«بلابل» و«حناجر» وأطفال ومفكّرون ومبدعون وشعارات «صارعوا» الرصاص

رموز الثورة السلمية في سورية حكايات البدايات... المكسورة

1 يناير 1970 09:46 ص
لم يكن أحد يتصوّر أن تشتعل الثورة في سورية، فهذا كان يبدو بالنسبة لكثيرين وهماً، وبالنسبة للبعض أمراً مستحيلاً، فيما كان البعض الآخر ينظر للأمر على أنه «من الممكن»، ذلك ان «تباشير» أخرى كانت لاحت من تونس إلى ليبيا ومصر، وقبل ذلك في «انتفاضة الاستقلال» في لبنان العام 2005 اثر اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري والتي «انفجرت» بوجه النظام السوري الذي كان يحكم قبضته الأمنية على لبنان.

يومها، أي في الـ 2005 كانت الصورة ضبابية، لكن في دمشق كانت هناك معارضة تعمل سراً وعلناً بقدر ما تسمح الظروف، معارضة تقودها نخب ثقافية وسياسية في الداخل والخارج تعمل من أجل ربيع جديد لسورية وتأمل في أن تنجح يوماً في إسقاط نظام «البعث»، ونشْر الديموقراطية في الحياة السياسية، وتحصين المواطن السوري بحقوق إنسانية وبنظام يصون كرامته ويحفظ حريته.

لم يكن أحد يتصور أن قيام 15 طفلاً من درعا كتبوا شعارات على جدران مدرستهم في 26 فبراير من العام 2011، سيشكلون «الشمعة» للثورة. فجأة في 15 مارس اندلعت الثورة في تظاهرات دعا إليها ناشطون عبر «الفيسبوك»، على صفحة لم يكن أحد يعرف مَن يقف وراءها، وذلك تضامناً مع أطفال درعا الذين اعُتقلوا على أيدي مخابرات النظام، فانطلقت تظاهرات في حمص ودرعا ودمشق شارك فيها رموز معارضون، وهتفت ضد الفساد والقمع وطالبت بالحرية.

قاد شبان سوريون جامعيون التظاهرات وهتفوا بشعار «الله سورية حرية وبس»، لكن الرصاص الحي كان بالمواجهة من «الشبيحة» وسرعان ما تحوّل الشعار إلى «الشعب يريد إسقاط النظام»، فيما اتّهمت الحكومة السورية المتظاهرين بأنهم «إرهابيون» ويسعون لإقامة إمارة إسلامية.

لكن الانطلاقة الحقيقية للثورة كانت في 18 مارس 2011 تحت شعار «جمعة الكرامة» إذ خرجت التظاهرات في مدن درعا ودمشق وحمص وبانياس وقابلها الأمن بوحشية خصوصاً في درعا، فسقط أربعة قتلى على يد الأمن السوري في تلك المدينة، وتحوَّلت التظاهرات على مدار بقية الأسبوع إلى أحداث دامية في محيط المسجد العمري ومناطق أخرى من المدينة وأدت إلى مقتل 100 محتج بنهاية الأسبوع.

وفي 25 مارس انتشرت التظاهرات للمرَّة الأولى لتعمَّ عشرات المدن السورية تحت شعار «جمعة العزة» لتشمل جبلة وحماه واللاذقية ومناطق عدة في دمشق وريفها كالحميدية والمرجة والمزة والقابون والكسوة وداريا والتل ودوما والزبداني، واستمرَّت بعدها بالتوسع والتمدّد شيئاً فشيئاً أسبوعاً بعد أسبوع.

وفي 21 ابريل تم إعلان رفع حالة الطوارئ في البلاد بعد 48 عاماً متصلة من فرضها. وفي المقابل، أطلق الجيش السوري عمليَّات عسكرية واسعة في كل المناطق السورية أدت إلى مجازر وتهجير وحصار تجويعي ومطالبة دولية بتنحي الرئيس بشار الأسد بعد إعلان فقدان شرعيته، ما أفقد النظام توازنه، ولا سيما مع ازدياد حالات الانشقاق في الجيش السوري حيث أُعلنَ عن تشكيل أول تنظيم عسكريٍّ يُوحد هؤلاء العسكريين، وهو «لواء الضباط الأحرار» تحت قيادة حسين هرموش، قبل الإعلان عن تشكيل «الجيش السوري الحر» بقيادة رياض الأسعد.

