«في العام القضائي الماضي»
حكم استئناف يرسي مبدأً جديداً: دائرة واحدة لجنايات أسواق المال... لا اثنتان
1 يناير 1970
05:05 ص
• الاستدعاء في قضايا «السوق» عبر مندوبي الهيئة ... لا «المباحث»
• لا حضور لأي نيابة سوى «نيابة أسواق المال» في جرائم أسواق المال
أصدرت محكمة استئناف أسواق المال برئاسة المستشار نايف المطيرات حكما أرسى العديد من المبادئ القضائية بوصف أن محكمة استئناف أسواق المال تصدر أحكاما باتّة لا يجوز الطعن فيها، لعلّ أبرزها أن هناك دائرة واحدة لجنايات أسواق المال بحسب الكتاب الوارد من رئيس المحكمة هي التي تنظر في جنايات أسواق المال، لا اثنتان، ما يعرّض الأحكام الصادرة عن الدائرة غير المختصة للطعن.
وثبت أن المتهم في هذه القضية تم استدعاؤه عن طريق المباحث وليس عن طريق مندوبي هيئة أسواق المال كما أن تمثيل النيابة العامة في المحاكمة جاء مخالفا لما نصت عليه المادة 114 من قانون أسواق المال كما أن الحكم لم يصدر من دائرة مختصة بنظر جنايات أسواق المال. وفي سبيل ذلك سعت محكمة الاستئناف لاستجلاء وجه الحقيقة فخاطبت المستشار النائب العام ورئيس المحكمة الكلية للتأكد من توزيع الدوائر وأسماء القضاء ووكلاء النيابة المكلفين، وتبين لمحكمة الاستئناف من خلال الكتب الواردة أن تمثيل النيابة لم يكن متفقا مع خصوصية الإجراءات في قانون أسواق المال كما أن المحكمة المحكمة بحسب التوزيع في كتاب رئيس المحكمة ليست تلك المختصة بنظر جنايات أسواق المال وهو ما انتهت إليه المحكمة بالقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وإعادتها مرة أخرى إلى المحكمة المختصة.
وفي هذا الشأن صرح المحامي الدكتور بدر الملا الذي ترافع في هذه الدعوى أن حكم محكمة أول درجة كان حريا بالإلغاء وهو ما سبق أن نادينا به من أن الإجراءات في قانون أسواق المال لها خصوصية مختلفة في الإجراءات عن الجرائم الأخرى وهو ما انتهت إليه المحكمة من ترسية ثلاث مبادئ هي:
1) أن وجوب الاستدعاء يكون عن طريق مندوبي هيئة أسواق المال وليس المباحث الجنائية ما لم يصحح هذا العوار بحضور المتهم.
2) أن ممثل النيابة في الإدعاء يجب أن يكون من نيابة سوق المال دون غيرها من النيابات.
3) أن هناك دائرة واحدة لجنايات أسواق المال بحسب الكتاب الوارد من رئيس المحكمة هي التي تنظر في جنايات أسواق المال ولم تكن الدائرة التي أصدرت الحكم هي تلك الدائرة.
وختم المحامي الدكتور بدر الملا تصريحه أن هذا الحكم البات غير مسبوق كونه أرسى عديدا من المبادئ وليس مبدأ واحدا في حكم واحد، مثمناً للمحكمة جهدها ورغبتها في استجلاء الحقيقة عن طريق مخاطبة السيد المستشار رئيس المحكمة الكلية والسيد المستشار النائب العام وصولا إلى وجه الحقيقة.
وهنا بعض ما ورد في حيثيات الحكم، ومنطوقه:
«حيث انه عن الدفع ببطلان استدعاء المتهم لتكليفه بالحضور عن طريق شخص غير مختص فإنه في غير محله اذا ان حضور المتهم امام المحكمة وتثبيته بمحاضرها يصحح ما شاب التكليف من بطلان.
