أنشدت الخنساء رضي الله عنها شعراً في الجاهلية ترثي فيه أخاها صخر قالت فيه:
يذكرني طلوع الشمس صخر
وأذكره عند كل غروب شمس
ولولا كثرة الباكين حولي
على اخوانهم لقتلت نفسي
أزمة ارتفاع الأسعار هي ظاهرة عالمية تفجرت بقوة خلال الأشهر الماضية وأصبح الجميع يتباكون عليها ويطلبون الحلول لها مما يخفف لوعتنا في الكويت لاسيما وان نفطنا تزداد اسعاره ولله الحمد.
تقول المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي (جوزيف شيران) بأن أزمة الغذاء العالمية هي (تسونامي صامت)، كما أعلن رئيس البنك الدولي الأسبوع الماضي أن الاقتصاد العالمي قد دخل مرحلة الخطر، واعتبر البنك ان ارتفاع اسعار القمح قد بلغ 181 في المئة خلال ثلاث سنوات، وأسعار المواد الغذائية قد ارتفعت 83 في المئة في نفس الفترة، وان 33 دولة في العالم مهددة باضطرابات سياسية واجتماعية، كما اعتبرت المنظمات الدولية ان الغذاء يكلف الأسر الفقيرة نصف دخلها الشهري، وان مليار انسان يعيشون اليوم تحت خط الفقر، بدخل أقل من دولار يومياً.
وكالعادة يبحث العالم عن المتهم الرئيسي لارتفاع الأسعار فلا يجد متهماً واحداً وإنما الكثير من المتهمين أولهم ارتفاع اسعار النفط إلى ارقام قياسية لم يشهدها العالم من قبل، وهذه الزيادة تستحق التساؤل عن أسبابها حيث ان الدول المنتجة للنفط لا تتدخل في زيادة سعره وإنما هو العرض والطلب، والنفط متوافر في العالم بكثرة، ولكن شركات النفط العالمية تتلاعب في أسعاره وتكسب المليارات من بيعه وتكريره.
كذلك تتجه الأنظار إلى الهند والصين اللتين ازداد دخل الفرد فيهما وازدادت طلباته على الغذاء وعلى شراء النفط، كما تتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة التي توجهت إلى تصنيع الوقود الحيوي من الغذاء بدلاً من استهلاكه للبشر، وهذه (جريمة ضد الإنسانية) كما ذكر مقرر (لجنة الحق في الغذاء)، كما ذكر (ديفيد كاميرون) من حزب المحافظين البريطاني بأننا نستطيع اطعام شخص لمدة عام كامل من الحبوب التي تستخدم لتعبئة صهريج وقود سيارة رياضية مرة واحدة. اما سياسات الدول الكبرى في التلاعب بالبيئة الزراعية لمنع انخفاض اسعارها والتسبب في الاحتباس الحراي الذي يؤثر على المواسم الزراعية والتحكم في كلفة البذور والمنشطات، والتخلص من أطنان من الحليب والمنتجات. وتقديم الدعم الزراعي للمزارعين في أوروبا وأميركا ما ادى لقتل الأسواق في الدول النامية، فهاييتي كانت تنتج أغلب احتياجاتها من الأرز وبعد ان أجبرت على فتح أسواقها أمام الأرز الأميركي أصبحت تستورد 80 في المئة من احتياجها وفقد سكانها 830 الف وظيفة في القطاع الزراعي.
(راجع بحث الكاتب سعود كابلي في موقع: السعودية تحت المجهر 6/8/2008).
إذاً فعلاج مشكلة غلاء الأسعار يتطلب جهداً عالمياً لمكافحتها وفهماً واسعاً للأسباب لكي لاتتحول بعض طبقات الشعب عندنا إلى ما تحت خط الفقر.
خطوات مباركة لباقر
لا شك ان ما قام به الأخ الفاضل وزير التجارة أحمد باقر من خطوات مباركة لعلاج قضية ارتفاع الأسعار يستحق منا الثناء حيث تركز على ثلاثة أمور:
1 - دعم السلع الأساسية لكي لا تعاني العائلات من ضغط الأسعار في تلك السلع.
2 - منع تصدير بعض السلع لكسر التلاعب الذي يقوم به البعض وتهريب خيرات البلد إلى الخارج.
3 - العمل على وضع نظام لمراقبة أسعار السلع ومعاقبة التجار المتلاعبين فيها.
عسى الله تعالى أن يعينه على خطواته وأن يحفظ بلادنا من شر الغلاء.
د. وائل الحساوي
[email protected]