باسيل: الوحدة الوطنية أهم من التضامن العربي
«حزب الله» من دون حلفاء في اندفاعته اليمنية
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
07:06 ص
غداة الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء اللبناني والتي طُرح فيها موضوع اعتراض «حزب الله» على الموقف الرسمي المؤيّد للعملية السعودية في اليمن الذي أعلنه رئيس الحكومة تمام سلام في القمة العربية في شرم الشيخ، بدا واضحاً ان معطيات ودلالات داخلية جديدة بدأت تبرز في شأن واقع «حزب الله» وتَورُّطه في القتال خارج لبنان.
فاذا كانت الجلسة الوزارية (اول من امس) اعتُبرت بمثابة تثبيت لوجهة النظر التي أعلنها سلام في شرم الشيخ وتأكيد للثقة به ولصلاحياته في إعلان موقف الحكومة من دون إذنٍ من احد، فان البُعد الأهمّ من هذه النتيجة برز من خلال افتقار «حزب الله» للمرة الاولى ضمن الحكومة الى مدافعين عن موقفه إلا من خلال وزيريْه.
واذ تلفت أوساط وزارية بارزة في هذا السياق عبر «الراي» الى ان هذا لا يعني ان حلفاء «حزب الله» تخلوا عن دعمه، الا انها تشير الى ان أهمية ظهور الحزب وحيداً في موضوعٍ يتعلق بعلاقات لبنان الخارجية والعربية يبدو تطوراً مثيراً للاهتمام. وعزت الأوساط الوزارية هذا التطور الى «مجموعة عوامل ليس أقلّها ان (حزب الله) بالَغ كثيراً هذه المرة في عدم تقدير خطورة أخذ لبنان الى متاهة معاداة السعودية والدول الخليجية قياساً بما دأب على فعله في مسألة تورطه في سورية، وكان عليه ان يكتفي على الأقلّ بقراءةٍ باردة لامتناع حلفائه علناً عن مجاراته في الهجوم الحاد على السعودية الذي شنّه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ويقف عند ذاك الحد».
وحسب الاوساط نفسها، فان إقحام الهجوم على السعودية ودول الخليج في الملعب الحكومي من خلال اعتراض «حزب الله» على كلمة سلام في القمة العربية شكّل علامة فارقة لجهة إعادة صياغة أكثرية واسعة التفّت مع رئيس الحكومة وكوّنت غطاء شرعياً وسياسياً واسعاً للموقف اللبناني الرسمي من الملف اليمني. كما ان هذا التطور أعاد إبراز أهمية ثبات الواقع الحكومي الراهن الذي يبدو واضحاً انه لا يزال يشكل خطاً أحمر التزمه الحزب نفسه الذي اكتفى بتسجيل اعتراضه والثبات عليه من دون ان يطوّره الى اي خطوة عملية اضافية من شأنها هزّ الواقع الحكومي، ما يعني ان قراره اساساً لم يكن ليتجاوز محاولة تسجيل نقطة معنوية وسياسية لمصلحة موقفه من الصراع اليمني ضدّ السعودية، ولمّا فشل فيه اكتفى بما حصل.
واستتباعاً لذلك، تعتقد هذه الاوساط الوزارية ان الدلالة الأهمّ في هذا التطور تُبرِز نفاد صبر سياسي متصاعد من مسألة استدراج لبنان الى مزيد من أثمان تورط الحزب في الارتباطات الخارجية والاقليمية للصراعات الاقليمية والعربية، وان ما كان يفرض التكيف او التماشي مع أمر واقع فرضه الحزب في سورية لم يعد ممكنا الاستمرار في ما يشبهه في تورط جديد او استدراج جديد للبنان الى متاهة خطرة للغاية عبر التسبب بمشكلة للبنان مع احدى اكبر الدول الخليجية والعربية التي تسانده وتدعمه وتضمّ مئات آلاف اللبنانيين العاملين لديها ولدى الدول الخليجية.
وتوقفت الأوساط عند اعلان وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر صحافي عقده امس، «ان سياستنا الخارجية تعتمد معياراً واحداً هو: مصلحة لبنان واللبنانيين، وهناك امور اخرى تهمّنا ومنها الاجماع والتضامن العربي، ولكن الوحدة الوطنية أهمّ من التضامن العربي»، موضحاً انه «في مجلس وزراء الخارجية العرب لم يكن هناك اجماع حول ملف اليمن، ومن مبدأ المحافظة على التضامن العربي، شدد لبنان على السير بأي موقف ضمن الاجماع العربي والإحجام عن اي خطوة لا تحظى بهذا الاجماع وذلك لابعاد البلاد عن الانقسام، وحصلت اضافة بسيطة في كلمة رئيس الحكومة، لكن صميم كلمته كان الاجماع العربي»، لافتاً الى انه في ما خص انشاء قوة عربية مشتركة «فان هذا الموضوع ليس تابعاً لملف اليمن بل هو موضوع قديم ولبنان يؤيد تطور التعاون العربي، وشيء طبيعي ان نعلن تأييدنا لهذه القوة، وبالتالي هذا الموضوع جاء في سياق مختلف عن اليمن».
وفي سياق متصل، رأت الاوساط الوزارية نفسها ان مناخ الحوار الجاري بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» والذي عقدت جولته التاسعة مساء امس، سيستمر كعلامة ربطٍ وحيدة بين ضرورات الاستقرار الداخلي وتحييد الخلافات الكبيرة عن هذا الحوار، الامر الذي ثبت مجدداً من خلال عدم قطع شعرة هذا الحوار ومعاودته امس، رغم كل التصعيد الذي سبقه سواء في انفجار السجالات المتصلة بالتطورات اليمنية او في موضوع الشهادة التي أدلى بها رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الاسبوع الماضي.
وفي موازاة ذلك، مرّت الـ «لا جلسة» رقم 21 لانتخاب رئيس جديد للبنان امس، وكأنّها لم تكن، اذ انضمت الى سابقاتها نتيجة استمرار «حزب الله» وكتلة زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في تعطيل نصاب الجلسات تحت عنوان «عون رئيساً او لا انتخابات».