«الراي» تستذكر في هذا التحقيق أبرز الشخصيات أو رموز الثورة السورية الذين كان لهم الدور الكبير في العمل الثوري سواء على المستوى الفكري أو العملي أو الميداني.

ياسين الحاج صالح



من أبرز الشخصيات على المستوى الفكري هو ياسين الحاج صالح، المعارض السوري المعروف، وهو الكاتب والناقد والباحث، وسجين سياسي سابق لمدة 16 عاماً.

وُلد في مدينة الرقة العام 1961، واعتُقل العام 1980 بتهمة الانتماء إلى تنظيم شيوعي ديموقراطي معارض. فهو عضو في الحزب الشيوعي - المكتب السياسي الذي يترأسه المعارض رياض الترك. ويُعتبر من أهم الكتّاب والمنظّرين السوريين في قضايا الثقافة والعلمانية والديموقراطية وقضايا الإسلام المعاصر، وله تأثير واسع في الساحة الثقافية السورية والعربية.

متزوج من سميرة الخليل وهي معتقلة حالية ومصيرها غير معروف. غادر الأراضي السورية في اكتوبر 2013 ويعيش حالياً في اسطنبول وكان ممنوعاً من السفر.

مع اندلاع الثورة السورية، اعتُبر صالح من منظّري الحراك الشعبي السوري الرئيسيين، وأدلى بتصريحات قوية عدة على القنوات الفضائية ومن خلال حوارات صحافية كثيرة معه. وقد رفض الدخول في المعارضة كسياسي معارض لانشغاله بالتغطية الفكرية للثورة السورية. ولعلّ مقالاته، التي ما برح يكتبها في مخبئه السرّي، مثلت فسحة للتأمل والتحليل والقراءة الهادئة لأبعاد الثورة ووقائعها. وقد أطلّ بها عبر الإنترنت سلاحاً وحيداً في عزلته، وبات ينتظرها كثيرون من القرّاء، تبعاً لما تتميز به من عمق وجرأة. في مارس 2012 ساهم ومجموعة من الكتّاب والباحثين السوريين الشباب في تأسيس مجموعة الجمهورية لدراسات الثورة السورية، التي تحوّلت إلى منبر ثقافي وفكري لتغطية الشأن السوري خلال الثورة المديدة.

أما عمله الأبرز فكان نقده الرصين لسياسات النظام السوري الأسدي منذ بدئه في الكتابة العام 2000 وحتى اندلاع الثورة السورية العام 2011، وقد كتب في الداخل السوري مقالات مهمة جمع أبرزها في كتاب «سورية من الظل». وكان من أشهر ما قاله في أحداث الثورة ان «النظام هو المركّب السياسي الأمني المالي، أي الرئيس وأخوه والمخابرات ورؤساء أجهزتها وكبار ضباطها، وأصحاب المليارات من أبناء المسؤولين السابقين واللصوص الرسميين ومحاسيبهم»، وأن النظام غير قادر على تقديم مبادرة سياسية تهدد قضيته الأساسية وهي «الحكم إلى الأبد» وليس فلسطين ولا الاستقرار كما يقول عن نفسه.

في سبتمبر 2012 حاز الكاتب المعارض، المتواري عن أنظار السلطات في دمشق منذ اندلاع الاحتجاجات في بلاده، على جائزة الأمير كلاوس، إحدى أهم الجوائز الأوروبية التي تكافئ المفكّرين والكتّاب في البلدان التي تعاني «نقصاً في فرص الحرية» وفق نظامها.

كتب صالح على صفحته في فيسبوك «شكراً يا أصدقاء على التهنئة بجائزة الأمير كلاوس. الحقيقة أن الجائزة إشارة احترام للثورة السورية وتكريم للشعب السوري. الكفاح البطولي لشعبنا من أجل الحرية هو الذي فرض على العالم أن يلتفت إلينا ويشعر بنا ويقف معنا...أتشرف أن أهدي الجائزة لأرواح شهدائنا، لحمزة وهاجر وتامر وغياث وباسل ولين والمقدم حسين الهرموش...وفوق 24 ألف شهيد آخرين، سوريين وفلسطينيين. ولأسرانا، محمد ويحيى ووائل ومازن درويش وحسين وعروة...وعشرات الآلاف الآخرين».

