حوار / «صوتك شغلة» أعادها إلى التقديم التلفزيوني... بعد غيبة طويلة

ميراي مزرعاني لـ «الراي»: مقاييس المذيعة أصبحت... عُرياً وشفتين كبيرتين ومفاتن صارخة!

1 يناير 1970 03:32 م
•مايا دياب حبيبة قلبي... كانت معي في «ال بي سي» وتحمل لي «الإناء»

• ثلاثة أرباع المذيعات لا يقدِّمن برنامجاً... بل عرضاً للأزياء «أو شو ما بدّك»!

• لا أفهم كيف لمطربة تملك صوتاً وجمهوراً أن تلجأ إلى التقديم

• «ما بعيني برامج» لأن كل ما قدّمتُه كانت تقع عليه عيون الإعلاميين

•منى أبو حمزة ناعمة ولذيذة ومرتّبة وتجيد الحوار مع ضيوفها... ومثلها رابعة الزيات

• لا أستطيع الاختيار بين الإذاعة والتلفزيون... فحبي لكل منهما يضاهي الآخر
كفراشةٍ يقودها الشوق إلى النور...

وبعد غياب عن الشاشة الصغيرة دام طويلاً...

عادت ميراي مزرعاني، ولكن هذه المرة من خلال تلفزيون «الجديد» وبرنامج «صوتك شغلة» الذي بدأ عرضه يوم السبت الماضي، وتقدمّه بالمشاركة مع الفنان أمير يزبك، وذلك بعدما كانت حصرت تجربتها طوال الفترة الماضية في تقديم البرامج الإذاعية.

«الراي» تحاورت مع ميراي مزرعاني، التي كانت شاهدة ومشارِكة في «العصر الذهبي» للتلفزيون، فأكدت أنها ليست نادمة على غيابها، لأن البرامج التي تُقدم اليوم لا تناسبها، منتقدةً «إلغاء دور المذيع وحصره في التعريف بالضيوف بعيداً عن الارتجال، وتَحوُّل المذيعات إلى مجرد شكل مثير»، ومشيرةً إلى أن مقاييس المذيعة أصبحت «شفتين كبيرتين وصدراً كبيراً ومفاتن لافتة... وكفى»!!

مزرعاني تطرقت إلى آرائها في كثير من موضوعات الفن والفنانين، وعرّجت على قضايا الإعلام والإعلاميين، في جلسة «فضفضة» مع «الراي»، نسرد تفاصيلها في السطور التالية:

• لماذا ابتعدتِ عن الشاشة الصغيرة بالرغم من أنك من الأسماء العريقة في التقديم وتجمعين بين الخبرة والتجربة والشهرة؟

- أولاً لأنه لا توجد برامج مناسبة لي، وثانياً لأن هناك إلغاءً لدور المذيع الذي أصبح يقتصر دوره على «التعريف» ولا يعطي شيئاً من عنده. برامج الألعاب التي تستقبل الناس لم تعد موجودة، بل كلها تقتصر على استضافة الفنانين وليس الناس العاديين، إلا إذا استثنينا برامج الهواة الفنية. أحياناً تصلني عروض، ولكنها غير مناسبة ومن المستحيل أن أقبل بها. أما بالنسبة إلى برنامج «صوتك شغلة»، فأنا أحببتُ فكرته عندما عُرضت عليّ، لأنها مهضومة، والمشتركون فيه هم أناس عاديون يشبهوننا ونشبههم، ولكن لم تتح أمامهم الفرصة للظهور على الشاشة والمشاركة في برامج هواة. مثلاً يمكن أن نستضيف امرأة عمرها 70 سنة لم تطلّ في حياتها على الشاشة، ولكن صوتها جميل. البرنامج «مهضوم» وليس جدياً، صحيح أن فيه جوائز ولكنه لا يشبه برامج سيمون أسمر السابقة، الذي يشارك معنا في البرنامج. وأعتبر أن وجوده إضافة وقيمة كبيرة على البرنامج. في الماضي، عندما كنت أطل في البرامج، كان سيمون أسمر يجلس في «الريجي» ويتولى مهمة الإخراج، أما في هذا البرنامج فهو بيننا، ووجوده معي أسعدني إلى حد كبير.

• أشرتِ إلى أنه تم إلغاء دور المذيع، فهل توافقين على أن متطلّبات التقديم أصبحت تتمثل هذه الأيام، في التعرّي إلى جانب ساقين وصدر مكشوف؟

- هذا ما يحصل فعلاً، ولكن ليس هذا هو المطلوب. شكل المذيعات في أوروبا وأميركا لا يشبه شكل مذيعاتنا. يجب أن ترتدي المذيعة ملابس يمكن للناس العاديين ارتداؤها، وليس أناس الفضاء فقط، كما يفترض فيها أن تشبه الناس لا أن تكون بعيدة عنهم كي يتم التواصل بينها وبينهم.

