بعد انتقاد «حزب الله» موقف سلام... وهجوم «14 آذار» على تفرُّد نصر الله
الحكومة اللبنانية اليوم على محكّ المقاربات المتناقضة للحدَث اليمني
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
09:00 ص
يواجه مجلس الوزراء اللبناني في جلسته المقررة اليوم اختباراً دقيقاً وحسّاساً يتصل بالاعتراض الذي أعلنه وزير «حزب الله» حسين الحاج حسن على الموقف الذي اتخذه رئيس الحكومة تمام سلام من العملية السعودية في اليمن خلال القمة العربية في شرم الشيخ.
واتخذ موقف «حزب الله» طابعاً رسمياً علنياً من خلال إناطة الردّ على كلمة سلام بالوزير الحاج حسن في بيان مقتضب اعتبر فيه ان موقف رئيس الحكومة «الذي برّر فيه ما تقوم به بعض الدول العربية من عدوان على اليمن وشعبه وأيضاً تأييده إنشاء قوة عربية مشتركة لم يناقَش في الحكومة اللبنانية»، لافتاً الى ان ما أدلى به سلام «يعبّر عن وجهة نظر قسْم من اللبنانيين لا عن وجهة نظر لبنان الرسمي المتمثّل بالحكومة اللبنانية، وسنطرح هذا الأمر للنقاش في أول جلسة لمجلس الوزراء».
واذْ لم يصدر اي ردّ عن سلام الذي انشغل امس بالمشاركة مع وفد وزاري في اعمال مؤتمر المانحين في الكويت، فإن المعطيات المتصلة بالتحضيرات لجلسة مجلس الوزراء اليوم تشير الى ان وزيريْ «حزب الله» الحاج حسن ومحمد فنيش سيثيران في بداية الجلسة موضوع اعتراض الحزب على موقف سلام، كما ان رئيس الحكومة أعدّ ردّه على الاعتراض بشرح وجهة نظره والإطار الدستوري والسياسي للموقف الذي اتخذه من ضمن صلاحياته وكذلك من زاوية التزامه البيان الوزاري ومصالح لبنان العليا.
وذكرت مصادر وزارية لـ «الراي» ان من المتوقّع أن «يُفسَح النقاش في الجلسة لمصارحة واسعة في شأن التداعيات التي ترتبت على خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اخيراَ والذي هاجم فيه بشدة وعنف بالغيْن المملكة العربية السعودية بما يعني انه سيترتّب على وزيريْ الحزب ان يتحسبا لإمكان ان يفتح اعتراض الحزب على كلمة سلام باب الارتداد على الحزب نفسه من زاوية تفرُّده المستمر في اتخاذ الخطوات والسياسات التي تعرّض لبنان ومصالحه العليا للخطر».
وفي سياق متصل بهذا المناخ، تبدي بعض الاوساط في قوى «14 آذار» توجّسات من احتمالات ذهاب «حزب الله» الى تصعيد أوسع في المرحلة الطالعة على خلفية مجموعة تطورات اقليمية في مقدّمها الخسائر المعنوية الكبيرة التي بدأت تُمنى بها ايران في اليمن وإمكان عدم التوصل الى تسوية للملف النووي الايراني في الساعات المقبلة.
ومع ان استمرار تمسّك «حزب الله» و«تيار المستقبل» بالحوار الجاري بينهما يدل على صلابة القرار المتَخذ بعدم تعريض البلاد لأي اهتزازات خطيرة، فان هذه الاوساط لا تُسقِط من الحسابات امكان حصول تطورات اقليمية تدفع بالحزب الى سلوكيات تصعيدية معيّنة قد يكون من ملامحها الاعتراض العلني على كلمة الرئيس سلام في قمة شرم الشيخ.
وتعتقد الاوساط نفسها ان «حزب الله» «بدأ يواجه مرحلة شديدة الحرج تترجمها حالة عدم تهيب او عدم خشية من التعرض لسياساته وانتقادها، بدليل ما حصل من تراشق إعلامي بين محطة تلفزيونية معروفة بولائها التام للحزب (الجديد) ونجل الامين العام للحزب اخيراً على خلفية انتقاد عابر وجّهته المحطة لكلمة نصرالله. كما ان حملة الحزب على السعودية ظلت يتيمة حتى الان ضمن فريق«(8 آذار) اذْ لم ينضم اليها الرئيس نبيه بري ولا اي فريق آخر فيما التزم الحليف المسيحي للحزب اي العماد ميشال عون بالصمت المطبق حولها».
وتشير الاوساط الى ان«من المطلوب مراقبة التطورات الاقليمية جيداً في الايام المقبلة لانها قد تحمل معطيات من شأنها ان تؤثر بقوة على واقع (حزب الله) بالمعطى الإستراتيجي الواسع ارتباطاً بعضوية تَحالُفه مع ايران وهو الامر الذي لا يمكن معه إسقاط احتمال التصعيد السياسي والإعلامي في سلوكياته حتى جلاء الغبار الاقليمي».
وقد برز في هذا السياق، البيان الذي صدر عن مسؤول العلاقات الإعلامية في«حزب الله»محمد عفيف الذي اعتُبر رداً ضمنياً على محطة«الجديد»وغيرها من المواقف المعترضة على كلمة نصر الله الجمعة الماضي، اذ جاء في البيان«أن ما صدر من تعليقات وردود على مدار الايام الثلاثة الماضية كان بعيداً تماماً عن مناقشة المعلومات والمعطيات والحقائق التي ضمّنها السيد نصر الله خطابه الذي قدّم فيه رؤيته للأحداث في اليمن وتحليله للأسباب والوقائع»، لافتاً الى«عجز هذه الردود عن مقارعة الحجة بالحجة والمعلومة بالمعلومة، وانصرافها بدل ذلك إلى إطلاق الضجيج والصخب وتبرير العدوان». واضاف:«عمدت هذه الردود إلى التعتيم على فكرة أساسية وجوهرية في الخطاب هي دعوة اليمنيين إلى الحوار والعمل من أجل إيجاد حل سياسي فيما بينهم بعيداً عن التدخلات الخارجية (..) ولم يظهر أبداً في أي مفردة من الخطاب تحريض لليمنيين بعضهم على بعض أو دعوة إلى التقاتل فيما بينهم، وإنما كان هناك تأكيد على أن من حقهم الدفاع والمقاومة والتصدي للغزاة». واعلن انه«أمام هذا الواقع الذي يكشف عن سوء نيّات البعض من أصحاب الردود، وضعف قراءة البعض الآخر لما تضمنه الخطاب، نجد أن ما ورد على لسان هذه القوى والشخصيات غير ذي أهمية ولا يستحقّ الردّ».