مبارك مزيد المعوشرجي / ولي رأي

خطاب العقل والروح

1 يناير 1970 07:59 ص
عاش المسلمون السنة والشيعة في البلاد العربية كافة وبالأخص في العراق أكثر من 14 قرناً إخوة وجيراناً، متصاهرين ومتعاهدين وإن حدث أي خلاف بينهم فالحكم للشرع الإسلامي والعادات العربية، والأعراف القبلية، هو الحل، والقضاة هم المشايخ والشيوخ.

حتى جاءت فتنة «داعش» التي ساوت بالتكفير والقتل بين جميع مكونات الشعب العراقي، الدينية منها والعرقية، دون تمييز، فتوحدت هذه المكونات وحملت السلاح للقضاء على هذه الشرذمة وتطهير الأراضي من احتلالها.

ولكن وللأسف اندس بين هذه الجموع من لديه أجندات خارجية، وأحقاد عنصرية وأوهام بقيام امبراطورية فارسية، عاصمتها بغداد، كما صرحوا، إلا أن القادة العراقيين ممن يتحلون بالوطنية- عدا الدكتور حيدر العبادي رئيس الوزراء- أجمعوا على رفض هذه الفكرة وعابوا على من جاهر بها، وأصروا على استقلالية العراق من أي تبعية، فبغداد عاصمة الرشيد، ولا يمكن أن تكون فارسية.

ولعل فيما قاله ممثل سماحة المرشد السيد علي السيستاني- الشيخ أحمد الصافي- في صحن مسجد سيدنا الحسين رضي الله عنه ومن خلال خطبة الجمعة الماضية الرد على الأوهام والأطماع إذ قال فضيلته أمام الألوف ما يلي: «إن القوات العراقية من الجيش والشرطة ومن متطوعي الحشد الشعبي، ورجال العشائر الغيارة، يخوضون معركة مصيرية للدفاع عن العراق في حاضره ومستقبله»، وأضاف: «إننا نعتز بوطنيتنا وهويتنا واستقلالنا وسيادتنا، وإذا كنا نرحب بأي مساعدة تقدم من أصدقائنا وإخواننا فإننا نشكرهم عليها، ولكن هذا لا يعني أن نغض الطرف عن هويتنا وسيادتنا، لقد امتزجت دماء العراقيين من جميع الطوائف في هذه المعركة»، وقال أيضا: «إن تلاحم الصفوف بين مكونات الشعب العراقي له الأهمية في دحر الأعداء من الأراضي المغتصبة، لأن العدو كان يستهدف تفتيت وحدة الشعب، وأن التماسك بين هذا الشعب لابد أن يزداد، وأن القوات العراقية والمتطوعين إنما يدافعون عن العراق هذا البلد الحضاري».

وفي خطاب العقل والروح هذا نفي ورفض لأي حديث عن حرب طائفية بين السنة والشيعة في بلد عاش فيه ويعيش الكثير الكثير من الأعراق والأديان والمذاهب التي نشأت منذ فجر الإنسانية، سواء أكانت هذه الأديان سماوية أو غير ذلك، وما تهديم «الدواعش» وتخريبهم للآثار إلا محاولة لطمس هذه الحقيقة.

****

إضاءة:

يقول سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: «إن هلك كسرى فلا كسرى بعده»... فهل يتعظون؟