سلسلة التوحيد العملي / أُلوهية البشر (2 من 3)

1 يناير 1970 04:35 م
ثانياً: اُلوهية المصلحين , وهى أشد ضررا بأتباعهم من الوهية الصالحين ,و تبدأ اُلوهية أحياء وقد تستمر وتصبح اُلوهية أموات , وأغلب المصلحين يزرعون فى قلوب أتباعهم عبادتهم بقصد أو بغير قصد وكثيرا ما يروا اُلوهيتهم فى قلوب أتباعهم ثم يتركوها تنموا فيهم من غير نهى و لا تحذير......وسنرى فى أُلوهية المرسلين كيف كان النبى صلى الله عليه وسلم يراقب قلوب أصحابه ويمنع ذرائع الوهيته فى قلوبهم ...والقران عرض أُلوهية المصلحين بقوله تعالى « اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله « (31) التوبه وغيرها من الأيات وقصة عدى ابن حاتم مع هذه الآيه رواها أصحاب السنن وفسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم « فعن عدي بن حاتم قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم و في عنقي صليب من ذهب فقال : يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك فطرحته فانتهيت اليه و هو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية «اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله «حتى فرغ منها فقلت انا لسنا نعبدهم فقال : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه و يحلون ما حرم الله فتستحلونه ؟ قلت بلى قال : فتلك عبادتهم . المعجم الكبير (17/‏ 92) ,أخى الحبيب إنها الطاعه العمياء لغير الله وبغير أمر الله , والحب المطلق لغير الله بأشد من محبة الله , قال تعالى « وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ « , كثيرا ما يكون أصحاب القيادة والزعامه والإصلاح من الأحبار والرهبان والشيوخ والعلماء هم هؤلاء الأنداد , هم آلهه خفيه أو جليه فى كل الأديان السماويه والأرضيه , إنها الاصنام الحيه , ولم أسمع ولن تسمع من يقول لمتبوعه «أجعلتنى لله ندا» إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخى الحبيب إن بعض الناس لم يروا الهدايه والصلاح والإصلاح إلا مع هؤلاء المصلحين لذلك يحبونهم ويطيعونهم ويتعصبون لهم بحق وباطل ويوالون ويعادون ويحبون ويبغضون بل يقاتلون من أجلهم بحق وبباطل والمعصوم من عصمه الله ومن كان توحيده علميا وعمليا خالصا لله .. ومن كان له شيخ وحيد فلا بد أن يقع فى عبادته. لذلك لم يعلم عن أحد من علماء المسلمين المعتبرين أن كان له شيخ وحيد , احذر أن تكون عبدا لشيخك المفضل أو لشيخك الوحيد , إن الله امرك بتوحيده لا بتوحيد الشيخ , ألم يحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عبادته أو إطرائه فكيف بمن هو دونه . والآن مع اُلوهية المرسلين , فى الحديث الصحيح قالَ رجلٌ للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : ما شاءَ اللَّهُ وشئتَ . فقالَ أجعلتَني للَّهِ ندًّا ؟ قُلْ : ما شاءَ اللَّهُ وحده وفى الحديث الضعيف عن عبادة ابن الصامت قال: قال أبو بكر: قوموا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله عز وجل». وفى صحيح البخارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لاَ تُطْرُونِى كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ «وامتلأت السيرة النبويه بما سد كل الذرائع أمام أُلوهية الرسول كذلك عبّر القرآن الكريم في سبع آيات عن الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه عبد لله تعالى وهى , البقرة:23 , الأنفال: 41 , الإسراء: 1 , الكهف: 1 , الفرقان: 1 , النجم: 10 , الحديد: 9 والعجيب أن المسلمين لم يتخذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلها ولكن بعضهم اتخذوا آلهه من الصالحين أو المصلحين . أما الديانات السماويه والارضيه فتحول فيها البشر إلى آلهه لكن على خطوات أولها قوله تعالى «وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ» ثم الإنتقال من كونه ابن الله الى جزء من الاله « لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ» ثم الإنتقال إلى كونه هو الله « لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ» والحقيقه أن السبب فى هذا التحول إلى اُلوهية المرسلين هم هؤلاء المصلحين القائميين على الدين , تأمل معى قوله تعالى «وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ , مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»هكذا برأ القران عيسى عليه السلام من الدعوه إلى اُلوهيته لكن هؤلاء المصلحين هم القائمين على صناعة الالهه.وعندما ضعف الدين فى البشر إضمحلت أُلوهية الصالحين والمصلحين والمرسلين وتنحت عن قيادة البشريه لتظهر أُلوهية المفكرين فكارل ماركس ولينين وستالين آلهة الشيوعيين وجان بول سارتر وسيمون دى بوفوار آلهة الوجوديين المتمردين وجونلوك وآدم سميث آلهة الليبراليين وهكذا تعددت الآلهه من كل فن وأصبحت أفكار هؤلاء محاريب لأتباعهم إليها يتوجهون وفيها يتعبدون وعليها يتقاتلون أصبحت هى محراب العقل ومحراب القلب ومحراب الجسد .والمتأمل فى هذه الالوهية يرى أن اُلوهية البقر والحجر كانت أرحم بالبشر من الوهية البشر.

* داعية إسلامي ومهندس استشاري في وزارة الأوقاف