المال العام... كي لا ننسى / شهوة المال الحرام ولّدت خططاً «شيطانية» نفذها فهد المحمد الصباح وفؤاد جعفر

1 يناير 1970 09:27 م
فهد المحمد الصباح 138 مليون دولار

فؤاد خالد محمد جعفر 83 مليون دولار

خالد ناصر حمود الصباح 20 مليون دولار

• إدارة المتهمين الآثمة اتجهت الى اغتيال الأموال العامة بالحيلة

• النشاط الإجرامي للمتهمين سهل لأجانب الاستيلاء على أموال الكويت بطرق ملتوية احتيالية
| كتب المحرر المحلي |

نحو نصف مليار دولار، لا تزال ضائعة على أبناء الكويت، فيما يتمتع بها «سراق» المال العام بعيداً عن الكويت، وهم الذين سيطرت عليهم شهوة جمع المال الحرام، فاتجهوا إلى اغتيال الأموال العامة بدل حفظها وصونها وتنميتها.

ومع «الهمة» الحكومية تجاه معالجة ملفات الفساد المالي، تبقى ملفات عدة في انتظار تحرك رسمي فاعل لاسترجاع المال العام المنهوب، ومن بينها ملف اختلاسات الاستثمارات الخارجية، وبينها استثمارات لندن، الذي يعتبر إحدى أهم وأخطر قضايا الفساد والتعدي على المال العام في الكويت، خصوصا ان أحكاماً قضائية نهائية صدرت منذ زمن طويل في شأنها تطالب كلا من فهد المحمد الخالد الصباح، فؤاد خالد محمد جعفر وخالد ناصر حمود الصباح برد مبالغ تصل إلى نحو 241 مليون دولار وبتغريمهم القيمة نفسها.

وفيما لا يزال المجرمون هاربين يستمتعون بالمال الحرام الذي سرقوه من أموال الكويت، تساؤلات عدة تطرح عن أسباب غياب التحرك الحكومي الفاعل حتى الآن لجلبهم وتنفيذ الأحكام الصادرة في حقهم.

كي لا ننسى. كي تعود أموال الكويت لأهلها. كي تكون حرمة المال العام شعاراً حقيقياً فعلاً لا قولاً.

«الراي» تنشر على حلقات التفاصيل الكاملة لقضية اختلاسات استثمارات لندن، والمتهم فيها كل من فهد الصباح، فؤاد جعفر وخالد الصباح، وكيف تجرأ بعض أبناء الكويت على استحلال المال العام والمساس به.



ثبت من مطالعة تقرير «بيت ماروك» لتدفق الحسابات ان المتهم الأول فهد المحمد الصباح عين رئيساً لمكتب الاستثمار الكويتي بلندن اعتبارا من 1 /‏‏‏7 /‏‏‏1984 حتى استقالته في 8 /‏‏‏4 /‏‏‏1992 - وفضلا عن ذلك فهو كان عضوا بالهيئة العامة للاستثمار التابع لها هذا المكتب اعتبارا من 10 /‏‏‏2 /‏‏‏1991 حتى 23 /‏‏‏10 /‏‏‏1992 - كما انه منذ 27 /‏‏‏3 /‏‏‏1987 ترأس مجلس ادارة مجموعة توراس التي تساهم الهيئة العامة للاستثمار فيها عن طريق مكتب الاستثمار بنصيب في رأسمالها - وفضلا عن ذلك فانه كان عضوا بمجلس ادارة العديد من الشركات التابعة لمكتب الاستثمار الكويتي او لمجموعة توراس وبأنه حصل على اقامة دائمة من حكومة الكومنولث - البهاما بموافقة زوجته بادبرا الصباح، وان المتهم الثاني فؤاد خالد جعفر عين المدير العام لمكتب الاستثمار الكويتي بلندن منذ عام 1984 حتى استقالته في 20 /‏‏‏3 /‏‏‏1990 - كما انه كان نائب رئيس مجلس ادارة مجموعة توراس من 27 /‏‏‏3 /‏‏‏1987 حتى 26 /‏‏‏5 /‏‏‏1992 - كما كان رئيسا لمجلس ادارة شركة بريما التابعة لمجموعة توراس وشركة ميتركس التابعة لمكتب الاستثمار وعضوا بمجلس ادارة عدة شركات منها سبريو انباكسا وكولمس وكوكرميو التابعة لمكتب الاستثمار.

واشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى انه: من المقرر ان اركان جريمة الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها بالمادة 45 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل قانون الجزاء تتحقق متى استولى الموظف او المستخدم بغير حق على مال للدولة او لاحدى الهيئات او المؤسسات العامة او الشركات او المنشآت اذا كانت الدولة او احدى الهيئات او المؤسسات العامة تساهم في مالها بنصيب، وذلك بانتزاعه منها خلسة او حيلة او عنوة ويتحقق القصد الجنائي في هذه الجريمة باتجاه ارادة الجاني الى الاستيلاء على المال العام بنية تملكه واضاعته دون اعتداد بالباعث على ارتكاب الجريمة، كما ان جريمة تسهيل الاستيلاء للغير من دون حق على المال العام تتحقق بكل فعل يقوم به الموظف العام او من في حكمه من شأنه ان يسهل للغير الحصول على ذلك المال ويعتبر الموظف العام فاعلا اصليا في هذه الجريمة الخاصة باعتباره المسؤول عن وقوعها اذ لولا نشاطه الاجرامي لما استولى الغير على المال العام.

وحيث انه لما كان ما تقدم وكانت هذه المحكمة قد اطمأنت على ادلة الثبوت التي سلف سردها لسلامة مأخذها وكفايتها للتدليل على ثبوت الاتهام في حق المتهمين الاول فهد المحمد الصباح والثاني فؤاد خالد جعفر اللذين خانا الامانة الوظيفية وسيطرت عليهما شهوة جمع المال الحرام فاستغلا المهام الوظيفية المنوطة بهما باعتبار الاول كان رئيسا لمكتب الاستثمار الكويتي بلندن المملوك للهيئة العامة للاستثمار ورئيسا لمجلس ادارة مجموعة توراس والعديد من الشركات التابعة للمكتب والثاني المدير العام لمكتب الاستثمار بلندن ونائبا لرئيس مجلس ادارة مجموعة توراس - فقد قاما بالاستيلاء على الاموال العامة المتمثلة في المال الاحتياطي للدولة والاموال المخصصة لاحتياطي الاجيال القادمة والتي كانت قد حرصت الدولة على ادخارها لدى مكتب الاستثمار الكويتي لاستثمارها وتنميتها ومضاعفتها لصالح اجيال البلاد المستقبلية وحتى تستمر نهضة البلاد وتقدمها وتعزيز مستقبلها الاقتصادي، الا ان ادارة المتهمين الآثمة اتجهت الى اغتيال هذه الاموال والاستيلاء عليها حيلة بنية تملكها غير عابثين بضياعها على الدولة تحقيقا لاطماعهما الشخصية، ولم يقف النشاط الاجرامي للمتهمين عند هذا الحد بل سهلا لآخرين من الأجانب ممن لهم صلة بمكتب الاستثمار - الاستيلاء على اموال الكويت بطرق ملتوية احتيالية - على النحو السالف تفصيله بصورة استخلاص الواقعة واقوال الشهود - غير مبالين بالصالح العام لبلادهما - وذلك في محاولة منهما لارشاء هؤلاء الاجانب لعدم كشف خيانتهما وجشعهما.

