قلوبنا خضراء إلى الأبد
1 يناير 1970
05:07 م
عندما دَخلت صالون تجميل النساء، وبعدما حَيت العاملة وأخذت مكانها على الكرسي تنتظر مصففة الشعر، لاحَظت سيدة تنظر إليها، وثمة سعادة تطفر من عينيها، نهضَت وتوجهت إليها، حيتها وقالت: انا أعرفك!
نُقلت من فرع البنك الذي تعمل فيه، لتكون بمنصب مديرة فرع آخر، أثناء أداء العمل، التقت باحدى الموظفات لحل إشكال ما، ما ان نظرت لهوية عمل الموظفة، حتى سألتها: أفلانة شقيقتك؟ وكانت الإجابة «نعم».
صباح اليوم توجهت لمقر عملها كما هي العادة لأكثر من عشر سنوات، لترى وجهاً جميلاً تعرفه، ولكنها لم تلتق به لسنوات عديدة يمر من أمامها، لم تستطع منع نفسها من مناداتها: فلانة! ماذا تفعلين هنا وكانت الإجابة «أنا أعمل هنا منذ ستة عشر عاما»!
كان إعلان إصدار كتابي الأول هو تأشيرة الوصول إلي... والبقية وصلنا إليها عن طريق الاصدقاء المشتركين ممن ما زالت علاقاتنا معهم مستمرة. أكثر من ست عشرة بنت صاحبتني في مختلف المراحل الدراسية من الروضة، فالمرحلة الابتدائية، فالمتوسطة إلى المرحلة الثانوية والجامعة.
التقينا بعد غياب طويل، بالنسبة لي شخصيا آخر لقاء لي بأغلبهن كان عام 1994، ودعتهن ونحن لا نزال نرتدي الفستان الرمادي، والقميص الأبيض.
جميلة هي الحياة عندما تعطينا فرصة أخرى، لنعود أطفالا، حتى لو للحظات، نرمي مسؤولياتنا وراء ظهورنا، نضحك من أعماق قلوبنا، نبتسم، نعود لمقاعد المدرسة.
كم هي جميلة هذه الحياة، عندما تعيدنا لصفاء أيام البراءة، أيام صاحبتنا فيها أناس رحلت. واحدة منا استعجلت الرحيل، ذكرناها جميعاً بالخير «آمنة جاسم العون» رحمها الله، كانت واحدة منا، وما زالت في قلوبنا .
جميل أن نرى إنجازاتنا الجميلة، وما وصلنا إليه اليوم، سيدات فاضلات، أمهات جميلات، منا دكتورة الجامعة، مهندسة البترول، المحاسبة، محللة النظم، وغير هذه المناصب المشرفة الكثير.
التقينا، فكان العناق والفرح، وحتى في لحظة ما لم نستنكر زغاريط فرح اللقاء، كان للصور القديمة حضور في لقائنا. صور مليئة بالبهجة والمرح، وشقاوة الطفولة، كنا أجمل أطفال وما زلنا، صديقاتي... اتركن الزمن يمر لوحده... أطفالنا تشب وتكبر، ونحن قلوبنا خضراء إلى الأبد.