[c3b71c1c-e1e4-46ff-b84b-b1110c0d9b99]


برهان غليون



على المستوى السياسي برز برهان غليون، زعيم المعارضة وأول رئيس للمجلس الوطني الانتقالي السوري. وهو أكاديمي وسياسي سوري معارض، من مدينة حمص مواليد العام 1945. حاصل على دكتوراه الدولة في علم الاجتماع السياسي من جامعة باريس الثامنة العام 1974، ثم دكتوراه الدولة في الفلسفة والعلوم الإنسانية من جامعة باريس الأولى «السوربون» العام 1982.

ويُعد غليون أحد المساهمين في النقاش الفكري والسياسي حول مستقبل العالم العربي وسورية بشكل خاص.

بدأت نظرته حول الإصلاح السياسي تتبلور مبكراً حين أصدر العام 1986 كتابه «بيان من أجل الديموقراطية» ودعا فيه الدولة السورية إلى فتح باب المشاركة الديموقراطية أمام الجميع، ليواصل درب النضال السياسي عبر بوابة البحث الأكاديمي حيث نشر أبحاثاً تنتقد أنظمة الحكم في العالم العربي وتُنظّر لديموقراطية منشودة.

ومع مجيء ربيع الثورات العربية ووصول رياح التغير إلى سورية، اختارت شخصيات بارزة معارضة من الداخل السوري والخارج برهان غليون في 29 أغسطس 2011 رئيسا للمجلس الوطني الانتقالي السوري، الذي تَشكّل في العاصمة التركية أنقرة.

[fb430ebf-9f53-4b5d-8a0b-5100e82dfc49]


غياث مطر



أما من أبرز الناشطين في الثورة، فكان غياث مطر وهو ناشط سياسي من مدينة داريا بريف دمشق، شارك في تنظيم التظاهرات المطالبة بالحرية قبل أن يتم قتله تحت التعذيب.

وعُرف مطر بمبادرته لتقديم الماء والورود لعناصر الأمن والجيش أثناء التظاهرات. وقد اعتُقل في 6 سبتمبر 2011 خلال مكمن نصبته قوات الأمن السورية التي قامت باعتقال معن شربجي، أخ الناشط السياسي المطلوب للأجهزة الأمنية يحيى شربجي، لتجبر معن على الاتصال بأخيه وادعاء أنه مصاب. ولما توجّه يحيى برفقة غياث مطر إلى المكان الذي حدده «معن» مكرهاً وجدوا قوات الأمن بانتظارهم. ويوم السبت 10 سبتمبر تم تسليم جثمان غياث لذويه إثر وفاته جراء التعذيب الذي تعرض له أثناء الاعتقال، وتم تشييعه في اليوم نفسه في داريا في مراسم قُتل خلالها فتى في السابعة عشرة من عمره.

وأقيمت لغياث مراسم عزاء حضره سفراء كل من الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وألمانيا والدنمارك. وبعد مغادرة السفراء قامت قوات الأمن باقتحام مجلس العزاء حيث أطلقت العيارات النارية والقنابل المسيلة للدموع لفض المجلس.

[088e0661-d1c0-44a9-8aab-1d3b0b04cee2]


حمزة الخطيب



الطفل حمزة الخطيب، من مواليد الجيزة في محافظة درعا (24 اكتوبر 1997)، خرج من بلدته مع آخرين في تظاهرة لفك الحصار عن أهل درعا في 29 ابريل 2011. واعتُقل عند حاجز للأمن السوري قرب مساكن صيدا في حوران. وبعد مدة تم تسليم جثمانه لأهله، وبدت على جسمه آثار التعذيب والرصاص الذي تعرض له حيث تلقى رصاصة في ذراعه اليمنى وأخرى في ذراعه اليسرى وثالثة في صدره، كما كُسرت رقبته ومُثّل بجثته حيث قطع عضوه التناسلي. وقد صدمت هذه الصور الآلاف ممن عبّروا عن تعاطفهم مع حمزة الخطيب على شبكة الإنترنت أو بالتظاهر في الشوارع.

