أول روائية كويتية كرّست حياتها للدفاع عن قضايا المرأة وحريتها

حوار / فاطمة يوسف العلي لـ «الراي»: «الكتابة» منحتني المحبة والسعادة والحرية

1 يناير 1970 05:10 ص
• مع كل عمل أكتبه أشعر أني أولد من جديد

• يتحمّل المثقفون الدور الكبير في إعلاء قيم الحق والعدل والمساواة
قدمت الكاتبة الكويتية فاطمة يوسف العلي الشكر للكتابة التي وهبتها المحبة والحرية والشعور الدائم بالسعادة رغم ما في الحياة من أوجاع ومرارات.

مؤكدة أن الكتابة تشعرنا دائما بالجمال داخلنا وحولنا، وتجعلنا قادرين على المقاومة والصمود.

صاحبة «وجهها وطن»، قالت إنها كرست مسيرتها الإبداعية للتعبير عن أحلام وآمال ومشاكل المرأة الكويتية بشكل خاص والمرأة العربية بشكل عام.

وأضافت فاطمة يوسف العلي، أن أعمالها أيضا تحمل هموم الوطن ككل، وبخاصة تجربة الغزو المريرة التي رصدتها في مجموعتها القصصية «دماء على وجه القمر».

وترى العلي، أننا نمر في وطننا العربي بلحظات فارقة، وتذكر المثقفين والمبدعين أنهم الآن أمام مسؤولية وطنية وإنسانية يجب عليهم تحملها.

وكان هذا نص ما دار معها من حوار:

• في ظل التغيرات الكبيرة التي تشهدها الدول العربية منذ ثورات الربيع العربي... كيف ترين الوضع الآن في ظل تفشي الإرهاب؟

الجميع تفاءل بقدوم ثورات الربيع العربي في بدايتها، خصوصا المثقفين الذين كانوا يشعرون أن تاريخ المنطقة العربية يكتب من جديد، وخروج الشباب بهذا الشكل المبهر، كان مبشرا بمستقل رائع جميل، بعد عقود طويلة وممتدة من الديكتاتورية التي شهدتها دولنا العربية.

لكن ما حدث كان العكس فتحولت ثورات الربيع لخريف مظلم، أعادنا للخلف.

وبدلا من تأسيس وترسيخ للثقافة الديموقراطية التي كانت ستنتج مناخا ثقافيا قائما على التعدد والحرية وقبول الآخر واحترام المعتقدات، وجدنا أنفسنا أمام عاصفة كبيرة من الخوف والذعر والقتل والدماء والفهم الخاطئ للدين وتدمير لموروثنا الحضاري والثقافي ومحاولة لتدمير كل المكتسبات التي حصلت عليها الشعوب العربية في القرون الماضية.

• كيف تنعكس هذه التحولات على الإبداع والثقافة وما هو الدور الذي يجب أن يقوم به المثقفون والمبدعون تجاه أوطانهم في هذه اللحظة؟

هذه الأحداث لها تأثير كبير على المجتمع ككل وليس المثقفون فقط، لكن المثقفين والمبدعين قدر لهم أن يكونوا قادة الأمم، وحملة شعلة التنوير، وحاملي رسالة الحياة وآمالها ومستقبلها في مقابل أدعياء الموت والقتل والفناء.

لذلك فعلى المثقفين دور كبير في إعلاء قيم الحق والعدل والأخوة والمساواة، وعليهم أن يمارسوا دورهم التنويري بكل قوة حتى تستعيد أوطانهم عافيتها.

وحتى يزول هذا الشبح الإرهابي الطاغي على المشهد الآن، وهذه لحظات فارقة في تاريخ أمتنا العربية ككل، لذلك فأقول للمثقفين والمبدعين إنهم الآن أمام مسؤولية وطنية وإنسانية يجب عليهم تحملها.

• صدر أول أعمالك «وجوه في الزحام» عام 1971 وكنت أول كاتبة كويتية تكتب الرواية، هل مثل هذا عبئا ومسؤولية كبيرة عليك؟

على العكس لم يمثل عبئا، فكوني أول كاتبة روائية كويتية، حجز لي مقعدا في الصفوف الأمامية، وهذا شرف وفخر وريادة تشعرني بسعادة كبيرة، خاصة أن أعمالي صارت مرجعا وميثاقا تاريخيا للباحثين وللكتاب.

وشعوري منذ أول عمل كتبته حتى الآن مازال طازجا وهو شعور الحب والسعادة والأمل والرغبة في الحياة، وشكرا لوطني وأهلي، وشكرا للكتابة التي وهبتني المحبة والحرية والشعور الدائم بالسعادة رغم ما في الحياة من أوجاع ومرارات، لكن الكتابة تشعرنا دائما بالجمال داخلنا وحولنا، وتجعلنا قادرين على المقاومة والصمود، فالإبداع قوة إلهية لا مثيل لها، وهبها الخالق سبحانه وتعالى للإنسان، وعلى الإنسان أن يخلص لها ويسعى دائما للحفاظ عليها وتجويدها.

• درست الأدب والنقد وحصلت على درجة الدكتوراة في جامعة القاهرة... كيف أثرت دراستك النقدية والأدبية على كتاباتك الإبداعية وهل تقيم فاطمة يوسف العلي كتابتها الأدبية بمنظورها كناقدة؟

أنا دائما أقول علينا أن نقرأ ثم نقرأ ثم نقرأ ثم نكتب، فالكتابة هي بنت القراءة، عندما أكتب القصة القصيرة أو الرواية، لا أستخدم الأدوات النقدية بشكل مباشر، ولكن في العقل الباطن يظل هناك مخزون كبير من المعرفة والقراءة والثقافة المتنوعة التي اطلعت عليها، وتنعكس على جودة الإبداع، ونجاح الأعمال.

• رحلتك الإبداعية ممتدة منذ عقود كيف تتأملينها الآن وكيف ترين وضع المرأة الكويتية والعربية الآن؟

لقد أمضيت عمري وكرست حياتي وكتاباتي للدفاع عن قضايا المرأة وحريتها، فقد أرقني كثيرا وشغل ذهني ووجداني حالة القهر التي تعيشها المرأة في مجتمعاتنا العربية، وكنت أتلمس من خلال الكتابات مساحات للخروج بالمرأة من تلك الأزمات والإحباطات التي تفرضها علينا العادات والتقاليد والسلطات بشتى أنواعها، وقد خرجت كتاباتي وأعمالي ضمن كتابات جيل السبعينيات، هذا الجيل الذي نادى بقيم النهضة والعدالة والثورة والحرية ورفض التدجين والتبعية والتطبيع مع العدو الصهيوني وقبول هيمنة الرأسمالية.

وطوال الوقت كنت أشعر مع الكتابة بأنها روح الحياة، فالكلمات المبدعة والصادقة قادرة على تغيير حياتنا وعلى جعلنا نرى العالم بصورة مغايرة، لذلك مع كل عمل أكتبه أشعر أني أولد من جديد.