حوار / «وُلِدْتُ من جديد في (قدرات غير عادية)... وأفضّل برامج المنوعات»
نجلاء بدر لـ «الراي»: «مرتزقة الفضائيات» شوّهوا وعي الجمهور
| القاهرة ـ من سالي أشرف |
1 يناير 1970
06:33 ص
جريئة وعفوية وتعبر إلى القلوب بسلاسة ودون استئذان.
إنها الفنانة والإعلامية المصرية نجلاء بدر، التي تلاحقها الأعين أينما حلت.
في جديدها السينمائي «قدرات غير عادية، الذي يحمل توقيع أحد أهم مخرجي السينما المصرية في الوقت الراهن المخرج داود عبدالسيد، لا تتوقف بدر عن إثارة الجدل، حتى قبل طرح الفيلم في دور العرض السينمائي، حيث توجهت إليها أصابع الاتهام بإهانة الزي الإسلامي، بعد ظهورها في برومو الفيلم وهي ترتدي النقاب تارة، و«المايوه» تارة أخرى.
واستقبلت بدر الهجوم الذي أثاره برومو الفيلم بهجوم مضاد، واضعة كتابات بعض نقاد الفن في خانة «هرش الدماغ»، ومستغربة أن أغلب النقد الذي وجِّه إليها، اعتمد على مشاهد مقطعة تبلغ دقيقتين فقط دون مشاهدة الفيلم.
وأكدت بدر في حوارها مع «الراي»، أن الدراما المصرية تخلت عن الصورة المثالية للأبطال، معتبرة أن وجود دماء جديدة من المؤلفين والمخرجين، خلقت روحاً إيجابية ومكّنت الدراما المصرية من اللحاق بركب السينما، في رصد شخصيات واقعية لا تستخف بعقلية المشاهد.
وتحدثت عن تجربتها مع المخرج داود عبدالسيد، ورأيها في البرامج السياسية كإعلامية وبرنامجها الجديد، وهنا نص الحوار:
• في البداية حدثينا عن دورك في فيلم «قدرات غير عادية»، الذي أثار ضجة واسعة؟ ـ أجسد في الفيلم شخصية «حياة»، وهي مطلقة وأم لطفلة تدعى «فريدة» تبلغ من العمر 7 سنوات، وتدور أحداث الفيلم في «البنسيون» الذي تملكه «حياة»، راصداً شخصيات النزلاء، الطبيب وأستاذ الموسيقى ورجل الدولة والشيخ، بالإضافة إلى صاحبة «البنسيون» التي أجسدها، وهي امرأة وحيدة ومطلقة تربطها علاقة عاطفية بالطبيب.
• كيف كان ترشيحك للبطولة؟ ـ في البداية اتصل بي المخرج داود عبدالسيد، وقال لي «أنا عايزك في فيلم معايا ينفع تيجيلي المكتب بكرة»، فقاطعته على الفور قائلة: «مينفعش النهاردة؟!»، وبالفعل ذهبت وقابلته وأخذت السيناريو وقرأته وأصبت بالذهول، خصوصاً أنه كتب السيناريو برؤية إخراجية، جعلتني أشاهده صوراً حية أمامي، وفي تلك اللحظة قلت لنفسي هذه هي السيناريوات التي يجب أن تدرّس في معهد السينما. وبعد نحو شهر من التصوير سألته لماذا اخترتني في فيلمك؟، لأكتشف أن الأستاذ داود متابع جيد للدراما، وشاهد لي مسلسلين للمخرج الكبير خيري بشارة، هما «ريش نعام» و«الزوجة الثانية»، ويرى أنني ممثلة شاطرة. وأنا عن نفسي، أعتبر اختيار المخرج داود لي في هذا الدور شهادة ميلاد بالنسبة إليّ، فهو مخرج كبير ولديه رؤية نافذة في الممثل ويستطيع أن يخرج أفضل ما لديه، خصوصاً أنه كاتب الدور بأسلوب دقيق حتى لحركة الكاميرا.