وكان حمزة واحداً من 51 شخصاً اعتقلتهم المخابرات الجوية، التي تُعتبر أحد فروع المخابرات سيئة السمعة في شأن تعذيب المعتقلين حسبما يقول المعتقلون. ووصفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وفاة الخطيب، بأنها بمثابة نقطة تحوّل في الانتفاضة السورية، وأشارت إلى أنه «يرمز لكثير من السوريين».

ونظم المحتجون في سورية يوماً أُطلق عليه «سبت الشهيد حمزة الخطيب» ثم «جمعة الغضب»، احتجاجاً وادانةً للنظام السوري كمسؤول أول عن الجريمة.

[746653eb-c999-46c2-9de5-57f698053cfe]


مشعل تمو



مشعل تمو، من مواليد الحسكة 1957 معارض سوري كردي بارز ورئيس تيار المستقبل الكردي السياسي الذي أسسه العام 2005. وقد اغتيل خلال الاحتجاجات السورية العام 2011، وأجَّجَ اغتياله التظاهرات كثيراً في أنحاء البلاد وكان له أثرٌ كبير فيها.

كان تمو اعتُقل العام 2008 وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهم النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي الوطني، لكن أفرج عنه لاحقاً في شهر يونيو 2011 لتخفيف وطأة حركة الاحتجاجات العنيفة في مناطق الأكراد بسورية. وقد عاش ينتقل بالسرّ خوفاً على حياته، حيث تعرض لمحاولات اغتيال عدة، قبل أن ينجح مسلحون في مدينة القامشلي بتصفيته في 7 أكتوبر 2011، الأمر الذي أدى إلى تفجير احتجاجات عارمة في مدن الأكراد السورية نظراً إلى اتهام نظام بشار الأسد بالوقوف وراء عملية الاغتيال، وهو ما نتجَ عنه تطور حاسم وغير مسبوق في حركة الاحتجاجات بالمناطق الكردية، حيث حُطم تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد في عامودا.

وكان تمو شارك بعد الإفراج عنه في فعاليات مؤتمر الإنقاذ الوطني السوري الذي عُقد في مدينة إسطنبول التركية، وألقى خلاله خطاباً من داخل سورية أكد فيه على «وحدة الشعب السوري». وقد تلقى بعد خروجه من السجن عروضاً من النظام السوري للمشاركة في مؤتمرات للحوار، غيرَ أنه رفض ذلك وأعلن تأييده للمحتجين ضد النظام. وبعدَ تأسيس المجلس الوطني السوري لتمثيل المعارضة السورية في المتجمع الدولي أصبحَ مشعل تمو عضواً فيه.

[d29bf272-42da-46d5-9570-dc7159f67b41]


إبراهيم قاشوش



«بلبل الثورة» إبراهيم قاشوش من مواليد 3 سبتمبر 1977. شاب سوري من مدينة حماه، نشط إبان الاحتجاجات الشعبية السورية في قيادة التظاهرات التي تهتف بإسقاط الأسد وتأليف الشعارات المناوئة للنظام السوري وقيادته بمن فيهم الرئيس السوري شخصيا وشقيقه ماهر وحزب البعث وإنشادها أمام الجماهير في ساحة العاصي في قلب حماه ومن بينها «يلا ارحل يا بشار».

وفي خضم الحملة الأمنية التي نفذها الجيش السوري في أعقاب (جمعة ارحل) في الاول من يوليو 2011 والتي احتشد فيها زهاء نصف مليون متظاهر في ساحة العاصي مطالبين بإسقاط النظام وأقيل على إثرها المحافظ، اعتُقل قاشوش من قوات الأمن السورية التي قامت بذبحه واقتلعت حنجرته وألقته في نهر العاصي.

وقد أثار مقتل قاشوش غضباً دفع بأبناء الجالية السورية في الأردن إلى تنفيذ اعتصام يوم الخميس 7 يوليو أمام سفارة بلادهم بعنوان «اعتصام الوفاء للشهيد إبراهيم قاشوش» وذلك إكراماً لقاشوش وإحياءً لقضيته ولإيصال صوته إلى مسامع السلطات السورية.