• هل ترين أن المذيعة اللبنانية تسيء إلى صورة المذيعة؟

- لا أريد أن أشمل الكلّ بكلامي، ولكن مقاييس المذيعة اليوم أصبحت شفتين كبيرتين ومفاتن لافتة، أو بالأحرى صارخة... فقط، وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق. كنا نقدم برامج وكنا نرتدي ملابس تحترم عين المشاهد، وأنا كنت أطلب فستاناً بإمكان أي امرأة تشاهدني أن تلبس مثله.

• بعيداً عن التعميم، هل يمكن القول إن صورة المذيعة سطحية في لبنان، وكذلك صورتا المغنية والممثلة؟

- وهذه الظاهرة لن تستمر لأنها مجرد كذبة.

• ولكنها موجودة منذ فترة طويلة؟

- لأن بعض المحطات لا تريد سوى فتاة حلوة ومثيرة. لسنا ضد الجمال، ومن الضروري أن يكون شكل المذيعة مقبولاً، لأنها تطل على الشاشة والناس سيتابعونها لمدة ساعة أو ساعتين، ولكن هناك معايير أخرى يجب أن تتوافر فيها أيضاً، كأن تكون قريبة من القلب وذكية وسريعة البديهة، ولديها خلفية ثقافية، وأن تجيد اغتنام الفرصة والنكتة، ولا تعتمد فقط على الملابس وتصفيف الشعر.

• هل الوضع الحالي الذي تشيرين إليه سرقك من عمرك المهني؟

- لا أشعر بالندم ولو دقيقة واحدة، لأنني لست موجودة في هذه الأجواء، مع أنني عدتُ إلى الشاشة مع «صوتك شغلة»، لأنني أعتبر أن الفترة التي عملتُ فيها مع سيمون أسمر ورياض شرارة، وفي «ال بي سي» كانت الفترة الذهبية للتلفزيون، ولا أعتقد أنها يمكن أن تعود. كنت أطل بشكل مباشر على الهواء وأقدم مهرجاناً مدّته بين أربع وخمس ساعات، من دون أن يدخل الملل إلى قلوب الناس. هكذا كانت الفترة الذهبية للتلفزيون وهكذا يكون التقديم، «وهول اليوم ما شي» مقارنة معنا ومع تلك الفترة. هم يقرأون ما هو مكتوب أمامهم حرفاً بحرف، بينما نحن لم نكن نعرف ما معنى «lecteur». «هلق بيطلعوا وبيقروا كل شيء بعيونهم... هل هيدا شغل!». نحن كنا نرتجل كل شيء، ونحضّر كل شيء وندوّن ملاحظات على البطاقات، ونحاور الفنان ساعة على الهواء، ولم يكن أحد يهمس كلمة واحدة في آذاننا. لم تكن توجد «سماعة» في أذني ولا أي شيء آخر.

• هل عوّضت عليك تجربة التقديم الإذاعي بُعدك عن التقديم التلفزيوني؟

- أكثر مما تتصوّرين. لا يمكن أن أعبّر عن مدى حبي وسعادتي للتجربة. مساحة الحرية المسموح لي بها لا حدود لها، والناس يتواصلون معي بشكل غير معقول وفي كل المناطق اللبنانية.

• يبدو أن الناس يحبون ويتابعون البرامج الإذاعية؟

- طبعاً، وهناك أناس متعلّقون بالاستماع إلى الإذاعة، ولا يمكن أن يتخلوا عنها، حتى إن هناك أناساً يتصلون بشكل يومي.

• وبالنسبة إلى المقدمات الإذاعيات. ألا تلاحظين أموراً غير لائقة يتم وصفها بالسخافةً والغباء عند البعض؟

- كثيرات هن السخيفات، ولكن بالنسبة إليّ، ولأنني ابنة تلفزيون وأتيتُ إلى الإذاعة من التلفزيون، لا يمكنني أن أدخل في منافسة مع المقدّمات الإذاعيات.

• لماذا؟

- لأنهن أولاد إذاعة، ووُلدت تجاربهن فيها. صحيح أنني عملتُ في إذاعة «لبنان الحر»، ولكنني كنت في الأساس في التلفزيون. الناس لا يعرفون المقدمات الإذاعيات، بل هم يسمعون أصواتهن فقط عبر الأثير، بينما عندما يكون وجه المذيع معروفاً عند المستمع، فهو يصبح أكثر قرباً منه. المستمعون يعرفون كيف أضحك، وأحياناً يتصلون بي ويقولون «بس ضْحكتي... ما وطيتي» لأنك تنحنين عندما تضحكين. الصورة تصبح مقرونة بالصوت، والناس يتخيلون المذيعة عندما يستمعون اليها عبر الإذاعة.

• لو خُيرتِ بين الإذاعة والتلفزيون. أيهما تختارين؟

- لا يمكنني أن أختار بينهما. التلفزيون جميل جداً، ولكن حبي للإذاعة يضاهي حبي للتلفزيون. حبي للإذاعة جنوني ولا أصدق نفسي متى أجلس وراء الميكروفون كي أتكلم إلى الناس وأتحاور معهم. إلى ذلك، فإن الحوار في الإذاعة يكون محصوراً في موضوع معيّن، بينما في التلفزيون يمكن التطرق إلى كل المواضيع. تجربة التقديم التلفزيوني شاملة ومتجددة وفيها مواكبة للحدث.

