بيروت شاهدت الفيلم وتفاعلت مع مضمونه
«تمبكتو»... حين يسيطر التكفير على الحياة!
| بيروت - من محمد حسن حجازي |
1 يناير 1970
07:27 ص
أعداد غفيرة من اللبنانيين كانت في الانتظار، فالفيلم هو الأول الذي يتناول الحالة التكفيرية السائدة، خصوصاً أنه بإدارة مخرج كبير هو الموريتاني العالمي عبد الرحمن سيساكو، الذي كرّمه مهرجان «سيزار» الفرنسي بـ 7 جوائز بينها واحدة كأفضل فيلم.
«تمبكتو».
عنوان الفيلم الذي اختير لافتتاح الدورة الثامنة لمهرجان أيام بيروت السينمائية، في واحدة من صالات «سينما سيتي – بيروت سوق»، لكن كثافة الحشد دفعت القيمين على المكان إلى فتح صالة ثانية استوعبت بالكاد العدد الإضافي الوافد لمشاهدة الفيلم الحدث في بيروت، الذي أجازته الرقابة اللبنانية كما هو، مما أتاح الفرصة أمام المتابعين ورواد السينما لمشاهدة نسخة كاملة من الفيلم في 97 دقيقة، والذي باشرت باريس عرضه في العاشر من ديسمبر 2014، أما الأميركية فباشرته في فبراير 2015.
فنانون، نقاد، ساسة، ديبلوماسيون (كان بينهم السفراء الفرنسي والبلجيكي والإسباني)، إلى جانب رجال أعمال، طلبة جامعة، خليط نموذجي من الحضور، ملأ القاعتين الشاسعتين في الطبقتين الأرضية والأولى من مكان تجمع الصالات، وكانت كلمة الافتتاح للمخرجة والناشطة في المهرجان زينة صفير رحبت فيها بالحضور، مؤكدةً أن بيروت تريد تجديد ارتباطها الوثيق بالثقافة والفن والإبداع من خلال السينما.
«TIMBUKTU» شريط يرصد جانباً من الحياة في منطقة بجنوب مالي وقعت تحت حكم عناصر من تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، انتشروا في معظم أنحائها يُحصون أنفاس الناس وأقل حركاتهم، ويتصرفون على طريقة المحاكم الميدانية، ومن تثبت إدانته يُرمى فوراً في النار على مرأى ومسمع من جموع الناس الذين لا خيار لديهم سوى الصمت، والمراقبة بعيون باردة لكن من دون لمعة في العينين: فتاة تتحدث مع شقيقها على الهاتف تقع تحت المساءلة الشرعية للتأكد من صحة كلامها، شابان وفتاتان في شقة صغيرة مطلة على البحر، مع غيتار وغناء في مناخ رومانسي يتعرضون للاعتقال والمحاكمة، لأنهم يعرفون أن الموسيقى والغناء حرام، ومع ذلك يخالفون أحكام الشريعة، كما أن زواجاً قسرياً حصل بين عنصر تكفيري وامرأة متزوجة، غصباً عنها، وحين مفاتحة المسؤول عن التكفيريين ادعى أن الأمر جاء استناداً إلى أحكام الشريعة التي كانت سائدة في عز الدولة الإسلامية في حياة النبي الكريم محمد.
ولا يكف الفيلم عن إيراد المناخات المماثلة لتأكيد ما يريده التكفيريون وسط سُبات مذهل للناس الذين لا يستطيعون إبداء ردة فعل على الأجواء السائدة، وهي صورة تعني أن هناك استسلاماً مدنياً لهذا المد، في وقت لم تتمكن فيه الآلة العسكرية من هزيمة مجموعاتهم في أكثر من منطقة.
تمبكتو، يقول كل شيء بهدوء ومنطق وحزم. يقدّم هذه المجموعات تركب رأسها، وتنفذ ما تريد وقتما تريد، ولا سلطة فوق سلطتها، حيث يسيطر التكفير على الحياة.
سيساكو كتب السيناريو مع الكاتبة كيسين تال، في إنتاج لـ إيتيان كومار، وسيلفي بيالا، ولعب الأدوار الرئيسية: إبراهيم أحمد (حضر المهرجان شخصياً وخاطب الحضور في الصالة الأولى: نحن في بلد حر ورائع اسمه لبنان)، آبل جفري، تولو كيكي، ليلى واليت محمد، مهدي محمد، وهشام يعقوبي.