[157e76a7-8ed6-46b9-909e-90eb9a591f2e]


علي فرزات



ومن رموز الثورة السورية الفنان علي فرزات، رسام الكاريكاتير السوري من مواليد حماه عام 1951. هو فنان عالمي فاز بعدد من الجوائز الدولية والعربية. ونُشرت رسومه في العديد من الصحف السورية والعربية الأجنبية. أصدر في العام 2000 صحيفة خاصة «الدومري» الساخرة. وكان ذلك أول ترخيص يعطى لصحيفة مستقلة في سورية منذ 1963، وقد لاقت رواجاً كبيراً منذ بدء صدورها مع طبع 60 الف نسخة، الا انه نتيجة بعض المشاكل مع السلطات توقفت الجريدة عن الصدور بعدما تم سحب الترخيص منه في العام 2003.

أسس فرزات صالة للفن الساخر اتخذت من مقر جريدة «الدومري» موقعاً لها لتكون استمراراً لفكرها، معتمداً على النجاح الذي حصدته الجريدة لدى الجمهور الذي نقلت همومه وعكست واقعه وكانت لسان حاله.

ومن الجوائز الدولية والعربية التي فاز بها فرزات الجائزة الأولى في مهرجان صوفيا الدولي في بلغاريا (1987)، وجائزة الأمير كلاوس الهولندية (2003). وقد اقام معرضا في معهد العالم العربي في باريس (1989)، ونُشرت رسومه في العديد من الصحف السورية والعربية والأجنبية.

في 25 اغسطس 2011 تعرض أثناء عودته من مكتبه للضرب المبرح من ملثمين، وقد تم التركيز على وجهه وأصابعه التي «نحتت» رسومات جريئة انتقدت النظام السوري. وفي 27 أكتوبر 2011، اختاره البرلمان الأوروبي مع أربعة مواطنين عرب آخرين للفوز بجائزة ساخاروف لحرية الفكر.

[cb25db2f-ce7d-451c-8350-3fe6b1102e49]


سهير الأتاسي



ومن نساء الثورة سهير الأتاسي الناشطة الحقوقية المعارضة وهي من مدينة حمص. تنتمي لعائلة آل الأتاسي الحمصية العريقة التي كان منها ثلاثة رؤساء لسورية. والدها جمال الأتاسي (الذي توفي عام 2000) وهو من المفكرين القوميين المعروفين، وشارك مع صلاح البيطار وميشيل عفلق في تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي العام 1947، كما شغل منصب وزير في الحكومة السورية، وتولى منصب الأمين العام للاتحاد الاشتراكي المعارض. وكان حامل لواء المعارضة في عهد الرئيس حافظ الأسد حتى وفاته.

وسهير مواليد دمشق، حاصلة على دبلوم بالتربية من جامعة دمشق.اهتمّت في فترة مبكرة من عمرها بالأدب والفنون والثقافة، ثم عملت في هذا الميدان، وتولت منتدى الأتاسي للحوار الذي تأسس عام 2001، مع 70 منتديا آخر، بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد العام 2000 وبالتزامن مع مرحلة «ربيع دمشق» التي شهدت حراكاً سياسياً مدنياً واسعاً وتميزت بالإقبال على المشاركة في الأنشطة العامة وناقشت قضايا في السياسة والفكر والثقافة وسبل تعزيز قيم الحوار الديموقراطي.

لكن تجربة المنتديات المفتوحة لم تستمرّ طويلاً، إذ سرعان ما أغلقتها السلطات السورية الواحد تلو الآخر، واعتقلت غالبية نشطاء المجتمع المدني المشاركين فيها.وكان منتدى الأتاسي هو آخر منتدى يتم إغلاقه بعد غض السلطات السورية النظر عن أنشطته حتى العام 2005 بسبب إلقاء الناشط الحقوقي علي العبد الله كلمة فيه أرسلها المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة بسورية صدر الدين البيانوني.

وفي ديسمبر 2009 أعادت الناشطة الأتاسي إطلاق منتداها المغلق عبر مجموعة على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي. وركز المنتدى في شكله الجديد على مناقشة القضايا المرتبطة بالديموقراطية كالحركات المدنية السلمية، وانضم إليه خلال فترة وجيزة 270 عضواً بينهم مفكرون بارزون ومعارضون يعيشون داخل سورية وفي المنفى.