• مَن أفضل مذيعة تلفزيونية في لبنان؟

- أنا لا أشاهد ولا أسمع.

• معقول؟

- طبعاً. كي لا أتأثر وأنزعج.

• يبدو أن المذيعات يُثرْن استفزازك؟

- هذا صحيح. أحياناً تصدر عنهن أخطاء لا يمكن أن تُحتمل، وتصرفات لا يمكن أن تطاق. ثلاثة أرباع المذيعات يقدمن عرضاً وليس برنامجاً. هو عرض للأزياء، «أو شو مابدك».

• عرض للسيقان وغيرها؟

- عندما أرتدي فستاناً، كنت أسأل سيمون أسمر «شو رأيك منيح؟»، فكان يردّ عليّ «كثير مرتّب»، وينتهي الحديث. الفستان يجب ألا يأخذ حيزاً أكبر من اهتمام المذيعة ووقتها. أنا لا أقول إنها يجب أن تطلّ «مشبشلة»، ولكن الناس ينتظرون من المذيعة الكلام الذي تقوله، ويجب أن ينشغل بالهم بكلامها وليس بفستانها.

• كيف تنظرين إلى اتجاه الفنانات نحو التقديم وتعدّيهن على دور المذيعات؟

- لا أفهم ماذا يمكن أن تفعل المذيعات في حالة مماثلة. مثلاً: هل يمكننا أن نغني؟! المشكلة أننا لا نجيد الغناء، وإلا كنا «غنينا محلّن».

• يبدو أنك ضد هذه التجربة؟

- لا أريد أن أقول إنني ضدها، لأنني أعرف فنانات يقدمن برامج، وإذا قلت إنني ضد التجربة، فإنهن سيقلن «قامت علينا». المسألة لا علاقة لها بكوني «ضدّ» أو «مع». هذه التجربة «بس كل واحد يشتغل شغله». أنا لا أفهم كيف أن فنانة تملك صوتاً وجمهوراً يمكن أن تقدم برنامجاً، ولكن ربما يعود السبب إلى أن البرامج التي يقدّمنها فيها غناء. كما هي الحال بالنسبة إلى برنامجيْ أصالة نصري ومايا دياب، ما يحتم على المذيعة أن تكون فنانة.

• مايا دياب لا تغني في برنامجها؟

- كنتُ أعتقد أنها تغني مع ضيوفها.

• يبدو أنك لا تتابعين برنامج مايا؟

- المسألة ليست أنني لا أتابع برنامجها، ولكنني لا أكون موجودة في البيت. مايا دياب حبيبة قلبي، وهي كانت معي في برامج «ال بي سي»، وكانت تحمل لي «bocal» (الإناء). منذ صغرها مايا تحب الفن والشهرة والأضواء.

• ما رأيك بمنى أبوحمزة ؟

- «بتجنن»، ناعمة ولذيذة ومرتّبة وتجيد الحوار مع ضيوفها، ومثلها رابعة الزيات. في برنامجيْ رابعة ومنى، توجد كلمة حلوة وخبرية، وتتاح الفرصة كي نعرف بعض المعلومات عن الفنان وعن أعماله الجديدة. لكن المشكلة أن كل البرامج أصبحت متشابهة، وتُعرض في توقيت واحد. الإثنين، نشاهد طوني خليفة وريما كركي وجو معلوف في وقت واحد، «ولا يمكن أن نلحّق عليها»، والخميس يُعرض برنامجا رابعة ومنى. «صاروا متل بعض ورح يوحدوا المحطات».

• هذا يعني أنك تشاهدين التلفزيون؟

- ليس دائماً، لأنني أسهر مع زوجي خارج البيت، ونزور أهلنا والأصحاب ونلعب الورق.

• وربما لأنه لا توجد برامج تشدّ المشاهد؟

- هذا صحيح. إلى ذلك، نحن نشاهد الوجوه نفسها تنتقل من شاشة إلى أخرى. الأمور صارت محصورة، انطلاقاً من عدد سكان لبنان مقارنة مع عدد الفنانين والإعلاميين، ولذلك أنا لا أطل دائماً كي لا يملّ مني الناس. وإذا لم يكن في جعبتي جديد كي أتحدث عنه لا يمكن أن أطلّ في الإعلام. أحياناً، تفيد الإطلالة الشخص بنسبة 1 في المئة وتلحق به الأذى بنسبة 99 في المئة، ولذلك من الضروري أن ندرس إطلالاتنا جيداً.

• بصراحة، هل يمكن القول إن «عينك» على برنامج معين؟

- أبداً، «ما بعيني برامج»، لأن كل البرامج التي قدمتُها كانت عيون الإعلاميين عليها. لطالما حوربتُ عندما كنتُ في «ال بي سي»، ولطالما كانوا يقولون للمخرج سيمون أسمر: «ليش ميراي في كل المهرجانات والبرامج»؟ كثيرون غاروا مني، وقدمتُ الكثير من البرامج «وما بقى بعيني».