وحيث انه عن الدفع ببطلان الحكم المستأنف لصدوره من محكمة غير مختصة، وعدم تمثيل نيابة سوق المال فيه، فإنه لما كان المقرر من نص المادة 108 من القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن هيئة اسواق المال وتنظيم نشاط الاوراق المالية تنص على ان: «تنشأ بالمحكمة الكلية محكمة تسمى «محكمة اسواق المال» يصدر بتحديد مقرها قرار من وزير العدل بموافقة المجلس الاعلى للقضاء وتتألف هذه المحكمة مما يلي:
أ - دوائر جزائية تختص دون غيرها بالفصل في الدعاوي الجزائية المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وتشكل دائرة الجنايات من ثلاث قضاة احدهم بدرجة مستشار على الاقل...».
وكانت المادة 114 من ذات القانون تنص على: «تنشأ نيابة خاصة تسمى نيابة سوق المال تختص تدون غيرها بالتحقيق والتصرف والادعاء في الجرائم التي تختص بنظرها محكمة سوق المال والطعن في الاحكام الصادرة فيها».
بينما نصت المادة 164 من ذات القانون على ان «يعتبر هذا القانون، قانونا خاصا كما تعتبر احكامه احكاما خاصة، ويلغي كل نص في قانون عام او خاص يتعارض تمع احكامه.
واصدر وزير العدل القرار رقم 2010/111 بإنشاء محكمة ونيابة سوق المال، استنادا للقانون سالف الذكر.
وتنفيذ لذلك اصدر الاستاذ المستشار النائب العام القرار رقم 2010/2 ينص على ان «انشاء نيابة خاصة جزئية تسمى «نيابة اسواق المال» تختص بتحقيق القضايا التي تدخل في اختصاصها واعدادها للتصرف قبل ارسالها للنيابة الكلية للتصرف فيها، وتشكل هذه النيابة - موقتا - مدير ونائب مدير ووكلاء نيابة العاصمة، بينما يختص المحامون العامون الاول بالتصرف والادعاء في هذه القضايا.
كما قرر المجلس الاعلى للقضاء، تتم تحديد دوائر جزائية مختصة لنظر قضايا اسواق المال تحدد وفقا لقرار الجمعية العامة لكل محكمة وتوزيع العمل.
ولتحقيق من صحة وسلامة الاجراءات قامت المحكمة بمخاطبة ادارة كتاب المحكمة الكلية والنيابة العامة للاستعلام عن الاساتذة القضاة لمختصين بنظر قضايا سوق المال خلال فترة نظر الدعوي الماثلة امام اول درجة، وكذلك الاستعلام من النيابة العامة عن النيابة المختصة بالتحقيق والتصرف والادعاء في القضايا الخاصة بسوق المال خلال فترة من يناير 2013 لغاية مايو 2014 مع بيان ما اذا كان الاستاذين.
اعضاء بنيابة اسواق المال خلال الفترة 2014/4/17 وحتى 2014/5/8.
وثبت من كتاب المستشار رئيس المحكمة الكلية المؤرخ 9 مايو 2015 ان دوائر اسواق المال الجزائية خلال الفترة من 2014/4/17 حتى 2014/5/8 هي الدوائر التالية:
1 - الجنح: وهي دائرتا جنح 1 وجنح 2 الاولى (...) وتعقد كلاهما بالقاعة 18 بالدور الرابع في قصر العدل.
2 - دائرة الجنج المستأنفة (...)، تنعقد بالقاعة 19 بالدور الرابع في قصر العدل.
3 - بينما دائرة جنايات سوق المال فهي الدائرة 3 (...) والتي تعقد كل يوم اثنين في القاعة 15 بالدور الرابع في قصر العدل.