وتم استدعاء سهير الأتاسي إلى مقر أمن الدولة السوري ثلاث مرات للضغط عليها لإغلاق مجموعتها الحوارية على فيسبوك.وجرت مصادرة بطاقتها الشخصية وتهديدها بالسجن سنتين ونصف السنة، بحسب ما روته لصحافيين وحقوقيين. ورفضت الناشطة الحقوقية بعد ذلك طلب استدعاء للمرة الرابعة إلى أمن الدولة وطالبتهم بإعادة بطاقة هويتها أو اعتقالها إن أرادوا إحضارها قسراً.

اعتُقلت في 16 مارس 2011 بعدما اشادت في مقابلة تلفزيونية بالاحتجاجات الشعبية وعُينت في 11-11-2012 نائبة لرئيس الائتلاف السوري وائتلاف الثورة السورية.

[fa25c540-e407-464e-ace5-d75f2741fc94]


رزان زيتونة



الناشطة السياسية رزان زيتونة مولودة العام 1977، حقوقية وكاتبة من سورية. تخرجت في كلية الحقوق بدمشق عام 1999. وفي 2001 بدأت عملها كمحامية تحت التدريب. كانت عضواً في فريق الدفاع عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي منذ ذلك الوقت. كما كانت عضواً مؤسساً في جمعية حقوق الانسان في سورية واستمرت في عملها مع الجمعية حتى عام 2004. في 2005 أسست رابط معلومات حقوق الانسان في سورية ليكون بمثابة قاعدة بيانات لانتهاكات النظام لحقوق الانسان في البلاد، بالاِضافة اِلى نشاطها في لجنة دعم عائلات المعتقلين السياسيين في سورية.

مع بداية الثورة اضطرت للتخفي بسبب نشاطها الإعلامي لنقل ما يحدث على الأرض لوسائل الاعلام المختلفة، ولا سيما الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون في ثورتهم من أجل الحرية، من اعتقالات وتعذيب وقتل وتنكيل. وهي عضو مؤسس في لجان التنسيق المحلية في سورية التي تأسست مطلع ابريل 2011.

في مايو 2011 جرى اقتحام منزلها في دمشق من المخابرات الجوية، وتفتيش محتوياته ومصادرة العديد من أوراقها ومقتنياتها الشخصية، واعتقال أخ زوجها الذي تصادف وجوده هناك كرهينة عنها وعن زوجها. وبعد اعتقال عبد الرحمن حمادة بأيام اعتُقل زوجها وائل حمادة من المخابرات الجوية ايضاً حيث قضى الأخوان نحو ثلاثة اشهر في الحبس الانفرادي قبل ان يُفرج عنهما.

نشرت عشرات المقالات والتقارير في مختلف المواقع الالكترونية والصحف حول أوضاع حقوق الانسان في سورية وحرية الرأي والتعبير، وهي حاصلة على جائزة آنا بوليتكوفسكايا للمدافِعات عن حقوق الانسان، وعلى جائزة ساخاروف الممنوحة من البرلمان الاوروبي بالاشتراك مع رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات.

وفي 9 ديسمبر من العام 2013 قامت مجموعة مسلحة بدهم مكتب مركز توثيق الانتهاكات في سورية في دوما، وخطفت رزان وفريق عملها اي المحامي ناظم الحمادي والناشطة سميرة الخليل وهي زوجة المعارض ياسين الحاج صالح.

[df661095-b7e8-4932-b41e-914b12e18c23]


وصفي المعصراني



وصفي المعصراني مغن ومنشد سوري، من مواليد مدينة حمص، عاش فيها حتى عام 1997 حين انتقل إلى دمشق وقضى فيها ثلاث سنوات انتقل بعدها إلى جمهورية التشيك باعتبار ان والدته تشيكية. بدأ العزف والغناء بعمر 13 سنة، وكان يقيم حفلات في سورية على نطاق ضيق، ولما انتقل العام 2000 إلى جمهورية التشيك كان يهتم بالموسيقى والأغنيات الغربية أكثر من العربية.