• ظهورك في «برومو» الفيلم بالنقاب ثم المايوه خلق حالة من الجدل...ما تعليقك على هذا الجدل؟ ـ أولاً، الفيلم لم يُطرح في دور العرض، و«البرومو» هو وسيلة لخلق مثل هذا الجدل، إذ يتم أخذ بعض المقتطفات الخاصة بالشخصيات، لتكوين قصة في دقيقتين فقط. وبالرغم من ذلك، فوجئنا بأنه تمّ بناء العديد من وجهات النظر، وطرح العديد من المانشيتات الساخنة من دون العلم بشيء، واستناداً فقط إلى هذا «البرومو» القصير. فأنا من الممكن أن أكون أجسد شخصيتين مختلفتين، أو أنني أحلم مثلاً، أو كنت شخصية وتحوّلت درامياً إلى شخصية أخرى، وكل هذه افتراضات لا تصلح إلى أن نبني عليها مقالات. وأنا شخصياً لا أعتقد أن هذه هي الصحافة، لأن الصحافة يجب على الأقل، أن تستوضح من أطراف الموضوع، وهم الممثلون المشاركون في العمل، أما أن تدبج مقالاً من دون مشاهدة أو بحث، فإن هذا ما أسميه «هرش دماغ».
• وهل ينتمي دور حياة في «قدرات غير عادية» إلى نوعية الأدوار الجريئة التي اعتدت على تقديمها؟ ـ لا...وهذه هي المفاجأة، فالدور ليس جريئاً على الإطلاق، وليست هناك مشاهد جريئة لمجرد الحشو، فأنا عرضت عليّ بعض الأفلام التجارية، وكانت تتضمن العديد من المشاهد الجريئة، ولكنها مجرد مشاهد حشو غير مبررة. أما في فيلم «قدرات غير عادية»، فكل مشهد تم تصويره، لا يمكن أن يُحذف، حتى لا يَحدث خلل.
• ومشهد المايوه؟
- مشهد المايوه لا يتعدى الثانية على الشاشة، وهو عبارة عن «ديالوج» مع نفسي، تصحبه صور تطرح على هذا «الديالوج»، وأستطيع القول إن عين المخرج داود لم تسلط الضوء على جسدي فقط، وللعلم أنه قال لي إنه لو هناك حرج لي تجاه هذا المشهد سيحذفه، ولكنني قلت له «لا»، وأنا على قناعة خاصة بالعمل مع مخرج كبير ولديه رؤية وأنني تعلمت منه.
وداود يعشق المرأة ويقدرها ويرسمها في أفلامه على أنها الحياة، وهذا ما جعله يسمي الشخصية «حياة»، فهو يرسم لوحة فنية جميلة ومبدعة لها، لأن المرأة تشكل له جزءا أساسيا في هذا العالم، وهي سبب وجود الرجل، لذلك فهو يتعامل معها بنعومة بالغة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الفيلم يطرح تساؤلات لا يفرض داود كمخرج وكمؤلف إجابات عليها، وإنما يترك ذلك للجمهور.
• كإعلامية، ما مدى الاتفاق بينك وبين شخصية «آية» التي قمت بتجسيدها في مسلسل «قلوب»؟
ـ شخصية «آية» هي أنا في شكلي وتصفيف شعري، خصوصاً أنني لست المرأة التي ترتدي الكعب العالي والفساتين على الإطلاق، أنا أحب البنطلون الجينز والأحذية التي لا يوجد بها أي كعب، وشعري أيضاً أحبه دائماً «كيرلي»، ولكن لم أتعرض للضغوط التي عانتها «آية»، مثل الجري وراء الضيوف لتقديم برنامجها، خصوصاً أنني طول مشواري الإعلامي كمذيعة، كان هناك فريق من المعدين معي، هم الذين يقومون بالاتفاق مع الضيوف.
• هل فرض عليك هذا الدور؟
ـ نعم...هذا الدور فرض عليّ جماهيرياً، فحين قدم لي السيناريو كان معروضاً عليّ دور آخر، وهو ينتمي إلى الأدوار نفسها التي قدمتها من قبل، وبسبب آراء الجمهور التي كنت أقابلها وتقول لي دائماً، لماذا تقدمين أدوار إغراء فقط؟، قررت الابتعاد عن أدوار الإغراء، واخترت شخصية «آية» المعدة في برنامج تلفزيوني، وهي شخصية بسيطة ليست لديها أي علاقات، وهذا جعلني أعاني من حالة عدم رضا، خصوصاً أنني دائماً أريد أن أقدم أعمالاً بعيدة كل البعد عن شخصيتي الحقيقية.
