سلمان رشدي توقع ضربة من ايران... فأتت من حراسه

1 يناير 1970 09:49 ص
لندن - من إلياس نصرالله

فوجئ البريطانيون أمس، بأن الضربة التي كانت متوقعة من إيران للروائي البريطاني المسلم من أصل هندي سلمان رشدي، أتت من مصدر آخر لم يكن متوقعاً على الإطلاق، وبالذات من داخل مجموعة الحراسة الأمنية المكلفة المحافظة على حياته خوفاً من أن يطاوله سوء جراء الفتوى التي أصدرها الإمام الخميني عام 1989 بإهدار دمه، بسبب كتابه «آيات شيطانية» الذي أجمع النقاد على أنه تجديف ضد الدين الإسلامي وينطوي على إساءة مباشرة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

ويتضح من كتاب جديد يصدر في لندن هذا الأسبوع، أن رشدي الذي أغضب العالم الإسلامي وأثار المسلمين ضده، أغضب أيضاً مسؤولي الأمن الذين أشرفوا على حمايته، وفقاً للمذكرات الشخصية لضابط الأمن المتقاعد رون إيفانز، المسؤول السابق للوحدة الخاصة التي ما زال أفرادها يشرفون على حراسة صاحب «الآيات الشيطانية». ورسم إيفانز في كتابه الذي يحمل عنوان «في خدمة جلالتها»، صورة عن شخصية رشدي وحياته الخاصة لم يكن بالإمكان الحصول على أدق منها لو لم تقرر الحكومة في عهد رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، توفير الحماية لرشدي في مواجهة الفتوى الإيرانية.

فوفقاً لإيفانز «رشدي رجل بخيل ووقح ومتعجرف، ومظهره الخارجي مهمل لدرجة أن فريق الضباط المكلف حمايته أطلق عليه لقب، الرجل الرث». وكشف أن ضباط الأمن الذين أقاموا في منزل رشدي لتوفير الحماية له، كانوا ملزمين أن يدفعوا له بدلاً عن إقامتهم في المنزل، وأنهم كانوا مضطرين للبقاء في إحدى غرف المنزل وعدم الخروج منها في الأوقات التي كان يقضيها رشدي مع عشيقته إليزابيت ويست، التي أصبحت لاحقاً زوجته الثالثة. وذكر أن أفراد الفريق الذي كلف حماية رشدي، كانوا ملزمين دفع عشرة جنيهات استرليني عن كل واحد منهم لرشدي مقابل الإقامة في بيته، وكان الضباط يستردونها لاحقاً من حزينة الدولة، اضافة 16 جنيهاً كانت تدفع للواحد منهم يومياً من خزينة الدولة أيضاً لقاء وجبات الطعام التي كانوا يتناولونها. وقال، «كنت أشعر أن رأسي سيتفجر. إذ كنا نحن أو بالأحرى دافع الضرائب، ندفع لرشدي من أجل توفير الحماية له».

وتابع إيفانز أن حماية مشددة فرضت على رشدي في البداية، حيث عاش في ظروف أشبه بالاعتقال المنزلي لمدة طويلة في منزل تابع له في حي ويمبلدون، جنوب غربي لندن، ولم يسمح لأحد بزيارته على الإطلاق، حتى لنجله ظفار الذي لم يكن عمره تجاوز العشر سنوات في عام 1989. وكشف أن الإجراءات الأمنية كانت على درجة عالية من الشدة وصلت في أحد الأيام، حد إطلاق الرصاص على فتى من أصل هندي كان مكلفاً إحضار الصحف اليومية لرشدي، فظن ضباط الأمن خطاً أنه إرهابي، ينوي اغتيال الكاتب.

ولم يتورع إيفانز عن ذكر تفاصيل دقيقة عن أسلوب تعامله هو وزملاؤه مع رشدي، على نحو ينم عن عدم احترام. وحاول إيفانز تبرير عدم الاحترام هذا بأنه رد فعل على الأسلوب الذي تعامل به رشدي معهم. فروى أنه واثنين من زملائه الضباط أشرفوا على الحراسة في إحدى الليالي فبدأوا يشربون النبيذ. وعندما أفرغوا الزجاجات التي كانت بحوزتهم، بدأوا يبحثون في المنزل عن المزيد من المشروبات الكحولية، فعثر أحد الضباط في المخزن على بضع صناديق من النبيذ الفرنسي، فذهب إلى رشدي وطلب منه أن يبيعه بعض الزجاجات التي عثر عليها، فاستأذن رشدي لبضع دقائق ثم عاد وطلب من الضابط أن يدفع له 45 جنيها لقاء الزجاجة الواحدة. فرفض الضابط وتراجع عن طلب شراء النبيذ.

فغضب الضباط من تصرف رشدي وقرروا معاقبته، وفقاً لإيفانز، إذ كانوا عازمين على مواصلة تناول الخمر، ولم يكن أمامهم سبيل إلى ذلك سوى الذهاب إلى الحانة القريبة من المنزل. فاتفقوا على مخادعة رشدي وأدخلوه إلى خزانة صغيرة تقع تحت السلالم الداخلية في المنزل واحتجزوه فيها. ثم توجهوا إلى الحانة وشربوا حتى الثمالة فيما كان رشدي محتجزاً داخل الخزانة. وعادوا لاحقاً لإخراجه منها.