الصراع المكتوم يعود مع بدء العد العكسي لانتهاء ولاية مجالس إدارات شركات القطاع
العمير قرّر إزاحة قيادات «البترول»... فهل ينجح؟
| كتب إيهاب حشيش |
1 يناير 1970
11:38 ص
• 7 وزراء نفط و4 رؤساء تنفيذيين خلال 10 سنوات!
• مواجهة غير مسبوقة بين وزير النفط وقيادات القطاع
في لقائهما الأخير على هامش إحدى المناسبات، بشّ وزير النفط الدكتور علي العمير في وجه «أبو فجحان» (الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية نزار العدساني)، وبدا اللقاء المفرط في الودّية وكأنّه بعد غياب طويل، كما لو أن مكتبيهما ليسا في مبنيين متلاصقين.
بين مكتب «بوعاصم» ومكتب «بوفجحان» مسافة تزداد بعداً في ظل الرغبة الواضحة لوزير النفط بتغيير القيادات التنفيذية، حتى أن القطاع النفطي يبدو في حالة انتظارٍ لتغيير يبقى منتظراً ولا يأتي.
ومع بدء العد العكسي لانتهاء ولايات مجالس إدارات الشركات التابعة لمؤسسة البترول هذا الشهر، يبلغ الصراع المكتوم أشدّه، وسط تكهنات بأن الوزير يبذل كل جهد ممكن لإزاحة القيادات الحالية والإتيان بمجلس جديد للمؤسسة الأم يمهد له الطريق لإعادة تشكيل التعيينات في جميع شركات القطاع على نحو يتيح له إحكام قبضته على مفاصله، ليظل الرئيس التنفيذي وحيداً ومحاصراً في مجلس إدارة المؤسسة وإدارات الشركات التابعة حتى نهاية ولايته.
لكن هل يتحمل القطاع النفطي مزيداً من التغييرات في صلب مراكز قراراته؟ سؤال يطرح نفسه مع وجود هذا الزخم والحديث والتهديد المستمر عن وجود تغييرات، تارة تغيير وزير النفط وتارة تغيير الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية وتارة أخرى تغيير وتدوير القيادات النفطية.
وترى مصادر أن هذا الحديث ومصدره يعكس عدم القدرة على التوافق مع العمل المؤسسي، وبالتأكيد ليس من صالح القطاع النفطي الذي ما لبث أن ينعم بالاستقرار عاماً حتى «هاج وماج»، ووجد قياديو النفط الجدد أنفسهم وجهاً لوجه أمام وزير النفط الشعبي، والعكس صحيح، على افتراض أنه لا يوجد توجه مسبق لدى مركز القرار في القطاع النفطي بمواجهة تطورات بهذه السرعة، وهي المرة الأولى التي يتواجه فيها وزير النفط مع قيادات القطاع بدلاً من مساندتهم.
لدى الطرفين تساؤل استنكاري: لماذا هذا التحدي؟ ويرد متابعون بالقول «لايوجد توجه مسبق بالمواجهة، وببساطة شديدة يمكن العمل بشكل مؤسسي للصالح العام، وهذا مايقوله كل طرف بعيداً عن الحسابات الأخرى. ومن لديه رؤية فعليه طرحها وإقناع مجلس الإدارة بها، هذا إذا كانت هناك نية للتعاون من أجل الصالح العام والقطاع النفطي».
وترى مصادر أخرى أن هذه الفكرة صعبة المنال، فالوزير حدد خياراته والقيادات تعلم أنه يرغب بالتخلص منها، ومن هنا يصعب الجمع بينهم «إلا ان تصافت النيات.. وهذا صعب».
بيد أن هناك آراء أخرى ترى أن هذا الكلام غير صحيح ولا شيء من هذا الكلام، لكن الضغوط التي تعرض لها القطاع في بدايات تولي وزير النفط وضعت قيوداً أمامه، ما تسبب في ابتعاده عن القياديين الذين من المفترض أنهم يقدمون له العون في تنفيذ مهامه.
من جانب آخر، حاول الوزير- بصفته المسؤول الأكبر بالقطاع- التدخل في الاختصاصات التنفيذية للشركات بشكل أو بآخر، ما تسبب بهزة للقيادات النفطية التي لم تتعود أن يتدخل أحد في عملها، فالقطاع النفطي منظم بشكل دقيق جداً بعيداً عن الصراعات، لكنه بالفعل محدد الصلاحيات والواجبات والمهام.
إلا أن قرار الوزير بسحب الصلاحيات التنفيذية من الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول جعل القيادات النفطية تستشعر أنها محاربة، وانها طوال الوقت في وضع دفاعي، الأمر الذي تسبب باستنزف قواها وبالمقابل حمّلها مسؤولية ومهام عليهم تنفيذها.
وتقول مصادر إن نبرة التهديد بالتغيير تضعف موقف من يطلقها، إذ إنها لم تبن على أساس عملي. وفي النهاية القطاع النفطي قائم ولا يجوز لكل وزير أو رئيس تنفيذي تغيير قيادييه، فهي ليست ملكية خاصة، هذا بالطبع إذا ما علمنا أن القيادات الحالية فعلياً هي آخر الخبرات بالقطاع وان تحريكها أو التخلي عنها يعتبر بمثابة «السير على الرمال المتحركة» التي لا يعرف أحد متى تبتلع من يسير عليها، ومن يتحدث أن القطاع النفطي مليء بالخبرات فليقارن سجله بين العام الماضي والذي قبله.
مصادر القطاع النفطي تعتبر أنه قطاع فني لا يجيد السياسة غير أنه اكتوى بنارها وتأمل كثيراً في الوزير الشعبي أن يخفف الضغط عنه، غير أن وتيرة الضغط ارتفعت، وبالتالي حدثت صدمة للقيادات التي اكتشفت أن الواقع بدأ يفرض عليها أموراً بعيدة عن الناحية الفنية، واستشعرت أن الأمور ستسير بها في اتجاه اللاعودة ما لم تقف أمامها وتحمل التبعات، اعتماداً على خبراتها الفنية وتنفيذها للمهام العملية والاستراتيجيات كشركات نفطية تابعة وقطاعات مختلفة.
وعن التغييرات الأخيرة، ترى مصادر أن لها ظروفها، وجاءت بعدما وصل القطاع النفطي إلى نقطة اللاعودة، وبالتالي جميع القيادات كانت قد أدت دورها ومنها من تخطى السن القانونية للخدمة، لكن الوضع مختلف الآن، فخلال السنوات العشر الاخيرة مر على الكويت أكثر من 7 وزراء نفط و4 رؤساء تنفيذيين لو اراد كل منهم التغيير لأغلق القطاع النفطي وتدمر الاقتصاد.
ويوضح كثير من الخبراء أن القطاع النفطي يتميز بتحديد مهام كل فرد ومسؤول فيه، من أصغر عامل إلى الوزير، ولا مشاكل إذا ما التزم كل مسؤول بمهام عمله بدلاً من إضاعة الوقت وهدر الطاقة التي استنزفت القيادات.