نصرالله يشدّ أزر الحوثيين ويوجّه رسائل إلى الداخل والخارج
لبنان الرسمي ينأى بنفسه عن الحدَث اليمني ... حماية لاستقراره الهشّ
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
08:46 ص
بدّل الحدَث اليمني الأولويات في لبنان الذي وجد نفسه امام واقع مربِك عبّرت عنه استعادة الاستقطاب السياسي الحاد «من تحت»على خلفية عملية «عاصفة الحزم» وفي الوقت نفسه الحرص «من فوق» على النأي بالنفس عن هذا التطور المفصلي وتداعياته.
وفيما كانت أنظار بيروت كسواها من عواصم العالم شاخصة على اليوم الثاني من «العاصفة» ومغزاها الإستراتيجي لجهة رفع البطاقة الحمراء بوجه تجاوُز ايران الخطوط الحمر في المنطقة والسعي الى إعادة التوازن الاقليمي، بدا لبنان الرسمي منهمكاً في صوغ الموقف الرسمي من الحدَث اليمني الذي عكس انتقال الصراع في المنطقة بين ايران والسعودية خصوصاً الى مرحلة جديدة ولا سيما في ساحات النفوذ التي يعتبرها كل منهما جزءاً من مداه الحيوي.
وعلى وقع المخاوف من ان تكون العملية الخليجية - العربية المدعومة اسلامياً ودولياً في اليمن مؤشراً الى انفجار اقليمي متدحرج، ووسط الانهماك بالسؤال عن امكانات الردّ الايراني على قطع السعودية الطريق على عملية جمع الاوراق التي كانت تقوم بها طهران استباقاً لتوقيع التفاهم النووي مع المجتمع الدولي، اختار لبنان مواكبة المستجدات الإستراتيجية في المنطقة بما يحمي - أقلّه على المستوى الرسمي - الحدّ الأدنى من التماسك والاستقرار، وهو ما سيعبّر عنه رئيس الحكومة تمام سلام اليوم امام القمة العربية في شرم الشيخ.
ووضع سلام امس اللمسات الأخيرة على الكلمة التي سيلقيها في شرم الشيخ والتي سيسير فيها بين النقاط في مقاربة التطورات في اليمن محاولاً الموازنة بين حفظ استقرار لبنان الداخلي وعدم الخروج عن الاجماع العربي، وذلك تحت سقف أن لبنان هو جزء من أي إجماع عربي وينأى بنفسه عن أي أمر لا يحظى بالإجماع، وهذا الأمر يسري على اليمن وعلى أي أمر عربي آخر، علماً ان وزير الخارجية جبران باسيل كان اعلن في اجتماع وزراء الخارجية العرب (اول من امس) ان «التخلي عن فكرة دعم الشرعية الدستورية المنبثقة من أي دولة تعرّض أي دولة عربية لمخاطر مشابهة»، في إشارة إلى اليمن، داعياً الى «اعتماد الحلول السياسية، أي الحوار والتفاهم لا الحلول العسكرية التي أظهرت في لبنان وسورية والعراق ان الركون إليها لا يؤدي إلى أي نتيجة سوى هدر الدماء والأموال والجهود»، ومؤكداً ان «أي عمل عربي مشترك ومن ضمنه العسكري هو مرغوب فيه إذا اعتمد المعايير الواحدة التي تضمن الجميع وتطمئن الجميع وتضم الجميع»، ومعتبراً ان «(القوة العربية المشتركة) تعطينا القوة والقدرة لتبرير أي اندماج مباشر، أو غير مباشر، لأن الإرهاب يوحّدنا».
ويأتي هذا السلوك الرسمي، وسط اكتمال نصاب الانقسام الحاد بين الأفرقاء السياسيين اللبنانيين حيال العملية التي تقودها السعودية في اليمن، مع إطلالة الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ليل امس، غداة اعلان كل من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وسمير جعجع دعمهم للمملكة العربية السعودية في خطوتها لوقف التمدد الايراني في المنطقة.
وقبل ساعات من كلمة نصر الله، كانت الأجواء توحي بأنه يعتزم توجيه رسائل دعم للحوثيين والقول لهم «انكم غير متروكين ولستم وحدكم» وطمأنتهم الى ان القصف الجوي لن يغيّر من وقائع الوضع على الأرض، عارضاً لتجربة الحرب الاسرائيلية على لبنان في العام 2006 اذ لم تتمكن الغارات خلالها من تحقيق أهدافها، معتبراً ان اي تدخل برّي سيتسبب بدم كثير بين العرب «لأنه لن يكون نزهة»، ومصوّباً على المملكة العربية السعودية وحلفائها من بوابة حشد هذه القوى في مواجهة الأوضاع في اليمن وليس من أجل فلسطين، وموحياً الى خصومه في الداخل اللبناني بخطأ اي رهان على ما يقال عن تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة يمكن ان يتكئوا عليها.
ورغم السقوف الكلامية العالية، ثمة مَن يعتقد في بيروت ان تداعيات الأحداث في اليمن لن تطيح، أقلّه في المدى القريب، بالمكابح التي تضبط الواقع اللبناني والتي تشكل حكومة ربْط النزاع أحد مظاهرها الى جانب الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله « الذي يُنتظر ان تشكل جولته التاسعة المقررة في الثاني من ابريل المقبل اختباراً جديداً لحصانته، وخصوصاً بعد الوقائع الاقليمية المستجدة والانقسام حيال الحدَث اليمني وايضاً في أعقاب الهزة التي أحدثتها شهادة الرئيس فؤاد السنيورة امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حيث كشف ان الرئيس رفيق الحريري كان أبلغه بين اواخر 2003 ومطلع 2004 انه تم اكتشاف اكثر من محاولة لاغتياله من الحزب، وهو ما قوبل بحملة عنيفة من فريق»8 آذار» وإعلامه على السنيورة الذي تستكمل المحكمة سماع افادته في التاسع من ابريل.
ومن خلف الاهتمامات السياسية بعملية «عاصفة الحزم»، برز hمتحان أمني مع الدعوات التي وُجهت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتناقلها مناصرون لـ «حزب الله» الى تظاهرة عصر امس أمام مقرّ السفارة السعودية في بيروت تحت عنوان «انتصاراً للشعب العربي اليمني، ورفضاً للعدوان على مهد العرب»، وهي الدعوات التي قابلتها الاجهزة الامنية بإجراءات احترازية.