بينما ورد كتاب الافادة من الاستاذ المستشار النائب العام بأنه عملا بنص المادة 114 من القانون رقم 2010/7 بشأن انشاء هيئة سوق المال وعملا بالمادة 102 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية التي تنص على ان يحدد النائب العام بقرار منه السلطة التي يخولها في هذا الصدد لاعضاء النيابة العامة على مختلف درجاتهم فقد اصدر النائب العام القرار رقم 2010/2 بإنشاء نيابة خاصة جزئية تسمى «نيابة اسواق المال» تختص بتحقيق القضايا التي تدخل في اختصاصها واعدادها للتصرف قبل ارسالها للنيابة الكلية للتصرف فيها وتشكل هذه النيابة -موقتا - من مدير ونائب مدير ووكلاء نيابة العاصمة، بينما يختص المحامون العامون الاول بالتصرف والادعاء في هذه القضايا، وان تمثيل النيابة العامة في حضور جلسات محكمة سوق المال يتم بتكليف من النائب العام لبعض اعضاء النيابات الجزئية ومنهم السيدين عضوي النيابة المذكورين اللذين حضرا بعض جلسات المحاكمة خلال الفترة المشار اليها بتكليف من النائب العام.
لما كان تما تقدم، وكان البين من كتاب المستشار رئيس المحكمة الكلية ان الدائرة الثالثة جنايات (...) هي الدائرة المختصة دون غيرها بجنايات اسواق المال، وكان البين من ديباجة الحكم المستأنف ومحاضر الجلسات انه قد صدر بجلسة 2014/5/8 من دائرة الجنايات (...)، ومن ثم يكون الحكم صادر من دائرة غير مختصة بنظر جنايات اسواق المال الواردة على سبيل الحصر بكتاب المستشار رئيس المحكمة الكلية بالدائرة الثالثة (...)، فضلا على ان الثابت في ديباجة الحكم المستأنف ان الحاضر عن النيابة هو (...) وهو وفقا لكتاب الاستاذ المستشار النائب العام ليس من ضمن اعضاء نيابة العاصمة المكلفين بالعمل بنيابة اسواق المال، مما يترتب معه عدم صحة تمثيل النيابة العامة وفقا للمادة 114 من القانون 2010/7 بشأن اسواق المال وقرار وزير العدل رقم 2010/111 والقرار الصادر من النائب العام رقم 2010/2 بتكليف اعضاء نيابة العاصمة موقتا بعمل نيابة سوق المال، ولا يقدح من ذلك ما ورد بحكم المادة 102 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، لمخالفة ذلك لصريح نص المادة 164 من القانون 2010/7 ومن ثم لا تقوم الحاجة الى الاجتهاد استنادا إلى المبدأ القضائي الشهير «لا اجتهاد في ظل وجود النص».
وحيث لما كان من المقرر أن القواعد المتعلقة باختصاص المحاكم الجزائية في المواد الجنائية تعد من النظام العام بالنظر إلى أن الشارع قد أقام تقريره إياها على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة، وكانت المادة 108 من القانون 7 لسنة 2010 بشأن هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية تنص على أن: «تنشأ بالمحكمة الكلية محكمة تسمى «محكمة أسواق المال» يصدر بتحديد مقرها قرار من وزير العدل بموافقة المجلس الأعلى للقضاء
وتتألف هذه المحكمة مما يلي:
أ - دوائر جزائية تختص دون غيرها بالفصل في الدعاوى الجزائية المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وتشكل دائرة الجنايات من ثلاث قضاة أحدهم بدرجة مستشار على الأقل....».
وكان الثابت مما تقدم، أن الدعوى الماثلة جنايات أسواق مال لم تطرح أمام «محكمة أسواق المال»، وإنما طرحت أمام محكمة غير مختصة - دائرة جنايات مشكلة بغير هيئة أسواق مال - وفصلت فيها رغم عدم اختصاصها بالمخالفة لحكم القانون، ومن ثم يكون الحكم المستأنف خالف القانون وأصابع عوار البطلان لصدوره من محكمة غير مختصة، مما يتعين معه إلغاءه، وإعادة الدعوى للمحكمة الكلية لعرضها على «محكمة أسواق المال» المختصة لنظرها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وبإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الأوراق إلى المحكمة الكلية لعرضها على «محكمة أسواق المال» المختصة، وتحديد جلسة لنظرها وإعلان المتهم بها».