سلطان حمود المتروك / حروف باسمة / انتفاضة الصقر

1 يناير 1970 04:35 ص

صقر شامخ يرفرف بكلا جناحيه ليظلل على أهله ومواطنيه، وكذلك يرفرف بهما على الداني والقاصي فيمد الجميع بما وهبه الله من خير ونعمة وبركة، فها هو يعطف على الجميع ويمد جاره بما أعطاه الله فما كان من جاره إلا الجحود ونكران الجميل، فتلقى ذلك الجار نيراناً ولهيباً ودماراً ودخاناً، وهذا الصقر يرفرف بجناحيه ليظلل على أهله وذويه، وهو يتقاطر دماً، ولكن لم يزده هذا النكران والدمار إلا شموخاً وعزة.

تساقط الأحرار من أبنائه للذود عن كرامته وشموخه فتصدوا للنيران في الثاني من أغسطس الأسود عام 1990 فسقط الشبان والشيوخ دفاعاً عن هذا الصقر. آه آه أيها الصقر، لم يسلم أطفالك الرضع في هذا اليوم فقد حرموا من نسائم جناحيك، فماتوا في حضائنهم قهراً واستبداداً، قتل كل من أراد أن يقضي على الذباب الملون بالنحر على عتبات المنازل. أيها الصقر الأبي قبعت تحت أكوام اللظى، ولكنك نهضت بفضل الله وتوفيقه، وفضل كل من يحب الإنسانية، ويرفض الظلم والاستبداد... فحلقت بجناحين قويين، ونثرت على أبنائك وأهلك ومواطنيك الخير والبركة، فها هم أبناؤك يتعاونون ويخلصون من أجل الحفاظ عليك حتى تظل محلقاً ومزمجراً وشامخاً في ربوع الدنيا بما تمتلك من أبناء يمتلكون قدرات واستعدادات ومواهب وغايات وأهداف في سبيل الحفاظ عليك.

فطوبى للجادين في نهضتك ورحمة الله وبركاته على الذين استشهدوا في سبيلك، والصبر كل الصبر لمن فقدوا شهيداً استشهد من أجل الدفاع عن كرامتك.

«تيهه» يا كويت فإن الشموخ لكِ والعزة لأبنائك، والخلود لشهدائكِ، والذل والخنوع والاستكانة والضعف لكل من عاداكِ وأخفى في صدره حقداً دفيناً عليكِ.

ورحم الله الأديب عبدالله العتيبي الذي حثنا على أن ننشد في هذا اليوم سوياً:

«كويت الكويتيين تمضي سفينة

وقد أصبحت كل البحار لها مجرى

لقد صهرتها النار حتى توقدت

ومن تحت أكوام اللظى نهضت صقراً

سيخرج من تحت الرماد محلقاً

لآفاق آتٍ نحن في سره أدرا

لقد علمته الريح سر اختلافها

وسر غيوم تحمل المزن والقطرا

رجعنا وإن كان الرجوع مقدراً

 فليت لقلبٍ لا يغني لنا عذراً».


سلطان حمود المتروك


كاتب كويتي