• هل أنت من الشخصيات التي تهتم بآراء الجمهور؟
ـ ليس هناك نجم من دون جمهور، ولكن على أي فنان أن يقدم كل ما هو متاح من أدوار، وهذا ما جعلني أوافق على شخصية «آية» في مسلسل «قلوب»، فمن وجهة نظري هناك بعض النماذج من الفنانين، الذين اعتادوا على تكرار أنفسهم في قالب معيّن، وهذا بالطبع يعجّل بموتهم جماهيرياً، خصوصاً أن أدواتهم تنفد ولا يمكن تجديدها.
لذلك، قررت أن أخرج من هذا القالب سريعاً، فعمري في التمثيل 4 سنوات فقط، وجسدت دور الفتاة العادية في مسلسل «قلوب»، وشخصية الأم في فيلم «قدرات غير عادية»، وفي مسلسل «أنا عشقت»، أظهر في 19 حلقة من دون ماكياج أو تصفيف شعر، وكنت أغسل وجهي وشعري وأذهب للتصوير، وأرتدي ملابس قديمة وممزقة وعشقت هذا الدور جداً، والآن أصبحت أجسد كل الأدوار، من دون الحصار في نوع معيّن من الأدوار.
• مسلسل «قلوب» خلق حالة من الجدل، بسبب الألفاظ والموضوعات الصارخة، التي تعتبر جديدة على الدراما المصرية؟
ـ لم يكن مسلسل «قلوب» صاحب هذا السبق، فقد سبقته أعمال أخرى، إذ اتجهت الدراما إلى الانفتاح بصورة أكبر من ذي قبل على الواقع، وبعد أن كانت السينما هي الشاشة الوحيدة التي تتناول الموضوعات الجريئة، لحقت بها الدراما التي أصبحت لا تستخف بعقل المشاهد.
وعلى سبيل المثال، لا يمكن أن أظهر البلطجي في صورة ملاك، أو امرأة على السرير ترتدي ملابس طويلة ولا فتاة ليل محتشمة، خصوصاً أن الجيل الحالي أصبح منفتحاً على الإنترنت، ويرى اختلاف الشارع المصري عن السابق، وهذا ما دفع المخرجين الشباب إلى أن يحطموا هذه الثوابت، بفكر دراما الواقع ونقل شخصيات حقيقية من مجتمعنا.
• قدمت العديد من البرامج وغالبيتها برامج تقوم على المسابقات...هل هذا يشبعك إعلامياً؟
ـ أحب البرامج التي تعتمد على الجوائز، لأنها تساعد الناس العادية على الحصول على مبلغ مادي، وحينما يربح متسابق يشعر بسعادة بالغة، وأنا حالياً أصوّر برنامجاً جديداً، ينتمي أيضاً إلى نوعية البرامج الترفيهية، ويحمل جوانب إنسانية للمشاركين، ويقدم لهم مبالغ مالية كجوائز.
• وأين أنت من البرامج السياسية؟
ـ لا يمكن أن أخوض هذه المنطقة، خصوصاً أنني أعلم أنها تحتاج إلى دراسة. ومع كامل احترامي لجميع الإعلاميين، إلا أن هناك الكثيرين ممن يظهرون على الشاشة من دون دراسة أو وعي. فأنا أرى أن البرامج التي تقدم حالياً، ليست سوى سلعة لمجموعة من المرتزقة، لمجرد تقاضي المال وجلب إعلانات يحصل مقدم البرنامج على نسبة منها، من دون النظر إلى السموم التي يبثها، والتي تسهم في تزييف وعي فئة كبيرة من الشعب، ممن يجهلون القراءة والكتابة، ويتلقون معلومات مغلوطة.
وأنا شخصياً أصبحت ألجأ إلى تدقيق كل معلومة، وللأسف اكتشف أن الغالبية يقدمون معلومات مغلوطة، فقررت أن أنفصل عما يقدمه التلفزيون منذ خمسة أشهر تقريباً، وأصبحت علاقتي بالأخبار عبر الإنترنت وبالاعتماد على مراجع موثوقة.