بدأ يشتغل بالموسيقى العربية مع انطلاق الثورة السورية، وأول أغنياته كانت «درعانا تنادي» والتي كانت من أوليات أغنيات الثورة عندما حصلت المجزرة في درعا. وقد غلب على الأغنية الطابع الغربي البحت حيث كانت الأجهزة مؤلفة من غيتارات لا علاقة لها بالأسلوب العربي، ولكن الكلمات كانت عربية.

وبعد ذلك أنجز أغنية «حمص يا دار السلام» في الشهر الرابع على انطلاق الثورة السورية. ومرة جديدة كان الأسلوب غربياً أكثر منه عربياً. وقد أحيا المعصراني العديد من الحفلات حول العالم بهدف جمع التبرعات للشعب السوري.

ويقول المعصراني ان «الثوار والمتظاهرين كانوا يضعون أغنياته على جوالاتهم ويحفظونها كي يستطيعوا ان يغنوها بشكل جماعي في التظاهرات، موضحاً ان هناك اغنيات طلبها الثوار على الارض وأرسلوا له كلماتها وحتى اصواتهم وهم يغنونها».

واضاف: «شباب دوما في الشام أرسلوا لي كلمات ولحن اغنية، وكذلك فعلت تنسيقيات ادلب حيث كانوا يرسلون اصواتهم وهم في قلب التظاهرات وهم يرددون اغيناتي بصوت جماعي. كنت آخذ هذا الصوت الجماعي واعالجه كي يدخل مع الاغنية ككورس جماعي».

تعاون المعصراني مع الناشط الحمصي عبد الباسط الساروت حيث أنتجا اغنيات مشتركة منها «حرام عليه» و«جنة جنة» و«حلم الشهادة».

[6422bd7d-c9ea-4a54-9f54-3abdfdcc6735]


فدوى سليمان



فدوى سليمان ممثلة من مواليد مايو 1970 ولدت في حلب وتخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق وانخرطت في دورة إخراج مسرحي في فرنسا. وشاركت في العديد من الأعمال التمثيلية والصوتية.

قادت سليمان عدة تظاهرات في مدينة حمص السورية وأكدت على الوحدة الوطنية والابتعاد عن الطائفية والمناطقية. وشأنها شأن الغالبية العظمى من الطائفة العلوية، كان لها موقف معروف ضد الديكتاتورية وضد عمليات القتل التي تُرتكب ضد الاكراد الموجودين في الحسكة والجزيرة (ذات الغالبية الكردية) كما الجرائم التي طاولت الثوار السوريين.

وقالت سليمان في مقابلة تلفزيونية معها بعيد اندلاع الثورة رداً على سؤال يشير إلى طائفية أحداث سورية وكونها تنتمي إلى الطائفة العلوية «انا لا انتمي إلى أي طائفة. انا أنتمي فقط إلى الشعب السوري وإلى سورية. والسوريون لا ينتمون لأي طائفة والشعب السوري ليس طائفياً بل ان النظام هو الطائفي. والديكتاتورية لا دين لها ولا طائفة»، وشددت على أن «الشعب السوري هو وريث المدنية والحضارة، وأن ثورته ستنجح رغم تآمر الساسة عليه».

وبعدما اشتد عنف النظام وبدأت بعض قوى الانتفاضة بالتسلح، أصبح الخطر قائماً على حياة الناشطين السلميين ومنهم فدوى سليمان، فخرجت من حمص إلى دمشق سعياً منها لإعادة تفعيل حراك المدنية وتنشيطه أكثر، إلا أن حجم العنف والوضع الأمني الصعب والملاحقات المستمرة لها منعتها من ذلك، لتقرر الذهاب إلى الأردن فباريس حيث كان ناشطو المنفى بانتظارها، ولتواصل بعدها دورها الإعلامي في فضح مجالس المعارضة التي لم تَرْقَ (من وجهة نظرها) لما يقدمه المنتفضون على الأرض السورية.

كفرنبل



ومن رموز الثورة السورية بلدة كفرنبل التي اشتهرت بشعاراتها ولافتاتها واصبحت عنواناً للثورة السورية وحكاية من حكاياتها الاكثر تعبيراً. كفرنبل او «كفرمبل» كما يلفظ سكانها الاسم، هي البلدة الصغيرة التي أخرجتها الانتفاضة من النسيان، ليُطلق عليها «ضمير الثورة» أو «عود الثورة الرنان». وتغيّر اسمها في مواجهتها مع النظام السوري من «كفر نبل الثورة»، الى «كفر نبل المحتلة»، الى «كفر نبل التحرير».

