للقضاء على تجمعات الإرهابيين، ومنعهم من التسلل لاستهداف مراكز الجيش والاعتداء على المواطنين».