ولعل مما مكن للمتهمين من ارتكاب هذه المآسي للاستيلاء على المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه لآخرين اجانب مما سبب الاضرار المبينة بتقرير الاتهام لاموال الهيئة العامة للاستثمار، هو انعدام الرقابة الداخلية على اعمالهما وعدم وجود نظام تدقيق محاسبي على نشاط الشركات التابعة لمكتب الاستثمار بلندن، بل تجرأ المتهمان على اثارة العقبات امام كل من كان يحاول من اصحاب الخبرة المساعدة في ادارة شؤون الاستثمار لهذه الاموال بل ومحاربة كل من كان يحاول الاقتراب او الدخول الى عرشهما الوظيفي لعدم اكتشاف افعالهما الاجرامية، فكانت افعالهما المتعددة للاستيلاء على المال العام حيلة بتخطيط شيطاني مع اجانب سيئي السمعة، فتلاقت ادارة الجميع على اغتيال المال العام اشباعا لمطامعهما الشخصية وارضاء لنفوسهما الضعيفة، فكانت خطتهما الاجرامية في اعطاء القرض الوهمي لشركة بنسينكو بمبلغ 300 مليون دولار ليتم تحويل هذا المبلغ لحساباتهما ولحساب اخرين اجانب. واستمرارا في تدبير الخطط الاحتيالية للاستيلاء على اموال مكتب الاستثمار قاما ببيع اسهم شركة اكسا بطريقة ملتوية لشركة كرويسيس بسعر منخفض 42 مليون دولار ثم تقوم الشركة الاخيرة ببيع ذات الاسهم لشركة سمير فيت في غضون فترة قصيرة من شرائها بمبلغ 120 مليون دولار وهو ما ترتب عليه ضرر لجهة عملهما مقداره 78 مليون دولار، كما اقدم المتهمان على شراء شركات الخزف البرتقالية رغم سوء مراكزها المالية وخسائرها واعتراض اعضاء اللجنة التنفيذية على هذه الصفقة، وبرغم ذلك تعمد المتهمان اتمام هذه الصفقة وقاما بمنح مبلغ 35.700 مليون دولار إلى هذه الشركات لسداد ديونها ومن خلال هذه الصفقة استولى المتهمان على مبلغ عشرة ملايين دولار مناصفة بينهما، كما سهلا لاخرين الاستيلاء على مبلغ 12 مليون دولار وترتب على هذه الصفقة اضرار لمكتب الاستثمار تقدر بمبلغ 73.700 مليون دولار.

كما قام المتهمان الأول فهد المحمد الصباح والثاني فؤاد خالد محمد جعفر بالتنسيق مع خافيير دي لاروسا للاستيلاء على مبلغ 110 ملايين دولار بأن اختلقا اتفاقا وهميا مع شركة اوكتورن - التي لم يتجاوز رأسمالها 9 دولارات - برغم تقديم الاخيرة خدمات استشارية في مجال الاستثمار لمجموعة توراس المملوكة للمكتب بشأن شراء الاسهم مقابل عمولة نسبتها من 5 في المئة الى 20 في المئة ولم تقدم تلك الشركة أية خدمات لمكتب الاستثمار لعدم توافر الخبرة لديها في هذا المجال، وانما كان التعاقد معها وسيلة ظاهرية وهمية لتغطية مبلغ القرض، وعن طريق هذه الحيلة توصل المتهمان الى الاستيلاء على المبالغ المبينة بتقرير الاتهام، وفي محاولة منهما لإخفاء أي معلومات عن جرمهما أرسل المتهم الأول بصفته رئيساً لمجلس إدارة مكتب الاستثمار خطاباً بتعليماته الى خافيير دي لاروسا باعتبار هذين القرضين من الديون المعدومة، وبرغم إخفاء مبلغ القرضين من التقرير المحاسبي والميزانية الخاصة بمجموعة توراس عن عام 1990 فقد اعتمده المتهمان.

وبرغم مطالبة الهيئة العامة للاستثمار بالتوقف عن الاستثمار في مجال بيع وشراء العملات نظراً لما سببه هذا الاستثمار من خسائر، إلا أن المتهم الثاني فؤاد جعفر قام بتأسيس شركة ميتركس للاستمرار في ذات النشاط وترأس مجلس إدارتها ثم أبرم اتفاقاً وهمياً مع شركة ايدج ووتر المملوكة للمتهم الأول فهد المحمد الصباح بزعم تقديم الشركة الأخيرة خدمات استشارية لشركة ميتركس بينما كان السبب الحقيقي تسهيل استيلاء المتهم الأول على مبلغ مليون وتسعين ألف دولار استخدمه لدفع مصاريف منازله واليخت الخاص به في جزر البهاما.

ولم يتوقف نشاط المتهم الثاني فؤاد جعفر عن ذلك بل أقدم بمفرده على التعاقد مع شركة G.F.T.A لتقدم الأخيرة برنامجا للكمبيوتر لتحليل الأسهم لصالح ميتركس وعن طريق هذا الاتفاق الذي تمكنت شركة G.F.T.A من الاستيلاء على مبلغ عشرة ملايين دولار برغم أن تقديم برامج الكمبيوتر ليس من نشاطها كما استولى المتهم الثاني على مليون دولار من خلال اتفاق وهمي بين شركة توراس هوستنشن لندن مع شركة جيفانياس بزعم قيام الأخيرة بإدارة حسابات توراس هوستنشن.