تقرير / مناصرو التنظيم لم يستوعبوا خسارة تكريت - أسبارتا
حلم «دولة داعش» انتهى ... وبدأت رحلة الهبوط
| كتب إيليا ج. مغناير |
1 يناير 1970
06:28 ص
سقط تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) من أعالي مدينة تكريت التي كانت عاصمته في صلاح الدين لتبدأ مسيرة التداعي وانتهاء حلم «الدولة» التي تهاوت قبل مرور سنة واحدة على اعلانها في شهر يونيو 2014، علماً ان سقوط تكريت جاء متزامناً مع ذكرى انشاء «حزب البعث» في العراق الذي يمثل غالبية قيادة وأفراد «داعش» اليوم.
وفي الوقت الذي يبدأ هبوط تنظيم «الدولة»، يصعد نجم تنظيم «القاعدة» في بلاد الشام واليمن، بعدما كان في انحسار، لتُخلط الاوراق من جديد في شرق اوسط عاصف ومتقلّب.
ولكن كيف بدأ «داعش» بالسقوط؟ وماذا حصل في تكريت؟
استطاع العراق اعادة إلتقاط أنفاسه بعد هزيمته القوية المدوية في يونيو 2014 حيث اعلن التنظيم دولته على جثث أكثر من 1600 عنصر وضابط امني طلب منهم الانسحاب باللباس المدني من معسكر «سبايكر» وذهبوا باتجاه العاصمة بغداد لتتلقّفهم عشائر صلاح الدين في البوعجيل والدور وتكريت وتنفذ الاعدام الجماعي بحقّهم وتنشر صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي، لتبدأ رحلة الرعب التي استطاع التنظيم فرضها على ثلث العراق، وكذلك على مساحة شاسعة في سورية، وجذب من خلالها الآلاف من المتطوعين من كل انحاء العالم العربي والغربي والاسلامي لتقوى قواعد التنظيم على دماء كل مَن اعترض سبيل نموه وانتشاره وتطغى أخباره فوق كل خبر وتأخذ من وهج «القاعدة» من افغانستان الى نيجيريا فمصر وسورية والاردن والعراق ولبنان وفلسطين.
وأطلقت بغداد صرخة الاستغاثة، وأفتت المرجعية في النجف بوجوب حمل السلاح للدفاع عن العراق ووقف زحف التنظيم الذي أطلق شعار «احتلال بغداد وتدمير المراقد الشيعية المقدسة في سامراء وبغداد وكربلاء والنجف».
ودمّر «داعش» كل مقام اسلامي او مرقد لصحابي او متحف او مدينة تاريخية لانه أراد ترك آثاره الدموية دون غيرها، ووضع القوانين وباع النفط وازدهر، الا انه لم يكتف بخلفيةِ إقصاء النفوذ الايراني الذي تَمثّل بطريقة دعم إيران لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بل أراد زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي ان يلعب مع الكبار كما فعل اسامة بن لادن قبله ووصف اميركا بـ «نمر من ورق» فاستعان بإخراج هوليوودي ليظهر ذبح الاميركي والبريطاني والياباني وحرق الاردني، ظناً منه انه سيُحدِث ثورة في المملكة الهاشمية، لكن الطاولة بمن فيها انقلبت على رأس «داعش» ونشأ تحالف عربي - غربي قلّ نظيره، بدأ بضرب التنظيم جواً في سورية وكذلك في العراق.
واستعاد العراق، بفضل التحالف وبمساعدة ارضية ايرانية المبادرة، جرف الصخر وجنوب بغداد وكذلك شرق العاصمة في ديالى، حيث استعادت بالقوات العراقية جلولاء وخانقين، وتقدمت الى صلاح الدين ثم وصلت الى تكريت.
إلا ان الأصوات الاعلامية والدينية تعالت لوقف الاندفاعة في تكريت وبدأت الاتهامات بأن الميليشيات التابعة لـ «الحشد الشعبي» ستردّ على مذبحة «سبايكر» بمجزرة طائفية.
وقررت بغداد ان تستعين بالطائرات الاميركية لقصف التنظيم في تكريت لان هذا من شأنه ان يخفّف الاحتقان والإعلام المذهبي، وليظهر من جديد للعالم ان الهدف الحقيقي ليس تحرير الارض بل التخلص من الوحش الذي اصبح عدو نفسه وكل من حوله. ودمّرت الطائرات أهدافاً نقطيّة ودخل الجيش العراقي والشرطة الاتحادية بمساندة «الحشد» تكريت ليحرروها من «داعش»، الا ان أفراد التنظيم لم يستطيعوا استيعاب هذه الصدمة، فعلى الرغم من دخول كل المدينة وانتقال القوى الامنية العراقية الى شمالها للذهاب نحو مدينتيْ بيجي والشرقاط، الا ان مناصري التنظيم وجدوا انفسهم في وهم نفي اي خسارة للمدينة، وأطلقوا على القوات التي يعتقدون انها لا تزال تقاتل داخل المدينة اسم «أسبارتا» تيمناً بفيلم «أسبارتا» حيث يستطيع 300 جندي أسبارطي وقف الآلاف من الغزاة الفرس قبل ان يُقتلوا.
وهكذا اهتزت ارجاء دولة «داعش» وانطلقت رحلة بداية النهاية، رغم ان هذا التنظيم لا يزال يملك زمام المبادرة حول سنجار وفي تلعفر وكذلك يتحصّن في الحويجة والموصل وهو منتشر في الانبار، الا ان الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية و«الحشد» يكملون تدريباتهم على ايدي حلفاء العراق الغربيين والايرانيين في إطار تصميم واضح لهؤلاء ان ما قبل 2014 ليس كما بعده وان العراق مصمم على استئصال هذا التنظيم مهما كلف الامر ومهما طال الامد، وان صوت السقوط سيُسمع من جديد في «بلاد الرافدين».