كان لي مع المبدعة التونسية آمال قرامي نقاش تلفزيوني حول النسوية والمجتمع الذكوري، وضمن ما ذكرته دعوتها للنساء العربيات بأن: عودي إلى الفستان.
حين دخلت المرأة مجال العمل الذي بقي دهرا حكرا على الرجال احتارت أي زي ترتدي. لذا عمد مصممو الأزياء لخياطة ملابس مطابقة لملابس الرجل، فنزعوا عنها الفستان وارتادت المرأة مهنتها ببدلة (رجالية) فصلت على قياسات أنثوية. بدت النساء كأنهن غير مقتنعات بحقهن بالعمل بالفستان، فتعمدن المنافسة بزي الرجل وبقالبه الذكوري.
ثم تم تخفيف ذلك فقدم المصممون أشكالا أكثر أنوثة لترتديها ودخل الفستان على خط الصرامة... لكن بقي المظهر الرجولي هو المفضل لكثيرات كدلالة على أنهن يأخذن العمل بجدية لا بدلال وإغراء..
تعتقد أغلب النساء أنها بذلك تزيح الانتقادات التي ستفتك بها وتتهمها بالأنوثة وعدم صلاحيتها للتنمية.
لكنك فعلا أنثى. فلماذا تريد الأنثى ألا تبدو أنثى؟
لماذا كلما ارتقت مهنياً تعالت على النعومة وصارت خشنة وصارمة ومسيطرة... ليس تعميماً لكنها صورة نمطية عن النساء بمواقع صنع القرار. محاولات بائسة لتقمص شخصية وشكل الرجل. كأنها مؤمنة بأن العمل ليس من حقها بل ملك حصري للرجال. حتى أنها تستخدم ذات أدوات الرجل بالتحليل السياسي والاجتماعي وبالكتابة أيضا.
تشد شعرها للوراء، تزيل علامات الزينة، تلبس ملابس رجولية وتشد الرحال للعمل قائلة: الأنوثة بالذكاء لا بالمظهر والجسد.
لكنها بذلك تشطب أهم مكونات معجزة خلق الأنثى الجامعة بين الجسد المظهر والذكاء..
لِمَ تكرهين أن تكوني امرأة وتتنازلي ببساطة عن قيم الأنوثة فيما يتمسك الرجل بكل صفاته دون أدنى تضحية تقلل من رجولته؟
***
كل شيء مرتبط بالأنثى مدعاة للخجل، كل التحولات الفسيولوجية والجسدية بحياتي كانت تدفعني لأتقوقع على نفسي لأنها تذكرني بعار أبدي. لذا فأكثر ما أسعدني لحظة بدء الكتابة و الانتقام من ذلك الخجل وتحطيمه عبر الصفحات.
***
بالأمس كنت بالعمل واتصلت على المنزل فاختطفت آنجي السماعة.
قالت لي: ماما.. وبعد كلمات متفرقة خاصة بلغة طفولية هي اخترعتها وأفهمها عن طريق التواصل الروحي الذي بيننا قلت لها: باي ماما. فردت: باي.
كانت هذه أول مكالمة تجري بيني وبين آنجي لأن المكالمات السابقة اعتادت أن تصمت وتنصت للمتحدث.
إن أمتع ما في الكون أن تجيئك هباته دون تحضير..
عيد الأم هو بقايا ما تبقى من التاريخ الأموي (من الأمومة) القديم الذي كان يمجد الأنثى ويقدسها زمن كانت رمز الخصب والحياة. فهنيئا لك بهذا الخصب. اقرأي عن تاريخ النساء واستمتعي واشهري جسدك الذي يمتلك معجزة الحياة بدل التخفي والاختباء وراء شعارات ذكورية.
كاتبة وإعلامية سعودية
[email protected]