في ابريل 2011 خرجت أول تظاهرة في البلدة لتبدأ بعدها بالانخراط اليومي الذي لم يتوقف منذ تلك التظاهرة، ولتصبح القرية الصغيرة الوادعة والمحاطة بآثار رومانية تتقدم المشهد السوري من خلال لافتاتها التي كانت علامة تميّزها، وطريقاً لها نحو قلوب الثائرين السوريين، ونحو العالم لتتحوّل المعبّر الحقيقي عن ضمير الثورة السورية، وشاهداً يومياً بوجه النظام الذي أراد أن يوسم هذه الانتفاضة بالإرهاب، فكان أن ردّ عليه ناشطو المدينة وفنانوها بلافتة تقول: «فتّحْ عينك/ ما في نقطة: سلمية، سلمية».

في الوقت الذي كان النظام وأطراف خارجية كثيرة يعملون على دفع الانتفاضة السورية نحو التسلح والحرب الأهلية، اختار أبناء البلدة مواجهة ذلك بأدوات بسيطة تمثلت بقلم وكاريكاتير ورسوم تظهر على لافتات لتعبّر عن رأيهم في ما يحصل، ولتكشف عن وعي مدني متقدم ساهم في لفت الانتباه إليها وإلى ما تنتجه تلك البلدة الوادعة بحق، من لافتات فرضت نفسها على العالم كله، بدءا من الشارع المحلي في سورية، وليس انتهاءً بمحطات الإعلام التي تهافتت لنقل أخبار المدينة وكتابة تقارير عنها والتعريف بها، ولكشف سر اللافتات التي أنتجت شعبية هائلة للانتفاضة السورية.

يقول رسّام كفرنبل أحمد جلل: «عندما خرجنا في التظاهرة الأولى، قالــت قـــناة (الدنيا) الموالية للنظام إنها مفبركة، ففكرتُ في كتابة اسم المكان وتاريخ التظاهرة لتوثيقها وتكذيب القناة، فكــانــت أول لافتة كتــبتها: كفرنبــل قــلعة الثــوّار 29 /4 /2011. وهو ما يعني أن التظاهرة جاءت لتكذيب قنوات الإعلام الموالية للنظام، ليبدأ شباب البلدة ايضاً بالتفكير في كيفية التصدي لهذا الكذب الإعلامي، فتبدأ اللافتات تخرج من تلك القرية إلى العالم».

سر لافتات كفر نبل تمثّل في نقدها الساخر أو الجدي أحياناً، وفي تعليقها على كل ما يحدث في العالم من أحداث تخص الانتفاضة السورية، وهو ما عكس وعي أهالي البلدة وناشطيها الذين كانوا يتابعون كل شيء.

ومثلاً حين تعرض سفراء الدول الكبرى للاعتداء في سورية، رفع ناشطو البلدة لافتة باللغتين العربية والإنكليزية تقول: «يبدو أننا نطلب الحماية ممن هم في حاجة إلى حماية سفرائهم أولاً». وكذلك حين وجهوا نقدهم للمعارضة السورية بالقول «وصّلتينا لنص البير وقطعتي الحبلة فينا»، وصولاً الى لافتة «كفرنبل تريد تحرير التيبت» رداً على الفيتو الصيني في مجلس الأمن الدولي. أما اللافتة الأهم التي رفعها الناشطون والتي تعبّر عن غضبهم بشكل فاجع عن تخلي العالم كله عنهم وتركهم يواجهون الموت العاري فكانت: «يسقط النظام والمعارضة...تسقط الأمة العربية والإسلامية...يسقط مجلس الأمن...يسقط العالم...يسقط كل شيء»، وهي اللافتة التي تم تناقلها بكثافة على صفحات الفايسبوك وتحدث عنها الكثير من التقارير الإخبارية.

انها الثورة...حكايات لا تنتهي...تاريخ يُكتب بدم الشهداء وصوت تطلقه حناجر المحتجين وقلم جريء لا تكسره قوة. وحكاية الشعوب من اجل نيل الحرية لا تنتهي بل دائماً تحيا بالبدايات.