واشنطن - يو بي اي - قال القاضي، الذي ترأس جلسات محاكمة صدام حسين، إن «غرائز الديكتاتور السابق للحياة، لم تتأثر بالفترة التي قضاها في السجن لدى القوات الأميركية، وأن المحاكمة في قضية الدجيل كانت نقطة تحوّل في مسيرة العراق».
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن القاضي رائد جوحي حمادي السعيدي، رئيس المحكمة المختصة المكلفة التحقيق مع الرئيس العراقي السابق وأركان نظامه، قال إن صدام سأله في بدء جلسات استجوابه في يوليو 2006 «هل أنت قاض أميركي أم قاض أجنبي»؟
غير أن القاضي الشاب لم يتأثر كثيراً بلهجة صدام العدائية وسؤاله عن القانون الذي يطبقه، وأجابه ساخراً «لقد وقعت أوامر تعييني. أنا أطبق القانون الذي أصدرته أنت. لا توجد لدينا قوانين جديدة».
وأشارت الصحيفة إلى أن جوحي بصفته رئيس المحكمة المكلفة التحقيق مع صدام، أصدر قراراً اتهامياً دان فيه الرئيس الراحل وسبعة آخرين من النظام السابق بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وقتل 148 رجلاً وشاباً في قرية الدجيل الشيعية في العام 1982.
كما دان جوحي، صدام و«علي الكيماوي» بتهمة الإبادة الجماعية وقتل أكثر من 182 ألف كردي في «حملات الأنفال» بين العامين 1987 و1988. وقال إن محاكمة صدام «كانت نقطة تحوّل بالنسبة للعراقيين في نظرتهم إلى نظامهم القضائي بعدما كانوا لعقود طويلة عرضة للرعب بسبب المحاكم الغامضة والسرية المرتبطة مباشرة بصدام الحاكم المطلق».
وتابع: «هذه المحاكمة أرست الأرضية لفلسفة جديدة بالنسبة للعراقيين، وهي احترام حقوق الإنسان وحق المشتبه فيهم بالحصول على محاكمة عادلة بغض النظر عمن يكون أو وحشية الجريمة التي ارتكبها».
غير أن هذه المحاكمة ألقت الضوء أيضاً على القاضي المتواضع والمجتهد الذي شكّل النقطة المحورية في أكثر التحقيقات إثارة في مرحلة ما بعد غزو العراق في العام 2003.
وقال جوحي إنه بصفته شيعياً وخريج كلية الحقوق في جامعة بغداد، شعر بأنه مجبر على الانضمام إلى حزب البعث رغم عدم قناعته، بعدما رفض أول طلب تقدم به للالتحاق في معهد القضاء العراقي بسبب عدم انتمائه إلى الحزب.
وقال إن المجلس القضائي العراقي والحاكم الاميركي السابق بول بريمر طلبا منه المساعدة في قضية صدام وإعطائهم النصائح في شأن كيفية الملاحقة القانونية، غير أنه رفض ذلك. واضاف: «أبلغتهم أنه لا يمكنني المساعدة. لدي وظيفة ولست مستشاراً. أنا قاض وهذه ليست قاعة محكمتي، غير أنهم قالوا إنهم يحتاجون إلي ويمكنهم توجيه أمراً لي في هذا الشأن».
وتابع إنه فكّر في حجم الأعداء الذين سيشكلهم إذا تولى القضية لكن «كنا ننتقد عدم وجود حكم للقانون من قبل، وهذه فرصتنا لكي نبني قضاء جديداً في العراق». وأضاف: «كإنسان، كنت عصبياً جداً من القضية وحول كيفية قيامي بالعمل الصحيح. لقد ولدت في العراق أثناء حكم صدام، وأنهيت جميع دراستي في عهده، ومسؤوليتي كانت إنشاء نظام قضائي جديد يتمحور حول هذه القضية. المسألة كانت ضخمة».
واستعاد جوحي كيفية إدانته صدام عندما حاول إثارة غضبه طارحاً عليه سؤال «عادة هل يمكن لقائد فرقة عسكرية إصدار أوامر باستخدام أسلحة كيماوية»؟ وأضاف: «استشاط صدام غضباً وقال لا. مستحيل. لا يمكن لأحد إطلاق قنبلة أو تحريك قطعة عسكرية من دون أوامري. هذا الأمر امتياز لي لن أتخلى عنه».